صحيفة المثقف

أرجوك لا تجهل سياسيا!

ظريف حسينمن أخطر أنواع الجهل هو جهل المواطنين بالمعني الصحيح للسياسة، وهذا الجهل يكون اخطر لو كان متعمدا، بمعني أن يتوهم الناس بأن السياسة لا تعنيهم في شيء، وهذا هو في الحقيقة خلط بين أمرين:

١- الوعي السياسي: وهو أن يدرك المواطنون أهمية المشاركة السياسية لمصلحة الوطن، بشرط أن يتم ذلك علي خلفية واسعة من وعي ناضج بالمشكلات والتحديات التي تواجه المجتمعات. وبناء علي ما تيسر لهم من ثقافة تؤهلهم لإبداء آرائهم، وبطريقة موضوعية بغية تحقيق المصالح القومية.

٢- علم السياسة: وهو مجموعة المعارف اللازمة لتأهيل المسئولين الرسميين، وهو علم أكاديمي متخصص، ومخصوص للقلة، وليس للجمهور، تماما ككل علم.

ونحن لو عرفنا السياسة تعريفا عمليا- أي وظيفيا- فإنها ذلك النشاط الذي يهدف إلي تحقيق المصالح الشخصية فقط عن طريق تحقيق المصالح العامة، وهذه الغاية تعد عاملا مشتركا بين العلوم الإنسانية، وخاصة علم الأخلاق وعلم الفقه الديني.

إذن يتلخص المعني الصحيح للسياسة في التخلي عن الأنانية الغبية سواء أكانت فردية أم طبقية أم فئوية أم طائفية... في سبيل تحقيق مصالح وطنية استراتيجية، وذلك بالمشاركة الإيجابية في كل الفاعليات الوطنية، وأهمها إقرار الدساتير والقوانين المعبرة عن المطالب العامة للشعوب، ومبادرة الأفراد بترشيح أنفسهم في المجالس النيابية وغيرها من الهيئات الرسمية وتعزيز النظام السياسي القادر علي حماية الوطن والمواطنين، مستمدا شرعيته من الدساتير واحترام القوانين التي يجب أن تسوي بين الناس، صادرة عن واقع متطلباتهم الكلية، وتعكس أحلامهم الوطنية وتمسكهم بمستقبل أفضل.

ولن يتسني لهم ذلك إلا بما يبذلونه من عمل جاد-علي علم منهم- وليس بما يرفعونه من شعارات وأخطرها الشعارات الدينية!

 

د. ظريف حسين

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة

جامعة الزقازيق - مصر.

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم