صحيفة المثقف

أمانة ضميرية

وداد فرحانما يراد من حرية الرأي والتعبير هو الايمان بالآراء المختلفة، ووضعها على طاولة النقاش أو في أيدي المتلقي، دون الخضوع لسلطة التقييد أو الإذعان الى نظرية الأمر الواقع.

 فالحرية هي نقيض الاستعباد وهي الجرأة في الطرح والتعبير عن الكلمة، بل هي الشجاعة التي لا تقيدها أو ترهبها سلطة الفرض.

كلنا نعرف ان الأصل في الحرية ليس منحة تتكرم بها الظروف المحيطة، ولا ترتبط بالظروف المفروضة لممارستها تحت ذريعة المنهج والالتزام بمسار دون غيره، انها الأصل منذ صرخة الحياة الإنسانية الاولى، عليه يتحتم ممارستها بصورة علنية مباشرة دون شرط أو قيد.

إن الكلمة الحرة في ميدانها وممارسة التعبير عنها في وسائلها المتاحة، يعد أمانة ضميرية ثقيلة، تفرض علينا التجرد من الانحياز، او الانقياد، والى عدم الإذعان الى القيود والضغوط والشروط، بل تفرض في اساسياتها محاربة الابتزاز، والعمل في الضوء الناصع الذي يطهر الكلمة من مظاهر التحريف والإضلال والتنميق.

إن الاستعباد الإعلامي يراد به التحكم في الفكر وصياغته وفق ارادات قسرية، تبعده عن طبيعته وتطوعه باتجاه التقديس والطاعة الممنهجة، ضمن دكتاتوريات تفرط بفطرية الحرية والتعبير الواقعي لها، فتضعها تحت سلوكيات استبدادية، تلوح بالعصا تارة وبالجزرة تارة اخرى.

وفي الوقت الذي يناشد الصحفيون بالحماية الدولية، فقد صدرت قوانين دولية عديدة لحماية الصحفيين وتمكينهم من الدفاع عن حقوقهم في زمن السلم وحالات الحرب والنزاعات، لكنها اسفا بقيت حبرا على ورق.

إن حرية التعبير منهج مقدس يدعم الفكر ويصوب المعلومة، إذا ما انتهجت القويم من الوسائل المشروعة، بالضد من المتزلفين الذين ينظرون الى الجزرة، ليس خوفا من العصا بل تملقا للمستبد، وطمعا بالمكارم.

إن الضمير هو محرك الفكر وصانع الكلمة في قوالب بيئتها الطبيعية ضمن مسار الإنسانية والقيم المشتركة. 

ومن أجل هذا الضمير يتساقط أحرار الكلمة بكواتم الصوت، أو بالاغتيالات، او في غياهب الجب.

 

وداد فرحان - سيدني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم