صحيفة المثقف

الشك

صبيحة شبركما النهر الرقراق ينساب من بين يديك، تتبخر سويعات الهناء، وتولي لحظات بهاء اليقين، أكان حلما جميلا، انتهى لحظة جفاك الكرى، وحل بأيامك سهاد مرير، لماذا تتراءى لك البهجة، كسراب شمس قائظة، يسيل فيها من قلوبنا تعب غزير، لا طاقة لنا باحتماله، وتتوالى علينا كؤوس الهم والعناء، نتجرعها حتى الثمالة، ضاعت كل أحلامك، وولت طيور الفرح، جارية من أرضك الجدباء، لتحل في حقول أخرى تعرف ما معنى السرور، لم يهجر المرء فيها غناء العنادل؟، إلى عواء متواصل كئيب، أية لعنة حلت ببابك، فأحالت سنابل قمحك إلى عجاف، تركتك الأيام ثكلى، ودعت المسرات في دنيا بعيدة، وحان لها أن ترتوي من ماء أجاج ...

لمَ تهزم أيامك وتعبس لياليك؟ أليست الحياة مدا وجزرا، وفرصا سانحة، يحسن الفطن اقتناصها، ليفوز باللذات، وينأى عن الكآبة والضياع؟ وأية لذات تحلمين بها، وكأس الحنظل يفتح فاه مرحبا، شامتا بما حل بك من جفاف .....يصدأ عندك الشعور، وتهرب النعم ميممة وجهها، صوب شاطئ بعيد

بطاقة تهنئة بالعيد، وامرأة تلوح بفخر، تتصاغر أمام فتنتها الحسناوات، وصدر ناهد مرمري، عاري، وشعر ينسدل بتراخ فوق الكتفين، وكلمات قليلة مخطوطة بقلم أنيق :

- اذكرني، كلما لاحت لك صورتي

تؤخذين على حين غرة، هل أهرق احدهم فوقك ماء ثلج؟ لم تحسبي أن هذه اللحظة آتية، وان قناديل حياتك توشك على الانطفاء، ريح عاتية، تتلاعب بك، تكونين ريشة في مهبها، من هي المهيمنة على هذا المشهد المسرحي؟، تصدر أوامرها،فيسارع الملبّون بالطاعة؟ وأنت؟ تتنكر القوى الفاعلة، وكأنك نقطة في بحر عميق الغور، تطول حيرتك لمَ كل هذا؟ من تكون هذه؟ وكيف مرت بحياتك المسهدة الكئيبة؟ وكيف لا يخطر في بالك، انه يمكن أن تقابل تضحياتك الجسام بالنكران المبين، وتقابل أعمالك الناصعة بالهزء؟ ولمَ تتحول أيامك إلى علقم؟ وعلام تقابل حسناتك بالسيئات، ولمَ لا يكون الجزاء من جنس العمل، وماذا جنيت لتتضاعف على أم رأسك اللعنات، ويسقونك شراب الحنظل؟ وكنت المحسنة دائما..

تستبد بك التساؤلات، أي بحر متلاطم الأمواج، رموك فيه، وابعدوا عنك قوارب النجاة، لمن تتوجهين طالبة الإحسان، وقد سدت السبل بوجهك؟

قد تكونين الخاطئة؟ لماذا سمحت للأفعى أن تكون قريبة منك؟ ألم تخشي من انقلابها وتلون أفعالها؟

أتكون بطاقة يتيمة، قد أثارت بك فيضان المخاوف هذا، وأغرقتك في يم لا شاطئ له، وكيف يمكن لك أن تعلمي؟ قد تكون العديد من البطاقات الواعدة، تسيل أحلاما، وتجعل الأرض تميد تحتك؟، ألم يصاحبها أفعال تعزز لغتها المطمئنة؟ من جعلك بهذه الثقة، وزرع في نفسك جذور اليقين؟

تتقلبين في بحر من الجمر تتلاطم فيه الأمواج، أفكارك تضطرب في لجة عميقة الغور، عساك تهتدين إلى قرار، وكيف يمكن لمن لا يحسن السباحة، أن يعرف طبيعة البحار، وسر الأمواج المتصارعة فيها، هل ضاع كل ما بنيته، وتحملت تبعات أعمالك طوال هذه السنين، هل خطر في بالك انه مثلك، قُدّ من وفاء؟

لن تنهزمي، هل تمنحينه هدية للراغبات، وأنت ساغبة تنظرين، ومن يعيده إليك؟، تتفرجين... لا حول لك ولا قوة، هل ضاعت الآن الفرص؟ أليس بإمكانك تدارك الأمر، ما زالت الحكاية في بدايتها، فلتناضلي لاسترجاع حقك...

صديقتك أسماء لديها ما ترنو إليه نفسك، مشاهد آسرة،وأفلام أكيد مفعولها، عن كيفية إعادة الهاربين من أعشاشهم الصغيرة، تشاهدين ما قدمته لك أسماء، وتقلدين المشاهد ببراعة، وكأنك بطلة القصة، تبثين الرغبة في نفس أرهقتها صروف الحياة، تقبلين وتناجين وتناغين، ينهض الحبيب ملبيا، وتتحقق لك رغبتك، انتصرت على من يريد بك شرا، ولكن الفرحة العارمة ما تلبث أن تنقلب وبالا، لتحط على رأسك، وأنت في منتصف الطريق لتحقيق حلمك الطويل، والانتصار على من سلب منك جمال الحياة، واسترداد واهب النعيم، وساقي اللذات:

- كيف تأتى لك المهارة بهذا الفن؟ من علمك؟ هل أكون آخر من يعلم؟

 

صبيحة شبر

10 تشرين الثاني 2009

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم