صحيفة المثقف

يحيى السماوي: أربع بتلاتٍ من زروع أنكيدو في بستان إينانا

يحيى السماويفنَقضتُ العهدَ  في خِلوةِ إغواءٍ

فكنتُ الحَطَبَ المحكومَ

بالإثمِ المُبينِ


  (1)

لـسـتُ أدري

أأنـا فـي جُـزُرِ الـكـنـغـرِ؟

أمْ فـي الــنــيــلِ؟

أمْ   لـنـدنَ؟

أمْ فـي حـضْـرَمـوتْ؟

*

مَـرَّ يـومـانِ ولـم  يـبـزغْ بِـلـيـلـي بـدرُ " إيــنـانـا" (1)

فـأغـفـو ..

جُـثَّـةً تـمـشـي عـلـى الأرضِ

غَـدوتْ

*

أنـا لـسـتُ اللهَ كيْ  أُحـيـيْ رُفـاتـي

بـعـد مَـوتْ

*

شُـلَّ أنـكـيـدو   .. (2)

وأوروكُ تـنـاءتْ   ..

وزهـورُ الـلـوزِ مـا عـادَتْ  قـواريـرَ الـفـراشـاتِ ..

الـدُّجـى خـاطَ جـفـونَ الـشـمــسِ

والـنـجـمُ يـتـيـمٌ

فـأنـا نـهــرٌ بـلا مـاءٍ

وثـغـرٌ دون صـوتْ

*

ألـبَـسَـتْـنـي كـفَـنـاً مـن حَـسَـكٍ ـ  غـيـرةُ مَـلـهـوفٍ ـ وجـمـرٍ

لـيـتـنـي  لـم أعـرفِ الـعـشـقَ

ولا كـنـتُ صَـبَـوتْ

*

لـيـتـنـي لـم أُدمِـنِ الـنـومَ

عـلـى وقْـعِ  حَـفـيـفِ  الـشَّـجَـرِ الـضـوئـيِّ

فـي فـردوس  " إيـنـانـا "

ودفءِ الـزَّنـدِ  والـسـاعِـدِ

مـا كـنـتُ غـفـوتْ

*

جـزتُ وديـانـاً وأنـهـاراً ..

صـحـارى وسـهـوبـاً وجـبـالا  ..

ما كـبـا بـيْ فَـرَسـي يـومـاً

فـكـيـف الـيـومَ  فـي مـخـدَعِ " شـامـاتِ " كَـبَـوتْ؟ (3)

***

(2)

هـارِبـاً مـن يـومِـهِ فـرَّ الـى مـاضـيـهِ " أنـكـيـدو "

حَـسـيـرَ الـعـيـنِ إلآ مـن طـيـوفٍ

بـعـضُـهـا قـوسُ قُـزَحْ

*

طـرَقَ الـبـابُ عـلـى حـانـةِ ســيـدوري ظـمـيـئـاً

أمـلاً فـي شِــربَـةٍ مِـلءَ قَـدَحْ

*

وسـريـرٍ مـن أمـانٍ يُـغـمِضُ الـعـيـنَ الـتـي قَـرَّحَـهـا الـسـهـدُ

فـجـاءَ الـصـوتُ:

مَـنْ  هـذا الـشَـبَـحْ؟

قـال:

لا أعـرفُـنـي ..

يـدعـونـنـي حـيـنـاً أمـيـرَ الـغـابـةِ الـمسـحـورةِ الأشـجـارِ

والـطـفـلَ / الـفـتـى / الـشـيـخَ  ..

وأحـيـانـاً أنـيـسَ الـطـيـرِ والـنـهــرِ

وحـيـنـاً قـاهِـرَ الـمُـرعِـبِ " خـمـبـابـا "  (4)

ولـكـنْ:

أكـثـرَ الأحـيـانِ أُدعـى سـادنَ الـمـحـرابِ فـي مـعـبـدِ " إيـنـانـا "

وحـاديـهـا إذا شــدَّتْ الـى الـصـبـحِ خـيـولَ الـلـيـلِ

والـعـبـدَ الـمـلـيـكَ / الـمَـلِـكَ الـعـبـدَ / الأمـيـرَ الـمُـقــتَــرَحْ

*

لِـبـلادِ الإنـسِ والـجـنِّ بــ " أوروكَ " ..

أنـا راعـي قـطـيـعِ الـغَـيـمِ

مـرعـايَ الـصـحـارى

كـلـمـا أعـزفُ بـالـنـايِ يـقـومُ الـعـشـبُ

والـبـابُ الـى جـنَّـةِ  " إيـنـانـا " انـفـتَـحْ

***

(3)

بَـسَـطَ الـرّاحَـةَ لـلـعَـرّافِ أنـكـيـدو:

أعـرسٌ فـي غـدي يـجـمـعُ أغـصـانـي بـجَـذري؟

أمْ تَـرَحْ؟

*

أطـرَقَ الـعَـرّافُ ..

واسْــتـنْـطَـقَ  وجْـهـاً وخـطـوطاً ..

هَـدأتْ ريـحٌ ..

رمـى بـضـعَ حـصـاةٍ تُـشـبِـهُ  " الـخِـرَّيْـطَ " (5)

واسـتـرسـلَ قَـولاً:

أيُّـهـذا الـسـومـريُّ  الـعـاشـقُ الـمـحـكـومُ بـالـغـربـةِ

صـبـراً

أنـتَ لا تـصـلـحُ إلآ لـلـفـرَحْ

*

ولِـغـابـاتٍ مـن الـشِّـعـرِ الـبـتـولـيِّ مِـداداً وحـروفـاً ..

كـلُّ صـدرٍ ضـاقَ مـن عُـسـرٍ

إذا يُـلـجِـمُ بـلـواهُ بِـحَـبـلِ الأمـلِ / الـصَّـبْـرِ  (6)

انـشـرَحْ

***

(4)

كـنـتُ عـاهـدتُـكِ والـشـاهـد كـانَ الـلـهُ

أنْ أخـلـعَ  عـنـي بُـردةَ الـطـيـشِ

وجـلـبـابَ الـمـجـونِ

*

فـنَـقـضـتُ الـعـهـدَ  فـي خِـلـوةِ إغـواءٍ

فـكـنـتُ الـحَـطَـبَ الـمـحـكـومَ

بـالإثـمِ الـمُـبـيـنِ

*

فـامـنـحـيـنـي زخَّـةً مـن مَـطَـرِ الـعـفـوِ

اطْـفِـئـي نـارَ  عـذابِ الـنَّـدَمِ الـوحـشـيَّـةَ الـجـمـرِ

فـقـدْ  ثِـبْـتُ الـى الـرُّشــدِ

وأصـبَـحـتُ أُبـاهـي فـي الـهـوى سِــفـرَ يـسـاري

بِـصـحـيـفـاتِ يـمـيـنـي

*

هـا أنـا أعـقـدُ عـهـدَ الـتـائِـبِ الـصِّـدقِ مـع الـلـهِ

وأنـتِ الـشـاهـدُ الـحَـقُّ

فـإنْ عـدتُ الـى تـفّـاحَـةِ الإثـمِ

اطْـرديـنـي

*

مـن فـراديـسِـكِ ..

لا غـفـرانَ لـيْ لـو جَـنـحَـتْ بـيْ مُـقـلـتـي

نـحـوَ  سـريـرٍ نـاعِـمِ الـدفءِ

ونـهـدٍ وعـيـونِ

*

جـئـتُ أسـتـجـديـكِ عـفـواً

فـأغـيـثـي عـبـدَكِ الـتـائـبَ صِـدقـاً

وأضـيـئـي كـهـفَ آثـامِ ظـنـونِ الـجـاحِـدِ الـنـعـمـى

بـقـنـديـلِـكِ يـا شـمـسَ يـقـيـنـي

***

يحيى السماوي

أديليد 17/10/2021

...................

(1) إينانا: إلهة الحب والخصوبة والجمال والرغبة والعدالة في ملحمة كلكامش ..

(2) أنكيدو: المتوحش القوي  الذي مارس الحب مع شامات فتأنسن ..

(3) شامات: الحسناء التي أرسلها كلكامش لإغواء أنكيدو

(4) خمبابا: الوحش المدمر في غابة الأرز ، وقد قتله كلكامش وأنكيدو بعد معركة ضارية .

(5) الخِرَّيط: حلوى سومرية الأصل  ذهبية اللون تصنع من زهور قصب الأهوار في جنوب العراق .

(6) تناص خفيّ مع قوله تعالى (فإن مع العسر يسرا) وقوله تعالى بلسان نبيه الأكرم " ص " (ربِّ اشرح لي صدري .. )

 

  

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم