صحيفة المثقف

فشل الإسلام السياسي

علي المرهجالفشل معناه عدم قدرة هذه الجماعات المدعية احتوائها للإسلام على تحقيق الأفضل لمجتمعها، ولا نحتاج للتدليل على فشل جماعات الإسلام السياسي في قيادة الأمة لما فيه تقدم لأمتنا الإسلامية أو العربية.

لم تنجح تجربة الإسلام السياسي طويلاً ممثلة بحكم الدولة الإسلامية في إيران التي تبنت مواجهة العالم لتكون المُتصدية لما سُميّ بخط الممانعة والمقاومة، فإيران تعيش اليوم ومن قبل أشد حالات الحصار والتغييب المقصود لتاريخها ودورها. اضافة الى فشل الإسلام السياسي الإيراني في التعايش مع المعارضة لا السياسية فقط بل الفكرية أيضا، ليكون مصير خط الاصلاح في إيران هجر كبار العقول كسروش وكديور، بنيما بقي كروبي وحسين موسوي وخاتمي في الاقامة الجبرية ليومنا هذا.

أخفقت جماعة الأخوان المسلمين في مصر، حينما تمكنت هذه الجماعة من مسك زمام القيادة فيها، فآل مصيرها للصراع وخروج ملايين المصريين لرفض حكم الأخوان المسلمين وصولاً لتمكن (السيسي) من الوصول للسلطة.

في العراق أثبتت جماعات الإسلام السياسي فشلها بامتياز في إدارة الدولة والوصول بها لبر الأمان، فحصل ما حصل، وكاد العراقيون أن يقتتلوا فيما بينهم سنة وشيعة.

لا تحتاج لدليل حتى تُثب فشل تجربة الإسلام السياسي الشيعي في العراق، ولن تتعب بمجرد زيارة مناطق الجنوب والوسط بأغلبيتها الشيعية لتكتشف بؤس ما يعيشه جماعات هذا المكون التي تصرخ كل ساعة وكل يوم (ماكو ولي وانريد قائد جعفري) ليصل بها الحال يأساً، لتنشد معترضة (ماكو ولي إلا علي ومنريد قائد جعفري)!، و (منريد قائد جعفري تاليها يطلع سرسري)!.

الإسلام السياسي في ليبيا له ىجذوره منذ حركة (السنوسي)، لتنشط حركة (الإخوان المسلمين) فيها بعد سقوط القذافي، ليكشفوا عن غياب الوعي السياسي عندهم، وبعد حين يكتشف الليبيون عقم التفكير السياسي عند هذه الجماعة التي انبرت جماعتها لتضع نفسها موضع الإصلاحيين والنهضويين، كما هو حال جماعات الإسلام السياسي في العراق ومصر، لتدخل في معادلة (التكفير) لكل مخالف لها!!.

بعد حين تشضت الحركة لتكون جماعات منها تأخذ قراراتها من الخارج وأخرى لا طاقة لها لقبول الديموقراطية بوصفها منهج وطريقة حياة.

غاب المشروع الوطني في ليبيا، فآل مصيرها لما هي فيه الآن من تشتت وتشظي في الولاء لآخر، وغياب الوعي بقيمة الهوية الوطنية.

كانت جماعات الإسلام السياسي في تونس أكثر وعياً من باقي الجماعات الإسلامية التي تمكنت من مسك الحكم في دولها، ليكون راشد الغنوشي صمام أمام لهذه الجماعات واستمرار تأثيرها في السوسطين السياسي والاجتماعي.

كشف السياسي البارز في حزب النهضة التونسي (لطيف زيتون) عن فشل الإسلام السياسي في تونس، فكانت هذه (الجماهعة) مصدراً لتقسيم المجتمع التونسي لا لوجدته.

ليس المهم أن تُقارع الاستبداد، ولكن المهم والأهم في رؤيتك أن تعرف قدرتك وقدرة الجماعة الذين معك على إدارة الدولة بما ينقلها لحال أفضل.

أثبت الإسلام السياسي بتجربته القصيرة في الحُكم على أن جماعته يُجيدون تشتيت الموحدين، ولا قُدرة لهم على جمع المشتتين.

إنهم يحكمون بإسم الحق الذي يظنون أنهم يمتلكونه، ولم يقدروا أن يُقنعوا أنفسهم ويجمعوا شتات التيارات الإسلاميمة المختلفة مع من تمكن من الوصول لقيادة الدولة.

إن لم تكن لديك القدرة على جمع المخالفين لك في الرؤية لا في العقيدة، فتأكد أنك ستفشل في نيل مقبولية من يختلف عنك في العقيدة وتصوراته للوطنية.

الوطن لا يٌحكم برؤية عقائدية يدعي المسؤول فيها أنه (ابن المذهب)، أو (ابن الدين) وأنه محكوم بتكليفه الشرعي!.

الوطن يعني أنك تقبل كل مختلف معك وإن لم يقب بعقيدتك أو مذهبك أو دينك، تقبله لأنه مواطن له حقوق وعليه واجبات، والحقوقو والواجبات ليست دينية ولا مذهبيثة ولا عرقية، كما الحقوق، لأنها من متطلبات المواطنة الحقة.

لا يُمكن لجماعات الإسلام الإسلام السياسي سنية كانت أم شيعية، وقل إسلامية كانت أم من ديانات أخرى أن تعي هذا الخطاب الذي يجعل المواطنة أولوية.

لذلك لن ينجح جماعات الإسلام السياسي في حكم دولة عربية أو إسلامية متعددة الأطياف والمذاهب والأديان، لأنهم يُغلّبون العقيدة على المواطنة وإن ادعوا غير ذلك.

 

ا. د. علي المرهج

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم