صحيفة المثقف

وحيدا أغني

عبد الفتاح المطلبيفي باحةِ الكونِ المديدةِ

كنتُ منفرداً هناك

النجمُ والقمرُ السعيد

يراقبان

الرأسُ  واليدُ يرجفان

كأنما قصبٌ تداعبهُ الرياح

الدميةُ الصلعاءُ ترقصُ

يضحكُ الجمهورُ

(ماريونيت) قلبي

قد تقطع  نيطهُ

والنجمُ والقمرُ السعيد

يراقبان ويضحكان

ولأن قلبي لا يُجيد الرقص،

أمسى شاكياً

حتى بكى الجوقُ الكبير

من الملائكةِ الصِغار

مُوَلوِلاً أن المجرّةَ قد تسدّ الباب

كي لا يسرق العشّاق بعضَ زفيرها

ويُطلّ قلبي، الدميةُ الصلعاء

من ثقبِ الرتاج

تراقبُ الأحزانَ في قلب الصبايا

الحالمات النائمات على الأسرةِ

يَنهمِكنَ بمعضلاتِ الحب

في جدلٍ عقيمٍ

والسرير يضجُّ بالأعرافِ

والأعراق والأوباش و الأفذاذ

والولدُ الغريرِأنا أطير

وأستعيرُ جناحَ هادلةٍ

وسعفةَ نخلةٍ

كي استطيعَ النوم في الفردوسِ فرداً

قد أمَلُّ وقد أعود إلى الجحيم

لكنني حتى أعودُ

سأمنح الأحلامَ رأساً

والزوارقَ بعضَ غرقى

وطفقتُ أرسم في الهواء

دوائرَ الأحلامِ في رأسي الصغير

وأشَرتُ والإبهامُ توغلُ بالسرابِ

وليس في كفّي سوى سبّابةٍ

دأبت على سبّ المصائبِ

والأصابعُ قد تساقط في هزيع الليل

بعضُ بنانِها

تهتزّ كالبندول بين مثابتين

ما بين حدي آهةٍ

والوقتُ منتصف الدُجى

حينَ العقاربُ تلدغُ الأوقات

تحقنها بسمّ الإنتظار

وأرسم الآهاتِ أشجاراً

وأجلسُ تحتها ضَجِراً

أمشّطُ شعرَ أغنيتي بضغثٍ من بكاء

يموت في عيني النهار

الليلُ بردٌ والمسافةُ منك حتى الغوث

تقربُ من مدارٍ

كلما يصل الفؤاد إلى شَفا ضلعٍ مكينٍ

يستحيلُ إلى عِثار

ويعودُ يبحثُ عن قرار

ولا قرار

فمتى سيحظى بالوصولِ إلى الديار

وأعودُ من حيث البداية

والمدار هو المدار

حتى إذا ظنّ المعذبُ خلف أسوارالخديعةِ

أن نيل البابِ أو مسك الجدار

غدا كمرهفةِ الشِفار

رهيفةٍ جرداءَ

تهزأُ من صراخ المقبض المكسور

في كفّ النهار

تدري بأن الموت أصبح ممكناً

والوردُ في شجرِ

الفؤاد غزتهُ جائحة الجراد

و يكادُ ينتشرُ الغبار

أصيح من قلبٍ جريح

هل سأنعمُ بالوصولِ

وهل سأقتطفُ الثمار

يرد من خلفي الصدى

لا شيءَ في هذا المدى

فاركبْ وعُدْ من حيث دار

فلا وقوفَ ولا مسار

ولا سكوتَ ولا حوار

وأنت لستَ سوى صدىً يمضي

ولا ضرٌّ يكونُ ولا ضرار

الدهرُ دارَ

وأصبحَ العصفورُ يوصمُ بالخوار

النجمُ يهوي للقرار

للوقتِ بي غرقٌ سيأكل قاربي

ويصاحب الأمواج  مجدافي

وليس لهُ فِرار

وإن ماء الوجهِ يأخذُ بانحسار

تمزقت تلك الشفوف

وصارت العوراتُ فينا كالكهوف

مخيفةً يرتادُها وحشٌ

لهُ من لحمنا حلوى ومن دمنا خمور

وكأننا بغثٌ تدورُ

على أكنّتنا الصقور

تخطفتنا الغائلات

وما يزال الغول ينتظر النذور

.فمتى ستبزغُ من غيابتها البدور

وتحمل الأخبار عن صوت القطار

ومتى أراك وقد شققتَ الجيب

من هول الفجائعِ

واالقوارضُ في مهاجعها

تجدد عهدها لليلِ

تعلنُ عصرها الذهبي

في حفلِ السَعار

وتبشر الموتى الذين غزو مواطننا

بموتٍ آخرِ

وتفي بوعدٍ كان أقربهُ بعيداً

والقيامةُ في الجوار.

***

عبد الفتاح المطلبي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم