صحيفة المثقف

حقيقة الوجود في ادب سارتر

علي محمد اليوسفبنى كل من (سارتر) واكثر منه فعل (بيكيت) صاحب ادب و مسرح اللامعقول ارثا فلسفيا قائما بذاته في محاولتيهما توظيف (الصمت) معطى ادراكيا، في التأمل العميق والغور في مأساة الانسان الوجودية واغترابه المصيري الازلي.. فحاولت الوجودية ان تجعل من الصمت ادراكا متكاملا عقليا (تعجز) اللغة عن التعبير عنه كما في اغتراب اللغة الذي المحنا له في اكثر من مقالة في التجربة الصوفية الاصيلة الذي تنعدم فيه اللغة التداولية مجتمعيا.

هذا الصمت  الوجودي اليائس (صراخ) مكتوم وعقيم، ملئ بالاثارة والتمرد والرفض واللعنة والقلق وعبث الوجود ولا معنى الحياة، صراخ قهري اضطهادي منكفيء من انسان مسلوب الارادة، مغيّب عن فهم المعنى الحقيقي للحياة ابعد من بايالوجيا تفاهتها اليومية، يركن اليه ويستعيد اطمئنانه ويودع قلقه في الوجود، هذا الصمت صراخ الالم حد التمزق يتحول في شخوص وروايات سارتر وصوموئيل بيكيت وكامو واوجين اونيسكو الى عبث اغترابي مازوشي او سادي،واحيانا الى عطالة انكفائية وجودية تجتر مصيرها بحتمية الموت، تلك الحقيقة الوحيدة في الحياة التي تحزم الوجود الانساني بعشرات من الاسئلة الفاقدة لأي معنى.

فهناك نص تمثيلي (1)، تحت عنوان مشهد بلا كلام، صمت شخوص المشهد فيه صمت انزلاق دبق طوعي منحدر نحو عتمة الداخل والظلام المطبق يمعن في ايحائية تكريس نوازع اغترابية مفروضة قسرا تعيشها الشخوص متشيئة بسلبية اغترابها. تنضح باعدام الوجود وتفريغه من أي معنى ادراكي معقلن لما يعرض امام المشاهد. مبعثه الحساسية المشلولة التي يتحول كل فعل لديها مهما كان الى لغز محيّر يضّخم سلبية اغترابية الوجود الانساني وتعقيم ارادته اكثرفي اللامعنى واللاجدوى ...

يقول (موريك كرانستون) في كتابه (سارتر بين الفلسفة والادب) عن مسرحية سارتر (جلسة سرية) ان هناك شئ ينساه نقاد سارتر احيانا الا هو ان جميع الشخوص ميتة انها لم تعد كائنات حية حرة، ان حياتها منتهية رغم انها بلا ماهيات الا ان لها تاريخ حياة فاذا صغنا كلامنا بطريقة اخرى مكّنا القول انها بلا مستقبل ولم تعد لها مشاريع بمعنى ان امكانية خلاصها، لم تعد متاحة لها(2).

وفي كتاب سارتر (نقد العقل الجدلي) عام 1961 يدور موضوعه حول الانسان في الجماهير، في مقابل الانسان في العلاقات الاجتماعية الجمعية بدلا من العلاقات الشخصية. وكان الكتاب بواكير تفكير سارتر التخلي عن اصوله الماركسية التي رافقته مدة ليست قصيرة فقد حاول سارتر في هذا الكتاب ابتداع ماركسية جديدة مشّذبة ومنقّحة على الطريقة الوجودية فيقول (وهكذا في مجتمع بلا طبقات وبلا دكتاتورية وبلا ثبات سينتهي الادب الى ان يصبح واعيا بنفسه سيفهم الشكل والمضمون والجمهور والموضوع واحد. وان الحرية الشكلية للكلام والحرية المادية للعمل تكملان بعضها. وان من الافضل له ان يظهر ذاتية الشخص عندما يحول معظم الحاجات الجمعية والمتبادلة الى وظيفة.. ان ينقل المطلق المحسوس الى المطلق المحسوس وان نهايته هي ان يستجيب لحرية الناس حتى يمكن ان يحققوا ويقرروا حكم الحرية الانسانية)(3).

ثمة ظاهرة اخرى تذهب لها ادبيات الوجودية في سلبية اغترابها ابعد مدى من لا جدوى اللغة ولا جدوى الصمت وابعد مدى من التصرف المنفلت لدى ابطالها… اذ يؤكد سارتر مع اربعة نماذج من ابطال رواياته ومسرحياته حقيقة وجودية من غرائب الفلسفة الوجودية التي لا حصر لها، وهي ان فعل التصرف على وفق ارادة اخلاقية انسانية مسبقة او اختيار مبدئي سياسي او اجتماعي انما هو محض هراء وسخف وحماقة لا طائل من وراءه… وايمان الانسان (بمبدأ) اخلاقي او ايديولوجي ربما يكون الخطأ بعينه في واقع زائف انفصامي يتوزعه اختلاف المعلن عنه عن المسكوت. غير حقيقي يعيشه الانسان رغما عنه، ولا يمكن تصحيحه او التراجع عنه او تبديل نتائجه الماساوية وكل تصرف يبدو لنا وبمقاييسنا الطبيعية (مبدئيا اخلاقيا) انما ينطوي بداخله على ادامة عقدة الذنب وتأنيب الضمير والندم الذي يلازم صاحبه بعد فوات الاوان وانتفاء الجدوى في محاولة تصحيح خطأ تجاوزته اللحظة الزمنية كي يصبح ماضيا يصعب سحبه وامكانية تخليصه من فشله القاتل . وان فعل الارادة الحرة القائم على معطيات عقلانية اخلاقية مبدئية تبدو لنا بديهة مثلى للتطابق النظيف مع الضمير وخدمة اهداف تاريخية انسانية وفردية… انما تمثل لنا (ظاهر) الامور والجزء الطافي على السطح وهي غيرها التي تعتمل في الاعماق فلا يشترك ما يبدو لنا بسماته الاخلاقية المثالية السامية صحيحا، وانما في حقيقته قد يكون انحطاطا لا بل هو الخطأ القاتل بعينه الذي لا يمكن التراجع عنه او تصحيحه… باختصار ان ظل الحقيقة في الوجود المعيشي الزائف هو الحقيقة التي نحياها بكل جدية اذ لابديل غير ذلك، والاصل الحقيقي للوجود لا يدركه الانسان ولا يستطيع ان يعيشه وهو عدم غير معاش ولا مدرك .  .

وامام هذا (المبدأ!!) الوجودي السارتري او الاصح المبدئي الزائف يصبح تصرف أي انسان بدافع (اخلاقي) او (انساني) وهما وخطأ لايمكن تصحيحه او التراجع المسبق عنه، يوقع بصاحبه بل يسمه بالخزي بدلا من التصعيد الذاتي المعنوي الاعلائي لوجوده … ولا ينصح سارتر قارئوه او مشاهدوه ان يجتنبوا مثل هذه الامور واذا ما فعل فهل يصبح الركض وراء ظل كل حقيقة هو معنى للحياة!؟ وان كل تعاملنا مع ما نعتبره حقائق هي التي تحدد علاقاتنا بالخطأ والوجود الزائف!؟ وماذا ستكون النتيجة !؟

اذا اعتبرنا ان شخصيات سارتر ليست واقعية وانما هي افكار منمطة فلسفيا وجوديا متشيئة، وهذه هي حقيقة الادب عامة وليس حقيقة الادب التي ينفرد به سارتر دون غيره، فشخوص أي عمل ادبي هي ليست حقيقية في وجودها وعلاقتها بالواقع العياني الذي نحياه ونعيشه، ربما يستمد الادباء مما يبدو واقعيا حقيقيا في اعمالهم الادبية، لكنما تبقى تلك الشخوص غير حقيقية ولا واقعية في الحياة .

عليه نختار التهمة السهلة لندمغ سارتر في مؤلفاته الادبية، انه المؤلف الاغترابي الناقم مازوشيا في تشييئه العالم باجمعه ويسخر من حقائقه الزائفة الوهمية، ولا يبدو هذا تهمة غير منصفة تلصق بالاديب الفيلسوف سارتر امام هذه المفارقات التالية التي سأدرجها:-

في قصة (الجدار) يقوم بطل (سارتر) (أبيتا) الجمهوري الاسباني المحكوم بالاعدام مع اثنين آخرين من رفاقه يتم اعدامهما قبله ... فتشرق في نفس (أبيتا) وتنبعث من اعماقه رغبة اذكاء البطولة في ذاته وكيانه، وتأكيد شجاعته امام سجّانيه… وفي ساعات انتظاره تنفيذ حكم الاعدام فيه تسنح له فرصة التهكم والسخرية من سجانيه الفاشيست عندما يطلبون منه ان يدّلهم على مكان اختباء زعيمه في الحزب وزعيم المنظمة التي ينتسب لها (جريس) في مقابل ابقائهم على حياته… فيستجيب لطلبهم بدافع السخرية منهم واذلالهم بلعبته التهكمية الساخرة .. فيخبرهم (كذبا) على ان زعيم المنظمة (جريس) يختبئ الان في احدى المقابر، ظنا منه انه على يقين تام ان زعيم المنظمة (جريس) قد استبدل مخبأه الى آخر غيره وترك المقبرة الى مكان اكثر اماناً… وتأتى المفارقة السارترية المفجعة لـ (أبيتا) عندما يعلمونه انهم قبضوا على (جريس) في نفس المكان الذي ارشدهم عليه في المقبرة، وتم اعدامه ويمنح (أبيتا) اقسى مكافأة على فعلته في الابقاء على حياته ويخسر حلمه الشخصي وحلم مبادئه التي نذر حياته من اجلها وامنيته كانت ان يستشهد ويموت ببطولة(4) .

نفس المفارقة المقصودة المرسومة وليست المفارقة الصدفة يتكرر المشهد المأساة مع نموذج ثان في مسرحية سارتر (الايادي القذرة) عندما يكلف الشيوعي الشاب (هوجو) من قبل الحزب الشيوعي في مهمة تصفية (هودرر) جسديا واغتياله، (هودرر) احد زعماء الحزب الذي باع طموحات العمال ومطاليبهم المشروعة وامالهم للطبقة البرجوازية الحاكمة في احدى دول البلقان، وخان المبادئ… وينفّذ الشاب المتحمس (هوجو) قرار الحزب بتصفية (هودرر) وقتله كخائن للحزب والمباديء .. ليجد بعد تنفيذه حكم الاعدام بـ (هودرر) من قبل الحزب، بان الذين جاءوا من بعده املا في تصحيح انحرافات زعيمهم المقتول اقروا بالاجماع بان خط الحزب الجديد واستراتيجيته القادمة اصبحتا هما نفسيهما (المنهج) الذي كان يتبعه (هودرر) قبل تصفيته، التي اراد استكمال المسيرة فيه ضمانا لصالح الحزب وليس خيانة لمبادئه في تحالفه التكتيكي مع البرجوازية، ويخسر الشاب (هوجو) منفذ عملية التصفية الجسدية، رغبته الاكيدة في اذكاء شعلة البطولة النبيلة والمبدئية في نفسه وامام رفاقه في الحزب ليصبح فيما بعد انسانا محطما مبدئيا وعقليا وجسديا(5).

ويتكرر نفس المصير مع نموذج ثالث في سيناريو فيلم وضعه سارتر بعنوان (الدوامة)(6) في اتفاق بعض رفاق الدولة الاشتراكية التي يحكمونها على الاطاحة بزعيمهم (جان) وضرورة ازاحته عن دفة الزعامة والاطاحة به بذريعة عجزه عن تطبيق مبادئ الحزب فلا يقدم على تأميم نفط بلاده ويتردد كثيرا باتخاذ قرار بذلك امام الحاح اعضاء في الحزب والقواعد الجماهيرية التي تطالبه بتنفيذ هذا المطلب الوطني الملح، وهو يتردد تحسبا من غضب دولة كبرى مناوئة لنظامه مجاورة لبلاده… مما يجعل احد اعز اصدقائه المقربين –بروتوس مع يوليوس قيصر – يقدم بالتعاون مع مجموعة من رفاقه العسكريين من الاطاحة به… ،وقتله ليجد هؤلاء الانقلابيون ان ما قاموا بتنفيذه والاقدام عليه كان خطأ استراتيجيا قاتلا يجب ان يدفعوا ثمنه ولم يكتفوا بعدم تأميم النفط وعدم تنفيذ افكارهم وحسب وانما استقبلوا سفير تلك الدولة المجاورة الكبرى واستمروا بحكم البلاد على نفس نهج وتوجه زعيمهم المغدور (جان) الذي كان مبدئيا في انتهاج سياسة الحزب السليمة قبل اغتياله بتهمة خيانة مباديء الحزب.

تتكرر هذه المفارقة العجيبة مع نموذج رابع ايضا لسارتر عندما يحكم على (بنجا) المتهم بالخيانة بالاعدام من قبل محاكمة حزبية مؤلفة من رفاقه، فتقرر لجنة التنظيم الحزبي اعدامه وتصفيته وتعهد الى (لوسين) تنفيذ حكم الحزب باعدام (بنجا) لكن لوسين يرفض وهو في اللجنة لا يؤمن في تسوية الحسابات الحزبية بوسائل التصفية الجسدية ... وانما يؤمن بالتطبيق السلمي لحل الخلافات والمنازعات، فيعفيه مسؤول التنظيم ليقوم هذا الاخير بنفسه بالاقدام على انجاز المهمة ويردي (بنجا) صريعا مضرجا بدمائه... برصاصات من مسدسه ... الا ان (بنجا) قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة ردد على مسامع رفاقه انه برئ وان اغتياله كان عملا وضيعاً ودنيئاً ... وسرعان ما يتأكد للرفاق صحة ادعاء (بنجا) ببرائته لكن بعد فوات الاوان ...

السؤال ماذا اراد (سارتر) ان يوصل للقارئ من خلال (تصنيع) هذه المفارقات الغرائبية اللامعقولة لا مبدئيا ولا اخلاقيا ولا مجتمعيا!؟

الجواب المباشر انه ربما اراد سارتر في اعماله هذه الادبية والمسرحية، ادانة اسلوب العمل الثوري في الاحزاب والتنظيمات التي  تدير شؤونها بايديولوجيا العماء التنفيذي،(نفّذ ثم ناقش) وهذا تحليل وجواب جاهز سريع ربما اراد منه سارتر ادانة النهج الايديولوجي للاحزاب الشيوعية واحزاب العالم الثالث الثورية، بعد انسحابه من الحزب الشيوعي الفرنسي، وهاجم طروحات الماركسية والمادي التاريخية بعداء فكري منهجي فلسفي، ممهدا الطريق امام اقطاب الفلسفة البنيوية الانسحاب من الحزب الشيوعي الفرنسي لعل في مقدمتهم شتراوس و التوسير في مهاجمته غير الموفقة لكتاب راس المال.

برأينا ربما قد تحمل هذه المفارقة المصادفة اكثر مما  تتحمل لكنها صادرة عن فيلسوف ترك اعماله تقريبا بلا نهايات متفق عليها في التفسير، نقول ان سارتر من خلال مصير نماذجه الاربعة المأساوية التي عرضناها اراد التأكيد على مفارقات وجودية فلسفية هي ان معظم افعال الانسان ان لم يكن احيانا جميعها التي تبدو لفاعلها ومعايشتها من الاخرين انها (حقيقية) و(مبدئية) و(انسانية) و(شريفة) ما هي الا قيم فارغة مجوّفة وهمية زائفة تحكم حياتنا بظواهرها الكاذبة والمضللة باسم الواقع الذي يتبدى لنا اننا يجب ان نصنعه في منتهى الكمال الاخلاقي ... واذا بنا نكتشف جذوره تستقي من مستنقع الرذيلة... وان تاريخ الانسان بمجمله عبارة عن مجموعة من المصادفات الكاذبة الخادعة التي طمس زيفها التاريخ الحقيقي الذي لم يكتب ولم يطلع عليه الانسان... اراد سارتر او لم يرد ان ما وصلنا وعلينا فهمه واستيعابه بان (الحقيقة) ليس ما يفعله الانسان وتخلقه الارادات وتوجده القناعات وليس هو ما يقدم الانسان على تنفيذه بقناعة مثالية في الواقع... وانما الحقيقة هي في ما لم يفعله الانسان ويقدم عليه بل وأضاعه في ارتكابه الحماقة طيلة تاريخه المنصرم الطويل ... الحقيقة ان ما يبدو طبيعيا عقلانيا للانسان  وهدف نبيل ما هو الا محض خرافة اسطورية ووهم خيالي يمنح الانسان نوعا من التوازن الاقتناعي المصنوع على وفق ما يتمنى هو – أي الانسان – ان يكون عليه الواقع ويرغبه ويتمناه ... تأمل هذه العبارات لسارتر : (اذا شككت ان الحوادث المستقبلية للبطل قد تحدث مقدما عن طريق الوراثة او التأثير الاجتماعي او اية الية اخرى فان مدّي يتحول الى جزر ويرتد الي فلا تبقى الا نفس وهي تقرأ وتثابر وقد واجهها كتاب جامد)(7). وان كل ادراكات الانسان الحسية والعقلية في فهم الوجود وفهم العالم تقود الى اغترابية سلبية لان (العدم كامن في قلب الوجود اشبه بالدودة)(8)، و(الانسان هو الكائن الذي يظهر العدم من خلاله الى العالم)(9).

ان مشكلة (سارتر) هي مشكلة (ايكليزياستس) كما يقول كولن ولسن اذ لاشئ يستحق بذل أي مجهود وانه اذا كانت التجارب الانسانية كلها تتصف بالتفاهة واللاجدوى والرتابة اليومية التكرارية، فليس ذلك راجعا الى خطأ في الاشياء او النظام الطبيعي وانما الى (حماقة) الانسان. وفي مسرحية (النوتة) لسارتر يصل قمة التشاؤم والتلاعب بالمصير الوجودي الانساني فبطل المسرحية قاتل نازي هرب من ضميره المعذب الى (وهم) ذاتي ابتدعه لنفسه وحينما زال وهمه المصطنع انتحر(10).

 

علي محمد اليوسف / الموصل

.....................

(1) نقلا عن موريك كرانستون/ سارتر بين الفلسفة والادب ص152.

(2) نفس المصدر ص93 .

(3) نفس المصدر السابق ص190 .

(4) نقلا بتصرف عن نفس المصدر السابق ص 192.

(5) نقلا بتصرف عن نفس المصدر السابق.

(6) نفس المصدر السابق.

(7)  نفس المصدر السابق.

(8) ما بعد اللامنتمي، كولن ولسن، ص126

(9)  نفس المصدر السابق.

(10) اللامنتمي، كولن ولسن ص87.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم