صحيفة المثقف

العقل والفكرة والآخرون

فاطمة المزروعيفي البعض من الأوقات نرتكب أخطاء طويلة الأمد، وأقصد أنها أخطاء تستمر معنا ويمضي الكثير من الوقت حتى ندرك أن هذه الطريقة غير صحيحة فنعود أدراجنا نعدل ونصحح، عندما نحاول أن نكون وفق ما يريده الآخرون لنا، هذا خطأ، وعندما نغير من طبائعنا وطرق تفكيرنا لتتناسب مع الآخر بهدف الاتفاق معه، فهذا أيضاً خطأ، قد يكون هذا الآخر معلمنا أو مديرنا أو حتى أقرب الناس لنا داخل منازلنا من الآباء والأمهات والأخوة وحتى الأقارب والصديقات المقربات.

عندما يحاول أحدنا التقليد أو التماشي مع الآخرين على حساب مقدراته وأفكاره ووجهات نظره، فهو في الحقيقية يلغي تماماً شخصيته ويلغي معنى أن يملك عقلاً مستقلاً وتفكيراً.

لا أريد لأحد أن يفهم أنها دعوة للتصادم مع الناس والاختلاف معهم، بل هي دعوة لمعرفة أفكارك والتعبير عنها وأيضاً لفتح ذهنك للتعلم والاستفادة من مختلف التعاملات.. أسوق مثالاً يوضح هذه النقطة وهو في مجال حيوي ومهم من حياتنا، فعندما يكون لدينا موعد لمقابلة عمل جديد، نتوتر ويظل هاجسنا في ما الذي سنقوله وما الذي سنتجنبه، وعندما يحين موعد المقابلة نكون كالآلة تردد ما يريد صاحب العمل أن يسمعه، دون أن نذكر وجهات نظرنا ولا أفكارنا.. عندما سئل بول بوينتون، وهو خبير توظيف وعمل مقابلات عمل لأكثر من ستين ألف طالب، وهو مؤلف كتاب ست طرق للحصول على عمل، عندما سئل عن أكبر خطأ يرتكبه الباحثون عن وظيفة، قال: «إن أكبر خطأ يرتكبه طلاب العمل هو أنهم لا ينطلقون على سجاياهم، فبدلاً من أن يتحدثوا بصراحة عن أفكارهم وآرائهم، يحاولون أن يعطوك أجوبة يعتقدون أنك تريدها، لكن ذلك لا يفيد، لأن ما من أحد يريد عملة مزيفة». ويمكن أن نسقط هذا المثال على مختلف جوانب حياتنا، نعم لنكن على سجيتنا ونعبر عن أفكارنا بعفوية وببساطة، ولنحاول أن نقدم كل جديد للناس، فهذا ما يحتاجون إليه، وليس الاتفاق معهم وهز الرأس بالإيجاب، فأنت تملك العقل والفكرة، وهي ما قد يحتاج إليها الآخرون منك

 

فاطمة المزروعي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم