صحيفة المثقف

أليس ووترز: زراعة الأرض بدلاً من صناعة السيارات

(متى نقضي على مقولة هنري كيسنجر: "استهلكوا ونحن نفكر مكانكم")

علجية عيشيرى خبراء اقتصاديون أن الغذاء أمر خطير يجب على الدول أن تكون أكثر قلقًا بشأنه، ولذا بات ضروريا التركيز على الاقتصاد الزراعي ووضع خارطة طريق لتطويره من خلال إطلاق مشاورات عامة أو جلسات واسعة النطاق للمساهمة في تطوير خارطة الأمن الغذائي، وقد أطلق مفكرون غربيون شعار: "زراعة الأرض بدلاً من صناعة السيارات"، إن أزمة العقار الفلاحي في الجزائر أثرت سلبا على تطوير المنتوج الفلاحي، إلى حد أن الجزائر أصبحت تستورد القمح وغبرة الحليب وحتى البقر ومواد غذائية أخرى لتغطية العجز الموجود، رغم أنها قادرة على توفيرها بل إنتاجها لو أولت العناية بالعقار الفلاحي، لكن؟؟؟

قيل عنها أنها أحدثت ثورة في طريقة التفكير في الطعام في الولايات المتحدة كرئيسة مطبخ، وهي التي ألهمت برنامج ميشيل أوباما لاتباع نظام غذائي أفضل في المؤسسات المدرسية، في كتابها الموسوم بعنوان: فن الطعام البسيط the art of simple food، أحدثت أليس ووترز ثورة في الطبخ والتفكير في الطعام في الولايات المتحدة، فهي تعمل رئيس الطهاة في بيركلي بكاليفورنيا، وتدير مطعمها الخاص، فبالنظر لما تخلفه الوجبات السريعة (الباردة) من أضرار على ذاكرة التلاميذ وذكائهم، فتحت أليس منذ أربعين عامًا حربا على وزارة التربية لإلغاء الوجبات السريعة داخل المدارس،، وحثت الشباب على تعلم عادات الأكل الجديدة، لأنه بالنسبة لها، كل شيء يتعلق بالتعليم، وقد أثبتت ذلك بمساعدة ميشيل أوباما على تطوير حياته بوضع برنامج لتحسين التغذية في المؤسسات المدرسية في الولايات المتحدة، وكان مؤلفها في فن الطبخ البسيط باللغة الفرنسية أكثر الكتب مبيعًا، حسب اعتقادها تقول أليس في لقاء صحفي: إن الناس لا يفهمون من أين يأتي طعامهم من جميع أنحاء العالم، وتنتقد الشركات الكبرى في تكتمها عن كريقة الحصزول على الغذاء، وتوهم المستهلك أن كل شيئ جديد، وأنهم ينتبهون إلى الأرض، وتشير بان الطعام المحلي هو الطريقة الوحيدة لإطعام الناس. يجب أن يزرعوا بدلا من صناعة السيارات.

يقول خبراء في التغذية أن علاقتنا بالطبيعة والحيوانات وخياراتنا المجتمعية، من المخاوف الغذائية إلى الحلول الدائمة، من الدوائر المعولمة إلى علم البيئة الزراعية، من السلوكيات الفردية إلى العيش معًا، تمثل تاريخنا المشترك الذي يظل موضع تساؤل، إلا أن تحقيق الأمن الغذائي يبدأ من السماح للمزارعين بالعيش بكرامة وتوفير لهم كل إمكانيات الزراعة وتربية المواشي لإنتاج الحليب ومرافقة تحول نماذج الإنتاج وتعزيز اتباع نظام غذائي صحي وآمن ومستدام، ولذا فالجميع من وزراء ومسؤولين ومنتخبين وحركة المجتمع المدني وكل الجهات الفاعلة في الاقتصاد الاجتماعي والتضامن، الصحة، المنظمات غير الحكومية، المنظمات الدولية الخيرية، جميعا مدعوون لمناقشة ملف الزراعة، وما يشمله من صناعة الأغذية، التوزيع، والتطلع إلى حاجيات المستهلك، والوقوف على المطاعم الجماعية، من خلال إطلاق مشاورات عامة واسعة النطاق للمساهمة في تطوير خارطة الأمن الغذائي أما عالم الاجتماع كلود فيشلر فهو يرى أن النظام الغذائي العالمي يتطور اليوم، والدول الناشئة وفي مقدمتها الصين تغير سلوكها، وتستهلك المزيد والمزيد من اللحوم، مما يطرح مشاكل بيئية خطيرة، بالمقارنة مع الهند الذي يوصف سكانها بالنباتيون، فالغذاء حسب الخبراء أمر خطير يجب على الدول أن تكون أكثر قلقًا بشأنه ولذا بات ضروريا التركيز على الاقتصاد الزراعي ووضع خارطة طريق لتطويره لضمان الأمن الغذائي.

هذه رؤية غربية توضح كيف يفكر الغرب وماهي الميكانيزمات التي ينبغي وضعها لتحسين مستوى المواطن، إذ يفضلون الزراعة على صناعة السيارات، ويضعون زراعة الأرض في المرتبة الأولى على الصناعة الميكانيكية، خاصة بالنسبة لدول العالم الثالث، والجزائر كنموذجا أصبحت منذ تعاني من أزمة العقار الفلاحي، بعدما تحولت جل الأراضي الفلاحية إلى إسمنت، اي بناء فيها سكنات، ومن الصعوبة بمكان طبعا استعادة هذه الأراضي الفلاحية، باستثناء سحب العقار الفلاحي من المستثمرين الذين لم يسغلونه في البرنامج الغذائي، ما يلاحظ أن الجزائر تفتقر إلى سياسية زراعية لوضع خارطة طريق زراعية، وساهم هذا الوضع في نهب العقار الفلاحي، والدليل ان الحكومة لجأت إلأى افستثمار في صناعة السيارات، باستعمال اليد الأجنبية، وفي مقدمتها اليابان، عندما عبر رجال اعمال يابانيين عن رغبتهم في الاستثمار بالجزائر، في شتى المجالات وخاصة صناعة وتركيب السيارات مثل طويوطا وسيزوكي وغيرها وهو ما كشف عنه سفير اليابان بوهران، على اعتبار ان السوق الجزائرية واعدة وكبيرة وهناك إمكانات كبيرة للاستثمار في مختلف المجالات، والتي من شأنها المساهمة في تنويع الصناعة الجزائرية على غرار الصناعة الغذائية والبتروكمياء والصناعة الصيدلانية وغيرها، كان على الجزائر أن تختار نوع الإستثمار التي يمكن أن تربطه مع الدول المنتجة في مختلف المجالات التي لها علاقة بالأرض، ومن ثمّ القضاء على مقولة هنري كيسنجر الشهيرة: "استهلكوا ونحن نفكر مكانكم" .

 وإن كانت المدن الكبرى بالحزائر تعتبر قطبا صناعيا بامتياز، على غرار مدينة قسنطينة التي تعد قطبا صناعيا في مجال الميكانيك، وفي مجال الصناعة الصيدلانية، لكنها ما تزال تشهد تأخرا في الصناعة الغذائية، فأزمة العقار الفلاحي في الجزائر أثر سلبا على تطوير المنتوج الفلاحي، إلى حد أن الجزائر تستورد القمح وغبرة الحليب وحتى البقر ومواد غذائية أخرى لتغطية العجز، رغم أنها قادرة على توفيرها لو أولت العناية بالعقار الفلاحي، لكن؟؟؟، هكذا أراد بعض المسؤولين في الجزائر الذين طبقوا مقولة هنري كيسنجر الشهيرة: " استهلكوا ونحن نفكرمكانكم"، فكر مسؤولونا وجعل من المجتمع الجزائري مجتمعا مستهلكا، استهلك شبابنا المخدرات والكوكايين ولبس "الشيفون" الذي يستورد من الخارج، وهو إلى اليوم يكابد المرض والجوع، بعدما تحولت مادة "البطاطا" في الجزائر إلى "فاكهة"، وأصبح المواطن الجزائري يأكل اللحم المستورد، دون مراقبة، ويقرأ المسؤولون ما تنشره الصحف من أخبار عن تعرض عائلات وطلبة جامعيون إلى تسمم غذائي، كل هذا يؤكد على أن السياسة التي انتهجتها الجزائر أثبتت فشلها، أو أن نتائجها لم تدرس بالشكل الجيد، وتتطلب إعادة النظر فيها، ولكن ذلك يتطلب وقتا، حتى لا نقول فات الأوان، لأن الشباب أيقن واقعه، وتوصل إلى حقيقة مفادها أن دولتهم تضحك عليهم وهي تحدثهم عن التنمية، فطالب بـ: "التغيير" عن طريق المسيرات الشعبية أو ما يسمى بثورة 22 فبراير 2019.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم