صحيفة المثقف

ألمكان الحميم

ليث الصندوقنظراً لأن ذكرياتنا عن البيوت التي سكناها نعيشها مرّة أخرى كحلم يقظة ، فإن هذه البيوت تعيش معنا طيلة الحياة .

(جاستون باشلار – جماليات المكان)

 إلى سعد عباس ووليد سعيد يوم كان لنا وطن


منذ أن غادرتماني

لم أزرْ (باشلارَ) في القوقعة – البيتِ

فقد خلّفَ للنمل السريرْ

ونسى المعطفَ في مشجبِهِ

تلبسُهُ قبلَ سُبات البرد ديدانُ السواقي

فلعلّ الدفءَ في طيّاتِهِ يمنحُها عُمرَ النسورْ

ومضى في غابة الناس وحيداً .

**

ربما باشلارُ من بعد طواف سيعود

بلبلاً

يوقظنا نقراً على أجفاننا

أو ربما يقتسمُ العُشّ على السِدرةِ مع سرب طيور

نحن كنا مثله

نهفو إلى أشباهِنا الطيرِ

ولكن عندما تختاننا أقدامُنا

نحتفر الأحجارَ بالأسنان

حتى نبلغ الركنَ من الأرض المنير

حلمنا أنْ نُفرغَ الكيسَ الذي تجمع فيه الشمسُ

ما أسقطتِ الأيامُ من أسناننا

أو نتحاشى طلقة القنص

وفي أثوابنا المرقوعة الرثّة

من جيبٍ إلى كُمّ نطير

حينَ حانتْ لحظةُ التحليقِ

فوجئنا بمن يُطلقُ من كُمّيهِ في أعقابنا حَشدَ نمور

**

جيلنا في موكب الفادينَ قد كان الأخير

جُبِلت أكبادُنا من حسراتِ الغائبين

لم نكنْ في الناس ذؤباناً

ولم تنسجْ لنا الأنوالُ أحلاماً بخيط من حرير

رِبحُنا من كلّ ما كنا نزفنا

صرخةٌ مكتومة

نحمُلها في كِسَرِ الأضلاع يوماً للحفير

جيلنا الزاحفُ في صُلبانه

في موكب الفادين قد كان الأخير

بعدَنا مَن وِلِدوا

لم يشهدوا التلويح بالأيدي على الضفّةِ

والموتَ الذي يضفر من أثواب غرقاهُ شِباكاً

فلقد كانت أيادينا لمن في الضفة الأخرى جسور

**

كان في الدرب إلى الملعبِ ذئبٌ

قد تخفّى بحِجابٍ مثلَ ربّاتِ الخُدُورْ

كلما عادَ صِغارُ الحيّ من ملعبِهم

وجدوا تِعدادَهم قلّ صغيراً

نحنُ راوغنا دروبَ الكَرّ حتى انعقدتْ مثلَ خيوط

فربحنا اللعبَ مرّاتٍ

وعدنا سالمين

دون أن ندري بأنا فوق ناب الذئب قد كنا نسير؟

***

شعر: ليث الصندوق

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم