صحيفة المثقف

ماهي الايادي الخفية التي تحكم العراق؟

عماد عليمنذ سقوط النظام السابق والذي سقط معه العراق كدولة وكيان وعمق، وليس هناك ما يمكن ان يُقال له وعنه بلد او نظام حكم او اية تسمية عصرية يمكن ان يجد له احد شبيه لها في العالم كما هو المعلوم. لاثبات قولنا هذا لابد ان نشير الى ما مررنا به نحن المكونات كافة وما يتكون منه هذا الموزائيك الفسيفسائي المعقد المعقد مجبرين. وما يعلن يوميا عن هذا البلد على لسان اكثر من المتنفذين في السلطة دون ان يقول لهم احد لماذا؟ فيقول احدهم عنه بانه (مزعطة) والاخر (طرگاعة) والاخر (خرابيط) والاخر ليس الا (شخابيط) والاخر حتى (الملهى)، هذا من جهة، اما من جهة اخرى وهو الدليل الثابت على عدم وجود دولة او اي عمق لها في هذا الوقت هو لا يعلم احد من يحكم ولا هناك صلاحيات خاصة باي موقع ومنصب وانما وكل حسب ولاءه واخلاصه لمن هو بامرته خارج مجال عمله.

من المكشوف الان للجميع بان من يحكم العراق غير الذين يخرجون ويعلنون عن سلطتهم وسطوتهم بل انهم مسيرون من جهات لا صورة لهم ولا صوت بل خفيون امام الاعين ويصدر عنهم الاوامر من جهة مجهولة علنا ايضا ويملاؤون العراق وهم في جعبة المتنفذين ويسيرونةمعهم اينما ساروا او كانوا. فهل يمكن ان يرفض من هو اقل رتبة او منصبا او موقعا اوامر من هو اعلى منه الا في هذا الذي ما يسمى بالعراق، فهل يمكن لاحد غير هؤلاء الدونيين ان ينقلوا ويرفضوا وحتى ينهوا حياة من اعلى منهم في اي بلد اخر غير العراق، فهل رايت يوما من هو خارج السلطة الحكومية في بلد اخر وهو يعين ويامر وينهي وينفي الا في هذا البلد، فهل يمكن ان يعقد صفقات او يبني علاقات او اعلان حرب وسلام غير الدولة العميقة ومؤسساتها في غير هذا البلد. نعم  انه بلد ورقي وتسيّره ايادي خفية لا حصر لطولها وزخمها وقوتها وتمكنها في شان البلد في كافة مجالاته وحتى تدخلهم في شؤوون العائلة والفرد وحياة الناس الخاصة.

فهل من المعقول ان يتم انهاء عمل المتخصص الخبير الضروري ذات الشان والمفيد لحياة الناس بختم شخص او تيار او حزب دون اي اعتبار للمصلحة العامة وما يهم الدولة والمواطن الذي ليس له وطن الان. انهم هؤلاء من يؤتمرون من خارج الحدود او بعصابة او هيئة او شلة صعاليك انبثقت بامر خارجي وهم يعيشون داخل البلد.

اليكم امثلة عن ما جرى ويجري في هذا العراق الأبيّ! وقع وزير عن امر ورفض مدير عام وهو ادني منه منصبا امر الوزير ولم يُتخذ في شان هذا اي امر. عقد موظف من الدرجة الثالثة صفقة بملايين الدولارات ولم يتمكن وزير من رفضه ولم يعلم به الا متاخرا واخبره بذلك غير احد المتضررين من الصفقة من الدرجات الدنيا توطيفا، سافر موظف متنفذ الى دولة اخرى لامر حكومي ومهم ومصيري دون ان يعلم موظف مسؤول عنه بذلك ولم يعلم ما هو امره ولماذا خرج من البلد وسافر، استقبل موظف من الدرجات الدنيا وفدا وعقد صفقة وامرا حكوميا دون علم الوزير الذي هو مديره سلطة وتنفيذا، صرف موظف مبلغا ليس حتى من صلاحية الوزير صرفه دون ان ينبس الوزير المسؤول عنه بببنت شفة، خرج موظف في الدرجات الدنيا واخذ معه عائلته وموظفات اخرى الى بلد اخر بعمل حكومي دون ان يقول له الوزير اين كنت ولماذا خرجت، استقبل موظف وفدا خارجيا جاء لعمل حكومي في بيته وعقد معه ما يهمه في بيته ايضا وصرف له على حسابه الخاص كل تلك المبيت (لانه مخلص للدولة!) وعلاوة على ذلك رجع الوفد الى بلده دون ان يرى الوزير حتى احدا منهم، تخرج ميليشيا وتقبض على مواطن وتقطع الطريق دون ان يقول احد لماذا، الادهى ان اوامر مصيرية لمكون او الشعب بالكامل تخرج من ادنى درجة وظيفية دون ان يقول الدرجة الاعلى الحقيقة على الملأ. هذا والكثير من هذه الامثلة التي تحدث في هذا البلد او كما سماه الصدر (المزعطة) على مرأى ومسمع العراقيين المبتلين بهؤلاء المتنفذين من خارج الحدود او الموالين لهم. فهل هناك ايادي خفية داخلية ويعلم عنها الشعب العراقي ولا يعلن عنها خوفا عن حياتهم ام ان الاحتجاجات كشفت المستور ولم يبق ما لا يُقال على الرغم من استمرار هؤلاء على فعلاتهم المخزية وعلى حساب الفرد . نعم انها الايادي الخفية المتنوعة ومن كل حدب وصوب تامر وتنهي دون ان يتمكن من يعرّفون انفسهم بمخلصي العراق ان يستئصلوهم من جذورهم، لا بل يزدادون يوما بعد الاخر وتخرج الاموال نتيجة هذا الفساد المسشتري بالمليارات الى خارج البلد وتبييض الاموال مستمرة وكل ما يعمله  من هم المتسفيدون خوفا من انقطاعهم او عدم استمرار ما يدر عليهم تلك الارباح هو التاكيد على منع من هو الامن بالدولة المدنية ان يبني مرتكزا لها، وهؤلاء يفعلون هم مستفيدون ان يكون لهم راسمال مادي او معنوي يوما، وكل ما يعملونه لتغطية امرهم هو تامين رضى اصحاب تلك الايادي الخفية والعمل والتاكيد على السير وتنفيذ الاومار لصالح هذا او ذاك قريبا كان او بعيدا عن هذا البلد.

من اراد ان يصلح حال العراق لابد ان يعلن على الملأ دون خوف من هم اصحاب تلك الايادي الخفية التي تامر اصحباها وهم الامر الناهي على الشعب والعمل على بترها والا الامر مستمر ويمكن ان يسير العراق الى المجهول ويتضرر منه جميع المكونات ان بقي على وحدته هذه.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم