صحيفة المثقف

ورود الى أطفال اليمن

كاظم الموسويورود .. أجل ورود الى اطفال اليمن، لمن ولد أو توفي الان، لمن بقي حيا رغم كل ما يشاطره ويشارك فيه يوميا، لمن ذهب إلى مدرسته الباقية أو حرم من الذهاب لدمار بنايتها، لمن جلس في بيته منتظرا عودة والديه أو أحدهما من بقي له سالما منهما. حائرا بين انتظار أو خروج للعب مع من نجا من قصف بيته أو شارعه أو معمل عائلته أو مزرعة أقربائه، أو محيط ملعبه وساحة لقاءاته باقرانه أو من تبقى منهم حيا. اذا ما توفرت له مثل هذه الفرصة، فقد أصبح حتى التفكير باللعب لهؤلاء الأطفال أمرا اخر، لا يتوافق مع اليوميات التي يعيشها أو الأوضاع التي تحيط به. حيث أصبح الموت واقفا على راسه، إذ يموت طفل يمني كل عشر دقائق لأسباب كان يمكن تجنبها لولا الحرب. وبات اطفال اليمن في حالة صراع من اجل البقاء على قيد الحياة، ويعانون من الحرب والمجاعة وتفشي الأمراض والاؤبءة وفقدان الخدمات الأساسية والحصار والدمار والخراب.

حذرت منظمة "انقذوا الأطفال" الخيرية من أن "جيلا كاملا من الأطفال" يواجه خطر القتل وأن مليون طفل إضافي باتوا عرضة لخطر المجاعة في اليمن كل عام. وأشارت إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيمة العملة اليمنية وضع الكثير من العوائل اليمنية تحت خطر عدم القدرة على تأمين احتياجاتها الغذائية. وتضاعف هذا الخطر مع اندلاع القتال حول ميناء مدينة الحديدة الرئيسي، الذي يعد نقطة دخول معظم المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية.

وذكرت المنظمة الخيرية إن ما مجموعه 5.2 مليون طفل في اليمن يواجهون خطر المجاعة. ومن بين ما نجمت عن الحرب الدائرة في اليمن أزمة مالية وتأخر دفع رواتب المعلمين وموظفي الخدمة العامة في البلاد، ولم يستلم بعضهم أي أجور منذ أكثر من سنتين. وواجه أولئك الذين تلقوا أجورهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي ارتفعت أسعارها بنسبة 68 في المئة أكثر مما كانت عليه لحظة اندلاع الحرب.

كل طفل في اليمن تقريباً  يعتمد على المساعدات الإنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة. وأغلبها تقدمه منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة، اليونيسف، والشركاء الآخرون في المجال الإنساني، وهي ما تسهم في إنقاذ الحياة، وفسحة من الأمل.

"تعمل اليونيسف على توسيع نطاق تقديم الاستجابة، بما في ذلك إيصال الإمدادات العلاجية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وزيادة عدد مراكز العلاج، وتدريب العاملين في مجال الصحة ليقوموا بتشخيص حالات سوء التغذية في مراحلها المبكرة، وإحالة الأطفال إلى العلاج الذي يحتاجون إليه بشكل عاجل. تستمر الجهود الدؤوبة للحيلولة دون إصابة الأطفال بالمرض، بما في ذلك استمرار حملة التلقيح ضد شلل الأطفال، والتي وصلت إلى أكثر من 4 ملايين طفل حتى الآن.

"في اليمن اليوم أكبر استجابة إنسانية لليونيسف في العالم. لمواصلة الاستجابة لاحتياجات الأطفال، تحتاج اليونيسف إلى أكثر من نصف مليار دولار أمريكي لتنفيذ عملها في عام 2019. حسب مصادرها.

بينما أشارت منظمة هيومان رايتس ووتش الى ان قصف التحالف لحافلة أطفال في اليمن "جريمة حرب" وان نصف مليون طفل "سيموتون جوعا" في مناطق الحرب، حسب تقريرها عام 2018. كما أن الأمم المتحدة تصدر سنويا تقارير عن خوفها الشديد من خسارتها الحرب على المجاعة في اليمن.

 وتظل مخاوف من أن يؤدي القتال الدائر إلى إغلاق ميناء الحديدة أو تدمير منشآته، ما سيترك أثره في وصول تجهيزات المواد الأساسية التي تحتاجها البلاد لتجنب المجاعة وتكرار تفشي الكوليرا الذي أصاب نحو مليون شخص العام الماضي.

 قالت هيلي ثورننغ-شميدت، الرئيس التنفيذي للمنظمة الخيرية إن "ملايين الأطفال لا يعرفون متى يحصلون على وجبة غذاء قادمة، وهل أنهم سيحصلون عليها أصلا؟". وأضافت "في أحدى المستشفيات التي زرتها في شمالي اليمن، كان الأطفال من الضعف والهزال بحيث لا يستطيعون الصراخ، بعد أن ضعفت أجسادهم جراء الجوع". وأكملت أن تلك الحرب تضعنا أمام خطر "قتل جيل كامل من الأطفال في اليمن، يواجه أخطارا متعددة، بدءا من القنابل مرورا بالجوع وانتهاء بالأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا".

قالت المنظمة نفسها إنها عالجت 400 ألف طفل تحت سن الخامسة، في عام 2018، من سوء التغذية الحاد، محذرة من أن أكثر من 36 ألف طفل قد يموتون قبل نهاية العام.

صرح خِيرْت كابالاري، المدير الإقليمي لليونيسف في المنطقة، في ختام زيارته لليمن، نهاية العام الماضي: "من شأن الظروف المعيشية لأطفال اليمن أن تجلب العار على البشرية. لا يوجد عذر لمثل هذا الوضع السوداوي في القرن الـ 21. الحروب والأزمات الاقتصادية وعقود من التراجع في التنمية لا تستثني أي فتاة أو فتى في اليمن. معاناة الأطفال هذه كلها من صنع الإنسان.

واضاف: "إن حصيلة أربع سنوات تقريباً من الحرب في جميع أنحاء اليمن مرعبة، فأكثر من 2,700 طفل تجندوا للقتال في حرب الكبار. كما تحققنا من أن أكثر من 6,700 طفل قُتلوا أو أُصيبوا بجراح بالغة. اجبر حوالي 1.5  مليون طفل على النزوح، العديد منهم يعيشون حياة بعيدة كل البعد عن الطفولة. اليوم في اليمن، هنالك 7 مليون طفل يخلدون للنوم كل ليلة وهم جياع. في كل يوم يواجه 400 ألف طفل خطر سوء التغذية الحاد، ويتعرضون لخطر الموت في أي لحظة.  أكثر من 2 مليون طفل لا يذهبون إلى المدرسة، أما الذين يذهبون إلى المدرسة فيواجهون تعليم ذات جودة متدنية داخل غرف صفية مكتظة. ومن خلال تفاعلنا مع الأطفال يظهر بوضوح كم هذه الجراح النفسية والجسدية وخيمة وعميقة. وراء كل هذه الأرقام هنالك أطفال لهم أسماء ووجوه وعائلات وأصدقاء وقصص – لهم أحلام تحطّمت، وحَياة قطعت قبل فوات الأوان".

هذه الأرقام والحالات والأوضاع والاقوال الا تستدعي، رغم وقائعها القاسية، ورودا لكل طفل من اليمن اليوم؟!.

 

كاظم الموسوي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم