صحيفة المثقف

الوصف الانتقاىئي في رواية "النبييذة"

صفاء الصالحيلم تبتعد كثيراً الروائية العراقية المقيمة في باريس انعام الكججي في منجزها الروائي الرابع  " النبيذة " الصادرة عن دار جديد عام 2017، عن رواياتها السابقة (الحفيدة الامريكية، وطشاري) اللآتي وصلن الى القائمة النهائية القصيرة  المرشحة للفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية  "البوكر" عامي 2009-و2014 على الترتيب . وعلى حد استشهادها بالمثل الفرنسي "لماذا نغير وصفة ناجحة" جواباً عن سؤال وجهتها لها صحيفة البيان الاماراتية : مرة جديدة بطلة روايتك أمرأة، بل وتتصدر صورة أمرأة غلاف الرواية، هل هذا بمحض مصادفة أم جاء عن قصد؟

لم تختلف رواية النبيذة عن سابقاتها (الحفيدة الامريكية، وطشاري) في تقديم الانثى كشخصية رئيسية (بطل الرواية) ووضع صورتها في العتبة النصية الاولى للرواية (الغلاف)، والصوت الانثوي راوياً، كما تشترك الرواية مع سابقاتها بإسترجاعها للواقعائع التاريخية، وفي الثيمة الرئيسية " الواقعية التاريخية، والتشتت والغربة والمعاناة التي يعاني منها الانسان العراقي بالعقود الاخيرة  "، لقد  انتقلت الكججي في روايتها بالمتلقي عبر الزمن في سرد احداث وقعت في الماضي  متخيلة او حقيقية، وأحياناً تحتوي على مزيج من شخصيات حقيقية ومتخيلة أو بالعكس، مع احداث حقيقية ومتخيلة، ولربما يكون الحدث حقيقي والشخصية متخيلة أو بالعكس، وبالاضافة الى ما ذكرنا  فقد احكمت البنية السردية لعناصرها (الحدث، والشخصيات، والمكان، والزمان) فشكلت معماراً نصياً رصت فيه الكلمات وتنضدت به الجمل، وتداخلت المقاطع السردية مع المقاطع الوصفية التي فرضت نفسها داخل النص . وقبل الولوج الى جوهر المقال وغايته لابد من تقديم نبذة مختصرة لتعرف القارئ بالرواية واحداثها :

تنطلق احداث الرواية وبطل الرواية والشخصية المحورية " مارتن شاميون " جالسة بالقرب من النافذة في القطار فتتخيل ان ماضيها قد ارتمى عليها شامتاً بالمقعد المقابل ص7، قبل ان تنتقل الى المستشفى العسكري في باريس برفقة البطل الثاني في الرواية " وديان الملاح "  التي تعرفت عليها عند بوابة معهد العالم العربي في باريس، فتنشأ بينهما علاقة حميمية كأم وابنة تربطهما بغداد، لكنهما قطبان سالب وموجب، عاشت مارتين  شامبون  بنت لحظتها تتبع رغباتها وعاشت أنوثتها كما تشتهي، اما وديان الملاح عصية على الحب تشتهي وتتمنع، ثم تكون وديان شاهدة على حياة الصحفية التي لفت الأنظار " تاجي عبد المجيد الشريفي" وتميط اللثام عن أسرار حياتها الصحفية وقربها من الطبقة السياسية، وحياة المنفى والاغتراب، ومغامراتها العاطفية والغرامية لاسيما مع البطل الثالث في الرواية الصحفي (منصولر البادي) التي تعرفت عليه في أذاعة كراتشي وتنشأ بينهما قصة حب حالت الأقدار والمسافات دون أكتمالها فيفيش المراهقان الأشيبان حبهما على الورق .أرتدت الشخصية المحورية اسماء كثيرة وخلعتها (تاج الملوك، وتاجي عبدالمجيد الشريفي، ومارتين شامبيون) . لقد احتلت الشخصيات الشخصيات الرئيسية الثلاثة (تاج الملوك،  ووديان الملاح ، ومنصور البادي) على مساحة كبيرة من المتن السردي للرواية ولكل بطل قصته المستقلة، وتوزعت أحادث الرواية  على استرجاع ذكريات الماضي في بلدان الشتات البعيدة بفعل التذكر لأحداث مر عليها ثمانية عقود من تاريخ العراق المعاصر، حبلى بل المغامرات العاطفية والتحولات السياسية .

لقد شملت روايتها " نبيذة " على مقاطع وصفية متنوعة الاشكال والتعابير اورتها الكاتبة بإبداع حسب متطلبات الحاجة الفنية أو المبتغى الأدبي في وصف (الشخصية، ووصف الحدث ووصف المكان، ووصف الشئ) فالعيون الصحفية قد اتاحت للروائية دقة وصف عناصر البنية السردية لروايتها، وبلغة وصفية بسيطة لا تكلف اي عناء ذهني وقد صيغت بقالب ادبي جمالي، وقبل ان نؤشر على البعض من المقاطع الوصفية التي احتلت مواقع مختلفة في النص لابد من تقديم تعريف ماهية الوصف :

(عرض وتقديم الأشياء والكائنات والوقائع والحوادث (المجردة من الغاية والقصد) في وجودها المكاني عوضاً عن الزمني، وأرضيتها بدلاً من وظيفتها الزمنية ورهاناتها بدلاً من تتابعها، وهو تقليدياً يفترق عن السرد والتعليق ويمكن ان يقال عن اي وصف أنه يتألف من مضمون تيمة تشير الى الشئ او الكائن أو الحوادث (منزلاً مثلاَ) ومجموعة من التيمات الفرعية تشير الى الأجزاء المقابلة : (باب، غرفة، نافذة) وكذلك التيمات الفرعية يمكن  ان تتميز بنوعيتها (بصافتها) :  " كان الباب جميلاً  " و" كان الجدار أخضراً "، أو وظيفياً  أي وفقاً لوظيفتها أو استخدامها : " كانت الغرفة تستخدم فقط في مناسبات خاصة، والوصف يمكن ان يكون بشكل أو بأخر تفصيلاياً أو دقيقاً نموذجياً أو مؤسلباً أو على النقيض يتسم بإضفاء الفردية أو تجميلياً  أو تفسيرياً أو وظيفياً (مؤسساً لمزاج ونغمة فصل نصي ما محملاً بمعلومات تتعلق بالعقدة أو مسهماً في التشخيص أو مقدماً ومؤكداً لتيمة أو مراكز لصراع مستقبلي)(1) .

ويقوم الوصف على مبدأين متناقضين الأستقصاء والأنتقاء، فلبزاك على سبيل المثال كان من انصار الاستقصاء، ولم يترك تفصيلاً في مشهد ما الاذكره بخلاف ستاندال الذي كان يفضل الانتقاء تاركاً للقارئ مجالاً للأيحاء .(2) 

أما الوصف الاستقصائي وهو اسلوب شاع لدى الواقعيين يقوم على تجسيد الشئ بكل حذافيره بعيداً عن المتلقي أو أحساسه بهذا الشيئ وهو ان يقوم الكاتب بالتطرق الى جميع التفاصيل الصغيرة والكبيرة التي تخص الشيئ  المرتد وصفه .(3)

فأذا كان الوصف الاستقصائي يهتم بجميع التفاصيل، فان الوصف الانتقائي  يهتم بالأجزاء الرئيسية، التي تكون مهمة وتؤثر على الحركة السردية من حيث البناء ومن حيث الدلالة، فمهمة هذا النوع من الوصف انتقاء بعض الملامح والطبائع التي تتيح للمتلقي فرصة ملئ الفراغات التي يتركها الكاتب فهي فرصة لشد انتباه المتلقي والتأثير فيه ومشاركته  في النص السردي، وذلك بالبحث  عن الصفاة الأخرى التي لم يذكرها الكاتب داخل النص والتي تخص الشيئ الموصوف .(4)

وسنكتفي بذكر الجزئيات الهامة دون الاجزاء التفصيلية  تحاشيتً من الإطالة وسنفتصر ذلك في وصف الشخصيات لما لها دور مهم في كشف ملامح الشخية وطبائعها، ووصف المكان لمعرفة مكان الشخصيات وألإطار التي تدور فيها الأحداث .

لقد كانت شخصيات الرواية ذوات متحركة عبر أزمنة وأمكنة مختلفة وجاء وصفها أما على لسان الراوي أو على لسان أحد الشخصيات، وورد الوصف بصور وكيفيات مختلفة  وأن وصف الأشخاص داخلياً وخاجياً مرتبط الى حد ما بوصف الأمكنة التي تظهر فيها الشخصيات وسنتناول هنا الشخصيات الرئيسة الثلاثة في الرواية دون تناول الشخصيات الآخرى بحكم أنها  شخصيات ثانوية .

تركز وصف الشخصية المحورية تاج الملوك على الوصف الخارجي والداخلي:

1- تحركت في ارجاء الحديقة، ماشقة قامتها في بدلتها الكحلية التي لا تملك غيرها للمناسبات، تحايلت عليه بياقة بيضاء جديدة مطرزة بلآلي كاذبة، خصرها دقيق ومروحيتها اليدوية فراشة كبيرة ترفرف أمام وجهها، ملامحها السمراء تحدد اختلافها عن المدعوات الأجنبيات ص21 .

2- أرى في الصورة فاتنة ذات شعر قصير، ترتدي فستاناً فستقياً  وبوليرو قصيراً مخرماً، دائماً بوليرو، تتكئ بذراعين مكشوفتين على سياج السفينة ملقية عليه ما يبدو ثقل حسرتها فمها منغرج بضحكة تكشف اسنانها كأنها تعرض شفتيها على الشاب الحزين الواقف على رصيف الميناء عيناها ناعستان تنظران للكاميرا تدعوان المصور أشبع مني ! ص45 .

3- تنفر من المجوهرات الصفراء في العنق والمعاصم، زينتها في لسانها، حجتها ونطقها الجميل، ومحفوظاتها من الشعر عسل اللغة، لسانها حصانها عند اللزوم تصونه في فمها، صمتها مثير بليغ في أوانه، اما الخفي من زينتها كامن في عينيها تتقصد في أستخدامه تخبئه خلف النظارة الغامقة، ثروة طبيعية لا تجاهر بها فيما لا ينفع ص123 .

4- انها كانت قنبلة جنسية، كلما ورد كلمة الجنس تعثرت عربيتها، تهرب الى الفرنسية لتخفيف المسميات تقول " بونب سكسويل " ولا يرف لها جفن، تقدم نفسها رمانة شهية بقشرة سميكة ، تتعب الضمين، تخلخل أسنانهم، متقشفة في أحاسيسها، ولها طبع الرجال في النساء، تستبقي الواحد منهم ليلة ثم تطرده من فراشها ص42.

أما وصف الكاتبة لشخصية وديان الملاح تكز على وصف البعد النفسي وشعورها بالضياع والإستلاب وما تعانيه من أغترا نفسي وعاطفي :

1- كاملة بحواسي الخمسة، هكذا ولدتني أمي أبصر، وأسمع، وألمس وأتذوق، وأشم لكن الأستاذ أحب ان يسلب إحداها هكذا بقرارمنه، أصبحت على حافة الصم، أستعين بلوزتين الكترونيتين أدسها في كل إذن تكبر لي صوت التلفزيون، ورنين الجرس وأحاديث من حولي،، أسمع ابواق السيارات ويفوتني حفيف الشجر، ونقيق الضفادع وهسيس النار، وهمسة اشتاق لها، أرى الموج يتكسر  على جرف النهر ولا تصلني طبطبة الموجة على الموجة، ترفرف أجنحة الحمام خرساء فوق راسي، وغطاء إبريق الشاي يطفو فوق فورة الماء بسكون، لا منبه يوقظني، صارعلي أن أسمع العالم بعيني ص162 .

2- تلومني لأني خالية أنانية، لااظل رجلاً بفيئ انوثتي، وكنت اتقبل تعليقاتها وأبتسم أو أنحرج، أنطوي على همي وأحسدها على أخضرار روحها،أن قلبها أشب من قلبي ص145 .

3-أما أنا فقد غادرت ارض التخيلات، ودعت شياطيني وتبت الى رب أؤمن به، بدءت أتردد على حلقات حوار الأديان، أغطي رأسي بوشاح، على خطى تاجي، وأسأل الشيوخ عن حكم سماع الموسيقى ص324.

وتركز وصف منصور البادي على البعد الجسمي والبعد الاجتماعي بالإضافة الى محمولاته الفكرية والثقافية :

1- أبن أكابر مزهو بأعوامه العشرين، قامة نحيلة مثل رمح، شعره سرح لامع ممشط الى الوراء،خصلة على الجبين على طريقة روبرت ميتشوم الممثل الصاعد المنشورة أخباره في الصحف، يرطن مثله بالإنكليزية، ويحفظ عشرات الأبيات من المعلقات يرددها بطريقة شامية ص170 .

2- محرر شاب ذو شارب خفيف أشقر وشعر لامع، أليف الطباع و تشعر أ، محنة ربته وانضجته مثلما ربتها، راقبته يترجم نصوص من الإنكليزية، انتبهت أنه يبث فيها تفاصيل مشوقة من عندياته، يعرب القصص الاجنبية ويكت مسلسلات غير مألوفة للمستمع الشرقي ص176 .

3- لا ينسى ذلك اليوم الذي هزه وكاد يشل ساقيه، كان يمر فيه أمام مخملر للموز حين سمع الراديو داخل المحل، يعلن أن اسرائيل عضو في الأمم المتحدة  إستند الى الجدار خشية السقوط، والشمس كانت تضرب رأسه صارت لهى قبضات أضافية، عاد الى غرفته ليكتب مقالاً عن الموضوع ص201 .

4- إحساسي الكامل بإنتمائي وأصلي، هناك وطن عربي كبير لم تزده هجرتي الا تجذراً في تربة روحي، كنت أتعقب الى جانب عملي التجاري في فنزويلا، كل ما يحدث في بلادنا كأنه يقع هنا على الرصيف المتقابل، هل كنت مجنوناً من مجانين العروبة، أم أن أغترابي زرع بذرة الذنب في تربة ضميري ؟ أسأل نفسي وأنا أستلقي على السرير بعد نهار عمل يوم شاق ص270 .

تتابع الكاتبة انعام كججي جولات شخصياتها عبر أمكنة مختلفة توزعت على قارتا (اسيا، وأوربا، وأمريكا اللاتينية) حتى القول بأنها رواية عالمية، وكانت الأماكن سواء المغتوحة والمغلقة المساحة التي تأطرت فيها الأحداث وتشكلت بها الشخصيات وتجلت بها عواطفها وأنفعالاتها . لقد انتقت الكاتبة من العلم المرئي بعض الأشياء كلما أستدعت الضرورة لإستمرار الحركة السردية فرسمت المكان بالكلمات، ووصفت الأجزاء الرئيسية التي تكون مهمة وتؤثر على الحركة السردية من حيث البناء ومن حيث الدلالة وتاركتاً المتلقي أن يطلق العنان لمخيلته لملئ الفراغ، ولم توغل في التفاصيل الدقيقة الا بهدف الإيهام بالواقعية :

1- في بيت الكاظمية، ثلاث غرف تنفتح على مملر علوي واحد يطل على الحوش الداخلي المكشوف، لكل منهم واحدة، لم تفهم البنت لماذا يحتفظ رجل البيت بغرفة مخصوصة لنومه ولا يشارك أمها غرفتها، هناك مجلس صغير للنساء قريب من موقد الطبخ، يسمونه الحرم وآخر واسع قريب من باب البيت، ديوة خانة للضيوف من الرجال ص47 .

2- بعد اسبوع كانت حاضرة عند المرسم، دارت في الغرفة الفسيحة دورة كاملة، ثم عادت وتربعت على الاريكة الزرقاء، خلفها نافذة عريضة مفتوحة على بستان نخيل، وكلب ينبح من بعيد والمساء ينشر رائحته شبو الليل في حدائق الصليخ ص104 .

3- في شقتي بالطابق الثاني من عمارة في الطرف الغربي لباريس صار كرسي يحمل اسمها، يكفي انها من تلك المدينة المزروعة بين عيني، هذا مكان وديان، تنهض الجارة وتخليه لها، تحضر وازيح القط الرابض عليه، أنفضه وأمسد حشوته، لكي تجلس وتستريح كرسي وديان ص26 .

4 -شهقت امام بوابة القصر أسدان رخاميان على جانبي المدخل، البوابة هائلة وحجم الأسدين هائل، كل شيئ هائل أجواء خرافية لم أر مثلها من قبل ص164 .

5- في غرفة ليست بغرفة ولا مكتب  ولا صالة رياضية، مساحة كأنها بلا سقف،صعبة الإستيعاب، تنسحب أرضيتها وتتركني معلقة، اخطو على هاوية، أبحث عن زاوية تحتويني مكان دائري بدون اركان يقترب الكرسي مني وصوت أجش يخلخل اللاموجدات ص167 .

6- نادي اليخوت: الحديقة واسعة بدون ازهار، يجلسني هشام الى طاولة مع عائلة أكثر توتراً مني، شابان جميلتان مع شقيقهما المراهق، الاولى سمراء والثانية شقراء اصطناعية، لا نتبادل الأسماء نكتفي بالابتسام المتواطئ و الكل يستر على الكل، صخب ورقص وموسيقى، عطور تتداخل ببعضها، اضواء ملونة  تشتعل وتنطفئ مع اللحن، ندل يتحركون كالنحل، وصوان فضة فوق الرؤس، تهمس البنت الجالسة أن الأستاذ جالس فوق ص117 .

7- الى مبنى اليونسكو دخلت مع أضاء الوفد، بهو بشع من الإسمن الرمادي، ذو سقف عالي جداً وممرات فسيحة تقود الى عدة مصاعد وقاعات مرقمة، كلنا متأهب للحدث، نرتدي ربطات عنق جديدة، وننتعل أحذية ملمعة، نرفع الهامات ونحن نمشي  بمعيته و على جانبيه وأمامه، نهتدي بقامته العملاقة بين زحمة الحضور وهرج الكاميرات ص30 .

8- سر العظمة كثراً ما يكون في البساطة، حيث لا تغني خلب المظاهر عن سحر الجوهر، أن المنظلر الذي طالعني في غرفة الجوازات بمطار كراتشي  لم يكن سوى راية مثبتة في الجدار وخارطة رسم، وخيل الى إلي أن ذلن الهلال المتقارب الطرفين، المخيم على كوكب مهمش فوق بساط الخضرة القاتمة الى جانب خط عمودي ابيض لا يمثل  علم باكستان  فحسب بل يرمز الى تراث شيده الفاتحون المسلمون منذ ثلاثة عشر قرناً، وبعثته النهضة الاسلامية الحديثة الحاضرة في باكستان، وأما في الجهة المقابلة من الجدار فرأيت ابرز مافي الغرفة : مجرد صورة كبيرة في إاطار لرجل، والرجال تؤدي أدوارها في التاريخ ص217 .

وعلى الرغم من ان نصوص رواية النبيذة تنتمي الى الروايات الواقعية، وان الكججي من الكتاب الواقعيين، إلا أنها تبتعد عن الأستقصاء في الوصف، وان نسيج  وصفها مختلف اختلافاً كبيراً عن نصوص الواقعيين في الادب الفرنسي أمثال بلزاك زفلوبير، فتكتفي بتسمية الاشياء دون تجزئتها ويكون الوصف عاماً من غير اسهاب و وتكتفي في معظم الحالات بذكر الخطوط العريضة التي تخص الشيئ الموصوف  دون الوقوغ على التفاصيل، تاركتاً المتلقي البحث عن الصفاة الآخرى التي لم تذكرها داخل النص، محاولة منها لشد انتباهه والتأثير فيه ومشاركته في النص السردي .

أن التوصيف الأنتقائي للشخصيات والمكان غي رواية النبيذة أنجز وظيفته البنائية والدلالية، وأن لغة الرواية الوصفية انتقائية اقرب ماتكون الى لغة الصحافة الموجزة الخالية من الترهل   والسهلة والمبسطة لا تكلف القارئ اي عناء ذهني قد صيغت بقالب ادبي جمالي، وقد برعت عيون انعام الكججي الصحفية في التقاط التفاصيل، ودقة الملاحظة، وقد تجلت مهارتها اللغوية في الوصف .

فمن اللغة التي شذبتها الصحافة  وشفطت شحومها على حد تعبريها، ومهبتها الادبية باتت الكججي كأحد همزات الوصل البارزة بين الصحافة والادب  .

 

صفاء الصالحي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم