صحيفة المثقف

العراق في الوعي الداخلي.. إشكالية الإخفاق والإغراق

رائد عبيسلا تُرسم حدود الوعي بشكل نهائي إزاء أي قضية من قضايا الوطن، مالم يخلق لها وعي مشترك.و قد نغفل كثيرا عن مسائل رئيسية تمس حياتنا بشكل مباشر أو غير مباشر. تحتاج الى سؤال ؛

كيف يدرك عراقيو الداخل حجم الخراب الذي يطال بلدهم؟ واي قضية ومسألة وأمر يعنيهم من كل مشاكله؟

واي مشكلة من مشاكله توحدهم؟ هل الأمن او الغذاء او الحقوق او مستقبل البلد ومصيره؟

كل ما ذكرنا متفاوت في الاهتمامات الشعبية، ولا قضية جامعة لهم الا عندما يدق ناقوس الخطر بهم،وهذا ما هو خطر بعينه !  كيف؟ لان هناك قضايا مصيرية تبدد بطرق ناعمة ولكن دون من أن يشعر أو يهتم، مثلما الم الخطر بدخول داعش، وما قبله وما بعده، لو لا تدخل المرجعية الذي أنقذ الموقف، بينما المجتمع يتفرج حتى وصل داعش الى حدود بغداد. هذا مثل أما الأمثلة الأخرى فهي كثيرة ما يتعلق بالنفط، والكمارك،  والمستورد، والمنتجات و كل شيء أصبح تحت سيطرة العابثين الفاقدين لكل إرادة وطنية بحفظ العراق وخيراته، وذلك لأسباب معروفة تحيط بالعلاقات الحزبية أو دول الجوار أو دول كبرى، جاعلين من مصلحة البلد أضحوكة وكذبة كبيرة صدقها المجتمع،فبات الإحباط واليأس وعدم الايمان بقضايا الوطن ثقافة سائدة بين أبناءه.

فهناك وعي داخلي بوضع البلد، ولكن متمركز حول قضايا واهتمامات ذات بعد شخصي، أو سياسي أو محدود، بحيث أصبح السياسي الفاسد يدرك أن المجتمع الذي بهذا الوعي ممكن أن يمرر عليه كل شيء، وذاك بفعل الرتابة، والاعتياد،  واللامبالاة، والتسخيف، والإحباط، وغيرها من الأمور التي توحي بعدم الايمان بالوطن،  وحكومته،  ودولته،  وخدمته، ومسؤوليتنا أمامه. وبسبب ذلك ؛ عندما نلتقي عراقيو الخارج ندرك أنهم على دراية عالية بما لم نعلمه عن بلدنا ونحن في الداخل!! وذلك لعدة أسباب منها تكتم على حقائق كثيرة خوفا من الرأي العام المتذبذب وانعدام الشفافية، عدم معرفة عراقيو الداخل كشف روابط المصالح التي تريد الأحزاب والافراد من السياسيين بدول أخرى لهم بها مصالح مشتركة، كثرة الدراسات العلمية لمشاكل العراق وافتقادها في الداخل، وكثيرا ما يعجز عراقيو الداخل من تشخيص اسباب اخفاقهم في إدارة البلد،لذلك نجد كل طرف يلقي بالآئمة على الطرف الآخر، حتى أصبح العراق مائدة لك جائع الى الدم واللحم !!

سبب هذا الإخفاق هو الإغراق بمشاكل ثانوية لا مشاكل رئيسية، وهذه سياسة إلهاء وتشتيت الوعي الداخلي للمواطن العراقي. اتبعتها الأحزاب وأطراف دينية أو اجتماعية، لها مصلحة في ذلك لدعم ستراتيجيات خارجية. فإغراق المواطن بهمه، ومشاكله، وعوزه، وفقره،  وحرمانه جعلت منه يخفق في التفكير بتشخيص المشاكل الرئيسية للبلد، والمسبب لهذا الدمار، والهاءه عن طموح التغيير، وأشغاله عن الأحزاب واتباعها وسياستها العابثة بالبلاد.

ونتيجة ذلك نجد أن الوعي الداخلي مشوش الى حد تم تجاوز به كل الثوابت الوطنية، واهمال كل طموح للمواطن في صناعة امل جديد، لمستقبل أبناء العراق الذي ينتج بلدهم أ كبر طاقة نفطية، ممكن أن تجعل منه دولة كبرى، ومؤثرة في القرارات الدولية، ولكن قد حكمه من لا قرار له ولا وعي!!

 

دكتور رائد عبيس

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم