صحيفة المثقف

حاتم حميد محسن: هايكو فلسفي.. جان فرنسوا ليوتار

حاتم حميد محسنالحقائق العظمى بقايا ميتة،

متعددة السيادة.

خداع ام حكمة؟


في محاولة مواجهة غير المفهوم لدى العديد من فلاسفة القرن العشرين الانكلوامريكيين في استخدامهم للرياضيات والمنطق الشكلي، تبنّى الفلاسفة الاوربيون اتجاها اكثر وضوحا لما هو مجرد شيء غير مفهوم. المؤيد لهم دائما كان جان فرانسو ليوتار(1924-1998) الفيلسوف الفرنسي،المبشر بما بعد الحداثة. هو كتب كما لو كان ملهماً دينيا،وقد مال أتباعه للكتابة في نفس الطريقة المبهمة. فرانسو يتذكر كيف اتخذ في بداياته الاولى مختلف المسارات المهنية: مؤرخ،كاتب، فنان، وراهب دومنيكاني. كان خجلا ان لايصبح كاهنا – التصوف الدومينكاني العميق كان مناسبا له. ولكن في النهاية هو درس الفلسفة والادب رغم انه لم يتعلم ابدا فن الكتابة الجيدة او التعبير عن نفسه بوضوح.

في عام 1979 نُشر نقده للتنوير (او العصر الحديث) تحت عنوان (ظرف ما بعد الحداثة : تقرير حول المعرفة). هنا هو ادّعى بأنه منذ التنوير اتسم العصر الحديث بالايمان المضلل في "السرديات الكبرى" – نظريات مثل العلموية او الماركسية التي ادّعت تقديم حقائق شمولية حول الواقع. ذلك العصر كما يقول، قد انقضى، وان العصر الما بعد حداثي قد حل: عصر اتسم  بـ "الشكوكية نحو السرديات الكبرى".

طبقا لهذه الرؤية، لاتوجد هناك حقائق مطلقة، هناك فقط عدة طرق مختلفة لمعرفة العالم، ليس فيها تفوّق لواحدة على الاخرى. العلم ربما يدّعي العكس،لكنه خاطئ،ومغرور للقيام بهذا. بهذه الطريقة فتح فرانسو الباب على مصرعيه لكل نوع من مشعوذي العصر الجديد للادّعاء بشرعية أي ادّعاء، لايهم كم هي تلك الادّعاءات سخيفة ،لأنه لا أحد لديه احتكار للحقيقة. ما بعد الحداثة تمثل ذروة المحاولات العلمية المذهلة  - تتعدى المظهر الزائف للتعلم والمطبوعات الاكاديمية، ما بعد الحداثويون يتبنّون بقوة طريقة لتجاوز أبشع حالات الهراء والّا معنى في ما يُعتبر عمقا . يمكننا القول  اننا الآن نعيش في ما بعد ما بعد الحداثة، لكنه يبقى مجرد رأي دون ان يُفرض على احد.

 

حاتم حميد محسن

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم