صحيفة المثقف

في عيدِ الحبِّ

ذكرى لعيبينصوص خارج السرب (9)

في عيدِ الحبِّ

أُحبّكَ يا الله، كما أحبّكَ

 في عيدِ الحبِّ

أتفقّد حواسي، ما زلتُ أبصرُ مقعدكَ فارغًا، وأشمُّ عطر الغياب، أسمعُ نواح الأمّهات، وأتذوّقُ مرارةَ الاغترابِ، وأتلمّس تجعّد الأمنيات.

في عيد الحبّ لن أنتظرَ هدايا باللون الأحمر، كأن تكون: وردة حمراء أو دبدوبًا، أو علبة شوكلاه على شكل قلب، أو قلادة بقلبٍ يخترقهُ سهمٌ أخرسُ.

 أنتظر حضوركَ بهيئة رفيقٍ أبديّ..

في عيدِ الحبِّ كما في كلِّ عيد، أعلّمكَ الحبّ.

الحبُّ أن تقول لي: صباح الخير حبيبتي، صباحي ليس بخير دونكِ، صباحي نورُهُ أنتِ.

الحبّ أن تمسك يدي، تترك أصابعَنا تتشابكُ حتى النبض.

الحبّ أن تطبع قُبلة على بياض كفّي، وعيناك مغمضتان حتى تشمّ عطر عروقي.

الحبّ أن تُغافل عقلي، وجود الناس حولنا، عويل الطرقات، وتمنح قلقي عهدًا دافئًا.

الحبّ أن تقضم نصف قطعة الخبز التي في صحنك، وتطعمني النصف الآخر.

الحبّ.. عندما أغضب تتنفّس غضبي بعبارة: " اهدئي يا عمري"

تتقبّل حماقاتي البريئةَ، ثمّ تعاتبني بوردة.

ترشُّ عطركَ على وسادتي، عندما تنوي الغياب.

تخطئ بفرشاة شعري، فتضعها في حقيبة سفرك.

تمسحُ دمعتي بطرفِ عينك، لا.. أصلًا لن تدعها تنزل بحضورك.

الحبّ.. تقاسمني صوتك.

في عيد الحبّ ألبس وشاحي الذي نسجته من خيوط ذكريات المدن التي تَركتُها غافية فوق كتف الحلم.

أتنفّسُ عطركَ وحنيني وأشياء لن يهزمها صقيع الأيام.

في عيد الحبّ لا أبكي عليك، ولا على مشاعري التي أهملتها، ولا على وعودك الخائبة.. أبكي على تلك الطفلة التي أحرقوا مدرستها، وهي مازالت تتهجّى " دار" ، سرقوا طفولتها وهي مازالت تتعلّم " دادا".

وأبتسم عندما أصافح الغيم، فتخجل يده، وتتعرّق لينزل غيثًا يروي يباب القلوب.

في عيد الحبّ أقف أمام المرآة طويلًا، أتأمّل ملامح السنوات التي ستأتي، صباحات الوطن، مساءات الأحباب، ضحكات الصغار، دمعة العاشقات، غصّة المحبّين، شهقة الوحيدين، وحشة العجائز.

في عيد الحبّ أخلعُ سنةً أخرى من انتظار حضورك، وأعلّقها على قافية القصيدة، سنةً أخرى من "تانيتكم"، سنة أخرى من "  يالشاتل العودين خضّر فرد عود".

في عيد الحبّ أختبئ عن نفسي، وأبحث عنكَ بي، وأخبّئ لهفتي حتى يزورني طيفك فأعاتبهُ، وأعانقهُ، وأشكوه لربّ المحبّة.

في عيد الحبّ أتمدّد على قدر الوجع الذي تركته الحروب، أبدّد عتمة البُعد بشمعة بيضاء، فتيلها رمش عيني، لا أريدها أن تنطفئ قبل أن نتلاقى.

في عيدِ الحبِّ حكاياتي     أجملُ من كلِّ الأوقاتِ

أرفو زمني يغفو شجني     تتلاشى غيمةُ آهاتي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم