صحيفة المثقف

من يقف خلف محمد علي ويدعمه؟

حميد طولستقضية فيديوهات الفنان والمقاول محمد علي، الذي أصبح يعرف بـ "مقاول الجيش"، والتي بثها قبل أيامعلى شبكات التواصل الاجتماعي من اسبانيا، موتهمافيها الرئيس المصري وزوجته وقادة الجيش المصري، بالإسراف والتبذير لموارد الدولة المصرية فيما لا يدر دخلًا على المواطنين، وهو الذي اشتغلت شركته "أملاك" للمقاولات في تلك المشاريع، لمدة 15 سنة أثرى خلالها ثراءً فاحشًا، قبل أن تسوء الأمور بين وبين الجيش  بسبب إخضاعه للمحاسبة المالية، التي أسقطته في في مطب التصرف الغريب والغبي، الذي تلقفه الأطراف المعادية للنظام المصري، وساندته الجهات المناهضة لرئيس السيسي، واستغلته وسائل الإعلام المناوءة -التي تبث من قطر وتركيا- لتقويض الأمور في مصر، محاولة إضفاء صفات المروءة والبطولة على الحدث، وصبغه بقيم الكرم والنجدة والمساواة والعدل، وإظهار صاحبه في صورة البطل الفاضح للفساد، المضحي بنفسه في سبيل الفقراء والمعذبين في مصر، كما هو فعل "اللصوص الشرفاء"، روبن هود" الذي داع صيته في الأدب الإنجليزي خلال العصور الوسطى، وشخصية "زورو" التي انتشرت حكاياته في الترات أمريكا اللاتينية في القرن الثامن عشر، وشخصية "علي الزيبق" الشهير في التراث الشعبي المصري، والتي يماثل شخصية " سعيد مهران" بطل قصة "اللص والكلاب " لنجيب محفوظ، في الرواية العربية الحديثة، وغيرها من شخصيات الأبطال التراجيديين - الذين لا وجود لمثلهم في الثرات الشعبي المغربي- الذين آلوا على انفسهم  الانتقام للفقراء، بأخذ أموال الأغنياء وتوزيعها على المعوزين منهم، وذلك من باب الواجب الوطني والديني والفضيلة، وتأمينا لمصالح الشعب، وحرصا على حماية ممتلكاته وثرواته، وإعادة توزيعها بين أفراد الشعب،و تحقيقا للعدالة الضائعة، وغيرها من الدوافع النبيلة النابعة عن الوطنية الجامحة، والغيرة الغامرة، والإنسانية الطافحة التي تشبع بها هؤلاء الأبطال، والتي يحاول من يقف وراء أنسنة انتفاضة "مقاول الجيش" البهلوانية، إيهام الناس بأن دوافعها الحقيقية لا تختلف عن دوافع اللصوص الشرفاء الذين عرفهم الترات والتاريخ العالمي، الأمر الذي يؤكد منطق الأمور ومسار الأحداث، أنه خلاف ذلك، وتثبت أنه دوافع محمد علي لم تكن من باب التضحية في سبيل الوطن أو فقرائه، وليست من أجل تخليصهم من العذاب الذي يُصْلَونَه على أيدي الظلمة والمستبدين، كما يدعي، وأن إنطلاقته الأولية كانت لدوافع شخصية محضة، ونابعة من حبه للمال على حساب المبادئ والأخلاق، ورغبته في استرداد ممتلكاته/مسروقاته، وصادرة عن تنامي ثقافة الانتهازية والاستئثار بثروات البلاد، التي غداه لديه إهتراءه الفكري والثقافي والتلوث السياسي وغياب المبادئ واندثار القيم لصالح المصالح الخاصة، وغيرها مما يميَّز أمثاله من كبار مدعي محاربة الفساد، من الفاسدين، وأدعياء تحقيق العدالة والديمقراطية والحرية والمساواة في تركيبة المجتمع، للتمويه على فسادهم، وللمضي فيه دون محاسبة أومساءلة .

وفي الختام تبقى محصلة أحداث الأزمة المالية التي وقع فيها "مقاول الجيش" والتي جعلته ينقم على واقعه البائس، بعد أن حاصرته الخيبة والإحباط التخبط، الذي دفع به الوضع التراجيدي الذي لم يظفر فيه سوى باليأس والتعاسة والمعاناة والضياع، تبقى أكبر محفز للمتتبع الراغب في الإلمام بأبعاد تصرفه محمد علي والتعامل معه نقدا وتحليلا للوقوف على حقيقة دوافعه الحقيقية، على طرح عدد من الأسئلة المحيرة أمثال: من يقف خلف محمد علي ويدعمه؟ هل هم الإخوان؟ أم هم فريق من دائرة النظام المقربة؟ وغير ذلك من الأسئلة المتداولة على نطاق واسع، والتي فرضت نفسها مند أول فديو بُث.

 

حميد طولست

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم