صحيفة المثقف

ممنوعون من العودة

عمار حميدلم يبقَ من الارض بعد ان نهشتها الحروب والخراب سوى بعض جذوع النخل اليابسة وجدران الطين المهدمة.. ودموع امهاتٍ ثكلى فقدن أبنائهنَّ دفاعا عن كذبة وطن ورجال ينتظرون الأمل ممزوجا مع اليأس، لكن الغضب كان يغلي في حروفٍ تشبه المسامير على الواح طينية قبعت تحت هذه الأرض فأطلقت سحرها القديم لتعود المياه الى غابات القصب والنخيل بعد ان حطمت سدود بلاد الشمال العالية وعاد من الأزمان السحيقة اصحاب الرؤوس الحليقة والصدور العارية مخترعي تلك الحروف التي تشبه المسامير، يحصدون سنابل القمح الذهبية ويصطادون الزوري والبني والكطان الذي عاد الى بطائح غابات القصب بأعداد كبيرة وسُمع غناء طائر البرهان يصدح من جديد ثم أحاطوا أراضيهم بحراس من الآلهة و الثيران والتنانين والأسود المرعبة الأسطورية يحرسون أركان الأرض واطلقوا وحوش موشخشو الجائعة تلتهم شيوخ عشائر عاثت في الارض عقودا طويلة ثم اقاموا شريعة القانون على مسلات حجر الديوريت الاسود من جديد وأرسوا مبادئ العدالة والمساواة بعد أزمان طويلة من الظلم والقهر حتى أختفى غناء (الأبوذية) الذي كان سمة الحزن هناك واستبدلوا صرائف القهر والضيم بزقورات عالية تناطح السحاب، وفي النهاية منعوا احفادهم الذين ذهبوا الى المدن البعيدة المليئة بالدخان والزحام من العودة.. وزالت دموع من فضل البقاء أوقات الضيم... الذين لم يغادروا جنة عدن في تلك الاوقات من الارامل والثكالى والرجال احفاد  اصحاب الرؤوس الحليقة.

 

عمار حميد مهدي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم