صحيفة المثقف

حمزة بلحاج صالح: عيد فطر مبارك لكنه حزين وإلى الله المشتكى

حمزة بلحاج صالحإنسانية ممزقة وشاردة  ينخرها الوباء وأمة الإسلام والشهود الحضاري في وحل التخلف وتحت سطوة حكامها وظلمهم تتألم وفلسطين تصرخ...

أعدت نشر تهنئة عيد سنة 2015 لأن لا حال تبدل نحو الأفضل الأفضل في عيد الفطر لسنة 2020

بل لا شيء تغير  في عيد فطر هذا العام بعد عام عسير وفلسطين تصرخ امام خيانات عربية مفزعة ...

ترددت في تجاوز تبريكات العيد وكل ما يعمر الكون محزن ومخز اخره جائحة تنقرض فيها الإنسانية ولا درس للعبرة استخلص بل حروب وتلاعن وتكفير وإرهاب واسلاموفوبيا وطغيان  من الاستكبار الدولي الناتج عن بوليس دولي ظالم  باسم الفيتو وهيمنات على المستضعفين ونهب لثرواتهم وحكام سفهاء ومرتزقة يخونون شعوبهم ويقمعونهم ويبيعون قضايا الأمة بسعر بخس وحركات شعبية أو شبه نخبوية نضالية تارة لا مكان في خطاباتها للقيم والهوية وقضايا الأمة ومخاطر الاستلاب حيزا مشهودا...

بل كل ما تقترفه الإنسانية تتصدع له الأرض والسموات ويهتز له عرش الرحمن وعرش ما تبقى من الكرامة الإنسانية على الأرض...

والأكثر خزيا وحزنا هو حال المسلمين اليوم باعتبارهم منارات هدى ورحمة ونور للإنسانية جمعاء وشهداء على الناس...

فها هو التخلف الإقتصادي والعسكري والعلمي والتقني والثقافي والفكري والفساد الإداري والمالي والسياسي ينخر كينوناتهم التي تتفتت وهي تنقسم يوما بعد يوم وتتقهقر وتبيع همتها ونخوتها...

كيف وغرداية في الجزائر بالأمس جريحة (يومذاك منذ أربع سنوات والجرح لا زال يدمي) وحال الجزائر اليوم من حيث الانسان والمجتمع والحكم والمدرسة والمعرفة والجامعة والاقتصاد والعدالة والصحة والتنمية والحريات وكرامة الإنسان ومكانة النخب وعلاقات افراد المجتمع بعضهم ببعض والتراحم والتكافل محزن جدا  وحراك سلمي شعبي لا يجد حكاما يصغون وو حال كل الامة الإسلامية...

ففي الجزائر غردايات لا غرداية واحدة بمعنى الماسي...

والمسلمون في ” بورما ” يذبحون من غير رأفة ولا شفقة وببربرية في عهد تقول الإنسانية عن نفسها وعبر مؤسساتها الدولية  أنها بلغت شأوا من الوعي الحضاري والإنساني بل يموتون مع موت الضمير العالمي الإنساني وضمير الحكام العرب الخائنين...

وتدك غزة بالصواريخ ولا ساكن يتحرك وتجوع وتذبح فلسطين وتباع والعرب يشاركون في الخيانة حكاما تحت الانفجارات والحرائق  ويموت الناس  والعراق الشقيق تحت طائلة الحكم الفاسد  كما في كل بلاد العرب والمسلمين عموما...

و الحال نفسه في ليبيا وسوريا ومصر وتدك اليمن دكا ليموت الطفل والشاب والكهل والشيخ على يد مسلمين وعرب...

و تحاصر إيران المكافحة والمصابرة وتحرم من المساعدات الكافية في هذه الجائحة وتهدد لبنان وتفتت العراق وتدمر سوريا وليبيا واليمن كما أسلفت الذكر...

و يتناحر الشيعة والسنة ويتلاعنون وهم أمة واحدة....

و يغرد الغرب فتولد على يديه بشواربها  بالأمس القريب ” داعش” جسم غريب فتسقط نخبنا العربية في لعبة الغرب الهيمني جلدا لذاتها ودينها وقيمها من غير رحمة لتحمل هذه النخب فهم الإسلام المسؤولية....

و تنقسم النخب المثقفة المستقيلة عن واقعها المأسوي كل يتغني بليلاه ويعتبر أن الخلاص بين يديه على مسطور يقرأ تراثا جاثما بمنظومته النصوصية المتماسكة القوية المتمنعة على كل فهم خارج نسقها بحصن حصين وكل ابتكار وابداع ولو منافح عن قيم السماء في كينونتها الأرضية وكل اثراء  هو مجرم محاصر وأصحابه...

فما العمل هذه نخبة ” أركونية ” والأخرى ” فوكوية ” وغيرها “دريدية ” وتلك “طهائية ” وأخرى “شحرورية ”  وتلكم " جابرية " ومنها ” ريكورية ” و“هايدغرية ” و” نيتشوية....… ”

و هذا يفكك وذاك يمارس التأويل والاخر يفسر وبعضهم يحلل وشيخ حداثي  كما يزعم رأى في الحداثة خلاصا والخروج من التخلف يتحقق في إباحة الخمر والزنا والقبلة بين الخليل وخليلته والعري والإفطار جهرا والإنقلاب على قيمنا في نظامنا التربوي المدمر...

حداثة من ذيلها لا من رأسها أو من خلال محاسنها واسلام مشوه الأفهام أو الفهوم فإلى أين المفر...

واخر يرى مبارزة الله الغائب فيزيقيا فهولا يجسد أي ليس خصما بشريا وماديا أمامه لكنه الحاضر في المخيال الجمعي لأمتنا فها هو يعلن كفره بالسب والشتم والسخرية من المقدسات واستفزاز الضمير الجماعي يريد أن يصنع مجدا زائفا على انقاض الغائب في توهمه وكل ما يطرحه لا صلة له بمعابر الخروج من حالة التخلف وبناء مشروع النهضة...

إنها يا سادة حداثة العرب  المقتبسة أكثر من فرنسا وعلمانيتها  والمأخوذة أي الحداثة من ذيلها ومؤخرتها أكرمكم الله...

فيثور ضده حراس الله والمعبد والدين باسم الله لتكفيره  ومقاضاته  عبر أنظمة للقضاء في البلاد الإسلامية عموما تابعة لكبار الطغاة والمستبدين  من الحكام الغاوين  وهو هذا المتنطع الحداثي دون هذه الأهمية فينطق الحداثيون زعما وانتسابا  مزيفا  من أمثاله ” لا للقمع ” و” نعم لحرية الاعتقاد ” ولو بسب المقدسات والسخرية منها ولو كانت من مكونات الهوية والمخيال الجمعي...

و يتنامى النقاش بعيدا عن قضايا التخلف البنيوي والمزمن في أمتنا وطبيعة الحكم والديمقراطية واستقلال النخب المثقفة عن هيمنات الإدارة وسبل التعايش وفهوم متنورة غير مبالغة في التحلل من  اصولها الهووية أو الهوياتية....

أي انقسام هذا وأي فتنة كقطع الليل المظلم....

تناحر بين الأنفس بالسلاح  وبغير السلاح  لصالح أنظمة العار والقوى الهيمنية الناهبة لثرواتنا وتقاتل وبغي وسفك للدماء وتناحر خارج أسوار الاختلاف بل خلاف كلامي لفظي عنيف يمتد فينا ليصنع الموت والتلاعن والفرقة والنزاع بيننا...

و ” إرهاب ” ركب على مقاس الأمة العربية والإسلامية التي قيل لها أن  من بين أسباب إرهابها الشيخان ” البخاري” و“مسلم” ونظامها التربوي وايات الجهاد في القران...

ولهو وحديث فارغ ولغو وكلام ” فاضي” ووهابية وطرقية وإخوانية وعلمانية وليبرالية ويسارية وقومية وفرنكوفيلية وأنجلوفيلية وسيل من الجعجعات المعيقة والمكبلة  والمدمرة بلا طحين...

و خيانات ووطنيات شوفينية  مزايدة يتناحر بعضها مع بعض وبعضها مع الله وبعضها مع المساجد وبعضها مع الإلحاد والضلال وكل له شبح يطارده وقرين من الإنس يريد الانتقام منه والتخلص من وجوده ونفيه....

لك الله يا أمة عربية  وإسلامية بكل قومياتها وألسنها تجلد نفسها من غير رحمة بدل نقدها لذاتها....

لك الله يا أمة جريحة مقسمة مفتونة منهكة ” تعبانة ” مأزومة مهزومة...

لك الله يا أمة العرب والمسلمين بكل قومياتهم وأعراقهم...

لك الله يا فلسطين الجريحة ويا قدس المعتدى عليها...

لك الله يا جزائر من حكام وأنظمة لم يجدوا في مسالك الرشد ما يجنبك ويلات على ويلات الفقر والبطالة والفساد والزعاماتية والاستبداد وتدمير العلم  ومؤسساته من تربية وجامعة وتدمير سحيق للانسان...

بأي عيد يا عيد عدت نقصانا من الأعمار ونقصانا في وعينا الجمعي ونقصانا في الحرمات (بيت المقدس يضيع ) ومكة المكرمة والحرمين بلا امام حرمين تحت وصاية الامريكان...

و نقصانا في الإيمان المنير والمستقيم ونقصانا في العقل المتبصر ونقصانا في الإدراك ونقصانا في العرفان وفي الميزان والبيان ونقصانا في رشد الحكام ونقصانا في حب الله وحب بعضنا ...

أي عيد نسعد فيه ونفرح إلا بمعجزة منك يا رب العالمين وبرحمة من عندك يا أرحم الراحمين...

نخب يلطخ سمعتها أعشار متعلمين وشيوخ جهلة سجناء أقانيمهم المغلقة ودكاترة جامعات لا هم لهم إلا تسويق ذواتهم وشهواتهم ورجال تربية بوعي منقوص ونخب ونشطاء سياسيين بان وتجلى جشعهم وتعطشهم للسلطة والنفوذ وأنظمة وسلط فاسدة مستبدة...

إننا ندعوه ونرجوه ونتوسل له ربنا سبحانه العلي القدير أن يجعل من هذا العيد نافذة نطل بها على الخير وبابا من أبواب رحماته الواسعة وندعوه ليرفع عنا الوباء والبلاء....

… لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا

تقبل الله منا ومنكم الصيام والطاعات  وحسن الدواخل ونقاء السرائر والصدق مع الله  والأوطان ومع بعضنا بعضا أمين...

حفظ الله  الخيرين من بني الإنسانية  وكل من يرجى فيهم خيرا من كل سوء وحفظ الله المسلمين وحفظ الله المسلمين وحفظ فلسطين وحفظ فلسطين وحفظ الله الجزائر والجزائريين وحفظ الله الجزائر والجزائريين...

وجعل الله جميع المسلمين أنموذجا للقوة والعلم والانسانية  والخير من غير بطش وظلم وعدوان وحليفهم النصر من غير طغيان...

وحفظ دمائهم وصان أعراضهم  ووحد كلمتهم وعافانا وأهالينا وشفانا وشفى مرضانا وقضى حوائجنا وأصلح ذريتنا وحفظها من كل سوء...

وفك أسرانا وحرر أوطاننا ولم شملنا عائلات وأفراد وأرحام وأنساب وأحباب وإخوان في الله وفي الإنسانية...

و لم شمل ” السنة ” و“الشيعة ” وأبعد عنهم الغلاة وهداهم إلى الاعتدال وأعتقهم من خطابات اللعنة على الصحابة والتكفير والتفسيق...

اللهم وحد صفوفهم واجمع كلمتهم عربا وفرسا وأتراكا واكرادا ودروزا واسيويين ومغربا عربيا ومشرقا وجزائريين ومسيحيين عرب وأهل اديان تؤمن بالله خالقا فالايمان مهدد في وجوده وليس الان  مجال الحديث عن كيفية وطبيعة الايمان ومعاني التوحيد وفق الوصفات المتمذهبة والملل والنحل...

و وحد بين كل المذاهب صوفية وأهل عرفان وإخوان وأهل سياسة وعقلانيين وحداثيين وتنويريين وتقليديين ومحافظين ميثاقهم الحوار والاختلاف والتراحم....

لا مذهب يعلو إلا مذهب الإسلام الكوني الإنساني المنعتق من كل أشكال الإستلاب والإرتهان الجامع الرحموي...

اللهم اجمع أهل الوطن الواحد على القضايا الكبرى لوطنهم يتعايشون على ميثاق إنساني واحد علمانيين وإسلاميين فوق كل النزعات الفكرانية واحتكاما لايات الفرز الديمقراطي الحر والنزيه كتقنية لا فلسفة وأيديولوجية مسلطة على الرقاب....

و ابعد عنهم سوء الحكام واهد حكامهم وكف أيديهم عن مال الأمة وثرواتها البشرية والمادية واعصمنا من كل فتنة خارجية وداخلية وحررالكفاءات الوطنية واجعلها تفيد البلاد والعباد..امين...

تقبل الله منا ومنكم أجمعين وغفر لنا ووسعنا بحفظه ورحمته وذوينا وأصولنا وفروعنا وارحامنا وأزواجنا وذرياتنا واوطاننا وامتنا....

عيد مبارك علينا وعلى كل المسلمين وحفظ الله الجزائر من كل سوء وجمع بين أفرادها على اختلاف رؤاهم امين...

 

حمزة بلحاج صالح

مفكر جزائري وباحث وخبير تربوي

13/05/2021الجزائر في

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم