صحيفة المثقف

يحيى السماوي: كُـنّـا.. فـصـرنـا

يحيى السماويمـضـى مـا كـانَ يَـجـمَـعُــنـا فــأمــسـى

بِــمَــقـبــرةِ الـمُـنـى والـعـشـقِ رِمـســا

*

فــمــا عُــدتَ الــمُــطِــلَّ عــلـيَّ بَــدراً

ولا عُـدتُ الـمُـطِــلَّ عـلـيــكَ شـمــسـا

*

وكـــنّـــا فــي الـــوئــامِ نــدىً وورداً

وكـنّــا فـي الــلــقــاءِ فــمَــاً وكــأســـا

*

وكُــنَّــا لــلـهــوى لــغــةً فــصِــرنــا

عـلـى شـجَـرِ الـهـوى جَـمـراً وفـأســا

*

وكــنــا فـي الـغـــنــاءِ نــشــدُّ لــيــلاً

الى صُـبـحٍ قُــبَــيْـلَ نـصـيـرُ خُـرْســا

*

فــأضـحـى ظُــلــمــةً مـا كــانَ نــوراً

وأمــسـى مـأتَــمــاً مـا كــانَ عــرســا

*

ومـا أســفـي عـلـى فــردوسِ عـشــقٍ

رُزِئــتُ بـه ولا مـا عــشــتُ أُنــســـا

*

ولــكــنـي أسِــفــتُ عــلـى أســـيــفٍ (1)

بـغـيـرِ لـظـى الـحـشـاشــةِ مـا تـأسّـى

*

أغَــظْـــنـــا بــالـــمَـــوَدَّةِ ذا سَــــفــاهٍ (2)

وبـالـعـشـقِ الـطـهـورِ خَـنـاً ورِجـســا

*

إذا يـقـسـو عـلـــيَّ نــزيــفُ جُـرحـي

فـإنَّ الـجـرحَ دون الــنــزفِ أقــســى

*

ألا تَـــعـــســـاً لِـــذي طَــيــشٍ تــأبَّــى

 عـلـى نُــصْـحٍ ولـلـمـغــرورِ تَـعــســا

*

" مـشـيـنـاهـا ومـا كُـتِـبَـتْ عـلــيــنــا " (3)

فـإنّـا فـي الــمـســيــرِ نُــدِيــرُ رأســـا

*

وبـيْ مـا يُـعـجِـزُ الــتــدويــنَ حــزنٌ

ولـو أنـي جَـعَـلـتُ الـعـمـرَ طِـرســا (4)

*

أُحـارِبُــنـي ... وأعــرفُ أنَّ حـالــي

ضـعـيـفٌ لا يُـطـيـقُ نـوىً وحَـبْـسـا (5)

*

أســلُّ مـن الــضـلـوعِ عـلـيَّ سَــهْــمـاً

وأصـنــعُ مـن حُــطـامِ يــديَّ قــوســـا

*

وأضـفــرُ مـن رمـوشـي حـبْـلَ شـــدٍّ

وأنــســجُ بُـردتـي دِرعــاً وتِــرســــا (6)

*

بَــخــيــلٌ بــالــهـــمــومِ .. فــلا أُزَكِّـي

وقـدْ فـاضَــتْ ولا أعْـطَـيْـتُ خُــمْـســا (7)

*

وأُسْـــرِفُ بــالـغَـــنــيـــمــةِ لا أُبَــقِّــي

لِـنـفـسـي لـو غـنـمـتُ الـزرعَ غَـرســا

*

وكــمْ مِــنْ يــائــسٍ أشـــقــاهُ بــأســي

فَــزادَ تَــيَــؤّســـاً .. وازددتُ بــأســـا

*

فــمــا نــفــعُ الــشــراعِ ولا سَــفــيــنٌ؟

ومــا الإبـحـارُ فــيــهِ بـدونِ مَـرســى؟ (8)

*

ومَـنْ يـشـكـو الـخـلـيـقــةَ بــؤسَ حـالٍ

فــقــد طـلـبَ الـهَــوانَ وزادَ بــؤســـا

*

تَــمَــنَّــعْــنــا عــلـى وصْـــلٍ وكــنّــا

نُـضـيـفُ بـوَصْـلِـنـا لـلـصخـرِ حِـسّــا

*

إذا تــنــسـى الـمـــــــرايــا كـلَّ وجـهٍ

فــمــرآتي كـقــلــبـي لــيـسَ تــنـســى

*

ومَـنْ قـد غضَّ سـمـعـاً عـن صـريخي (9)

أيَــسْــمَــعُــنـي إذا نـاديــتُ هَــمْــســـا؟

 

*

وكـنـتُ أُصــيـخُ نـبـضـي لـو يُــنـادي

وإنْ كـان الــنــداءُ يــجـيءُ جَـرْســـا (10)

***

يحيى السماوي

25 / 9 / 2021م

.....................

(1) الأسيف: كثير الندم، كثير الحزن، ذو القلب المفرط في الرقة .

(2) تناص معكوس مع البيت المنسوب لأبي العلاء المعري:

مشيناها خطىً كُتِبت علينا

ومن كُتِبت عليه خطىً مشاها

(3) ذا سفاه: السفيه / نقيض الحليم . .. والخنا: البذيء قولا وعملا .

(4) الطرس: الورق / الكتاب الذي تُمحى كتابته فيُكتب فيه ثانية .

(5) الحبس: إذا كان الحكم أقل من ثلاث سنوات ـ أما السجن فأكثر من ثلاث سنوات وقد يصل مدى الحياة ... واللافت أن كثيرين لا يميزون بين الحبس والسجن ..

(6) الترس: ما يُحمل باليد لاتقاء سيف العدو .. أما الدرع فإنه يُلبس كالقميص أو الثوب .

(7) الخُمس: في المذهب الجعفري: أصله دفع الخمس من الغنيمة الى بيت مال المسلمين، وأصبح يعني خمس الأموال التي تزود عن مؤونة الشخص وعائلته ، لتُنفق على المعوزين ..

(8) الهاء في " فيه " تعود الى البحر المحذوف والمقدّر من خلال الجملة.

(9) الصريخ: الصوت الشديد طلبا للإستغاثة كما في قوله تعالى (وإنْ نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم) .. أما الصراخ فيكون أقلّ شدة ويمكن أن يكون عند اللهو والإحتفال والمشاجرة .. الخ .

(10) الجرس: هو الصوت غير المسموع .

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم