صحيفة المثقف

على شَفا موْجِدَة

مصطفى عليياعارِفاً وَحَّــــدَ الضِدّينِ وإنْطَلقا

يجتازُ يمّاً بهِ يا ما إشْتهى الغرَقا

 

فَلاحَ في وحْـــدةِ الضِدّينِ مُطْلَقُهُ

ضوءاً تَعتَّقَ في الناموسِ مُعْتَنَقا

 

ما إنِ بَدى بَرْزَخٌ الأفْلاقِ بيْنهُما

حتى تَجَسَّدَ جِسْراً يعْبُرُ الفَلَقا

 

تَصيَّرتْ حكمةُ الإشراقِ مَعْ مَدَدٍ

سيفـــــــــــاً يُلوُّحُ للتِنّينِ مُمْتَشَقا

 

مُذْ غادرا بَطَــــــــــراً دَنّي وأنْبِذتي

تاهَ الندامى و هاموا في الورى فِرَقا

 

عادوا وصَلّوا معاً في قلبِ صومَعَةٍ

شعّتْ قناديلُها كــــــي تُشْعِلَ الغَسَقا

 

وحارسُ الزيفِ مذعــورٌ بهيْكَلِهِ

حيْثُ الجَبينُ نَهاراً فُصِّدتْ عَرَقا

 

عوراتهُ كُشِفَتْ :لاتينَ لا وَرَقٌ

في ظِلِّ مَعْبَدِهِ أنّى لها طَفَقــــا

 

لا تسألي عالِماً لـــــم يَتّقدْ لَهَباً

في نارِ تجرِبةٍ بَلْ لاكَها وَرَقا

 

غامتْ بصيرَتُهُ ليلاً بلا مَطَرٍ

غَمامُهُا خُلَّبٌ دَوّى وما بَرَقا

 

تخشى سريرتهُ نيرانَ معْرِفَةٍ

مُضيِّقاً نفْسَهُ والإُفْقَ والخُلُقــا

 

لاتسْأليني عنِ المقصودِ فــي لُمَحي

وإسْتشْهِدي خافقي كم ذابَ وإحْتَرَقا

 

على الطريقِ غرامــــاً في جواهرِه

وَإصغي لِعَزْفِ لِسانِ الحالِ لو نَطَقا

 

قدْ يستحيلُ صدى أحوالِهِ نَغَماً

فَراقصيهِ مَقاماً حيثمـــا صَدَقا

 

خذي الحقيقةَ ثُمّ الحقَّ من قَبَسٍ

للعاشقينَ و جمْرَ الروحِ مُرْتَفَقا

 

ضِدّانِ في رأْسِهِ المَحْمومِ ما بَرِحا

يُلوِّنانِ طـــريقَ الوَجْـــدِ مُفْتَــــرَقا

 

تناهَبا قلْبَهُ ثُمّ إسْتَحالا مَعـــــاً

أريجَ جوريّةٍ يَشْقى إذا إفْتَرَقا

 

أوِ إقْحِوانَ خَيالٍ في مُخيَّلَةٍ

تَعَمّدتْ مَرّةً بالريحِ فإنْبَثَقا

 

من جَمِرِها نيْزَكٌ ما حازَهُ فَلَكٌ

من عَهْدِ آدَمَ لم يَنْفَكَّ مُؤْتَلِقـــــا

 

رُمّانتانِ بِصَدْرِ اللوحِ أوْدَعَتا

في الجُلّنارِ شُروقاً قبّلَ الشَفَقا

 

زُمُرُّدٌ عانقَ الياقوتَ في شَبَقٍ

والْماسُ هذّبَ في تنّورِهِ الشَبَقا

 

مَراجِلٌ ألْهَبتْ في الروحِ بوْتَقَةً

أفنتْ بنيرانها المأسورَ فإنْعَتَقا

 

في موقدِ الشمسِ أحوالٌ إذا إنْصَهَرتْ

قَــــدَّ العقيقُ سديــــــــــمَ التيهِ وإنْفَلقا

 

طيْفُ المدى قَزَحاً أو كَهْرمانَ رُؤىً

مُسْتكْشِفــــــــــــاً ذاتَهُ والتيهَ والأُفُقا

 

يامُشْعِلاً أحْمَرَ الكبريتِ في غَبَشٍ

فإنْزاحَ عنه الدُجى لمّا رأى الألَقا

 

تِلْكُمْ قُلوبُ الورى أقْفالُهــا صَدِئتْ

فإشطحْ معي عَلّنا نفْتضُّ ما إِنْغَلَقا

 

حَدَّ التَراقي أرى الأرْواحَ بالِغةً

ترجو التَرَقّي وَلَمّا ترتعدْ فَـرَقا

 

خمـــــــرُ الحقيقةِ لم يَتْركْ لَهمْ بَدَلاً

سوى الطريقةِ مهما عدّدوا الطُرُقا

 

رُبّانُ حَرْفي رأى الإخلاصَ بوصلةً

سائلْتُ عن سِرِّهــا الأسْلافَ والعَلَقا

 

مُفارقٌ كُلَّمـــا بانتْ تَسَوَّرَها

لم يَتّخذْ دونها بَدْءاً وَ مُنْطَلَقا

 

حتى إذا بَلَـــــــــــغَ الخفّاقُ حَنْجَرةً

قَبْلَ الشِهابِ أصاخَ السَمْعَ وإسْتَرَقا

 

سافرِتُ من أزَلٍ أرنو الى أبَــــدٍ

سَعْياً وراءَ هُدىً قد زادني رَهَقا

 

ذو اللبِّ يشقى به هيمـــانَ ذَا قَلَقٍ

وذو الضميرِ يذوقُ الويْلَ والأرَقا

 

فإمْنحْ خيالَكَ ريشَ الغيْبِ مُرْتَحِلاً

في ما وراءَ النُهى كي تَعْبُرَ النَفَقا

 

غامِرْ و عاقِرْ صَبوحَ الروحِ مُصطَبِحاً

وَريقَ وجْــــدانِكَ الفيّاضِ مُغْتَبَقـــــــــا

 

وإرْشْفْ رِضابَ التي ما مَسَّها عَدَمٌ

لكنّ مِسْكَ الرَشا من غيْبِها إنْدَلَقــــا

 

وَرُبَّ غائِبَةٍ في مُهْجَتي تَرَكَتْ

ألْــوانَ نَرْجِسِها والسِرَّ والعَبَقا

 

لا مـــاءَ في كوثَرِ الأوهامِ ساقِيَتي

فإسْقيهِ قَطْرَ الّلَمى من فيكِ والغَدَقا

 

هل سلْسَبيلاً سقاني فوكِ أم عَسَلاً

دُمــــوعُهُ نَزَعتْ عن شَمْعِهِ الدَبَقا

 

مهلاً رُويْدكِ يا رَيّا بذي عَطَــــشٍ

وحاذري غصّةَ الصَدْيانَ والشَرَقا

 

لمّا تَواجدَ في اللاشيءِ لي وَتَرٌ

قلبُ الــوجودِ على أنْغامِهِ خَفَقا

 

قد قيلَ رَتْقٌ سعى شوقاً الى نَفَسٍ

تَنَفّسَ الصُعَدا فإلْتاعَ وإنْفَتَقـــــــا

 

فجراً لكي يعرِفَ المعشوقَ عاشِقُهُ

طوبى لمعــــــــرفةٍ قلبي بها شَهَقا

 

كأنّها لـــــــوعةُ الإبداعِ يَنْفُثُها

فؤادُ نحّاتها في روحِ مَنْ خَلَقا

 

أو شاعرٌ صَدَحتْ فِيهِ مَــواجِدُهُ

فإرْتجَّ وجْدانُهُ مُذْ جرّبَ الحَرَقا

 

ها قد شطحْتُ بعيداً يا مُعلِّلتي

ياهوْلها عِلّةً كم أمطرتْ نَزَقا

 

فَلْتغْفـــــري نَزَقي يارُبَّ مَوْجِدَةٍ

شَطّتْ بشاعِرِها كي يَهْتِكَ النَسَقا

***

مصطفى علي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم