شهادات ومذكرات

برنارد شو رائد الأدب الأنكليزي الساخر

abduljabar noriتوطئه: الأدب الساخر هو وسيلة للتعبير عن المعاناة والهموم ورسالة توضيح وتبيان مصلحة الناس المضطهدين، على اعتبار الكتابة أمانه ورساله وأنتماء، وهذا النوع من الكتابة، ليست لغرض التسلية والترف، ولا هي سلعة للبيع والشراء، أنّها للفقراء والمظلومين حين تكون هناك خطوط حُمرْ لا تتيح الأختيار في أستعمال الأسلوب المناسب، وهو سلاحٌ أقوى من النيران والسيوف، كم من أقلامٍ لاذعة صنعت ثورات الشعوب، وغيّرت مجرى التأريخ، وشيدت معالم وحقائق لا يمكن نسيانها، فالكتابة الفكاهية الخالية من الحجج والنقد والتي هدف منها الأضحاك فقط ليست نقدا ساخراً بقدر ما هي كوميديا فقط وتهريج، والنقد المجرد الخالي من البسمة والفكاهة ليس نقداً ساخراً بقدر ما هو مقالة صحفية {فالأدب الساخر واللاذع هو التوليف بين النقد والفكاهة} فهو الأسلوب المتميّز الذي أختصّ بهِ الكاتب المسرحي " برنارد شو " .

العرض: برناردشو 1856/ 1950 ولادة دبلن أنكلتره وهو أحد أعظم من أنجب الأدب العالمي، و أحد اهم كتاب ومؤلفي المسرح، وكان يعرف بأنهُ أحد مؤسسي الأشتراكية (الفابية) - وتعني تطبيق الأشتراكية بالطريقة السلمية – والتي أصبحت من بعدهِ قاعدة هامة للغاية وأتجاه لأهم الشخصيات في العالم، واصبحت لأبداعاتهِ ومؤلفاتهِ التي رسمت في التأريخ طريقاً من النور لجميع مثقفي العالم، وتعتبر لغتهُ من أهم ما قُدم للغة الأنكليزية، حيث أدخل النقاد صفة جديدة على اللغة الأنكليزية وهي ( shavian) للتعبير عن براعته اللغوية، وكتب في النقد الموسيقي، ثُمّ إلى المسرح وألف ما يزيد على 60 مسرحية تحتوي على جرعة كوميدية ساخرة، وأنهُ المؤلف الأرلندي المسرحي الشهير، تزخر أعماله بالظرافة والسخرية اللاذعة .

فلسفته في الحياة/** برز في مجال العلم والفن الذي رأى أنهُ السبيل الوحيد من أجل الخلاص والتمتع ببيئة نظيفة، وخالية من المشاكل والمشاحنات، غير أنهُ كان يدري أن تغيير العالم ليس بيدهِ ليس لأي أمر، ألا أنّهُ يريد أن يكون كل شيء مثالياً، وفي الدنيا ليس للمثالية وجود على الأرض . ** وفلسفته في الحياة فقد جعل من مكافحة الفقر هدفاً رئيسياً لكل ما يكتب ، وخاصة في بدايات حياته عندما كان يعاني من الفقر الشديد، لذا كان يرى " الفقر مصدر لكل الآثام والشرور كالسرقة والأدمان والأنحراف، وانّ الفقر معناهُ الضعف والجهل والمرض والقمع والنفاق، ويظهرها جلياً في مسرحيتهِ (الرائد باربارا) التي يتناول فيها موضوع الفقر والرأسمالية، ونفاق الجمعيات الخيرية . ** بدأ نشأته في مجال (الحركة الأشتراكية Sociallism، وأنظم إلى الجمعية الفابية وهي جمعية أنكليزية يسعى أعضاؤها إلى نشر المباديء الأشتراكية بالوسائل السلمية ** يؤمن بالتعليم الذاتي، فقد كانت المدارس في رأي شو " ليست سوى سجون ومعتقلات . ** يقول " شو" عن سخريته " أنّ أسلوبي في المزاح هو أنْ أقول الحقيقة، وأنهُ عندما يكون الشيء مضحكاً أبحث عن الحقيقة الكامنة وراءهُ .** لذا يتصف بالظرف والسخرية من المواقف المؤلمة، والجهر بالرأي وعدم المبالات بمخالفة المألوف والتمرد على التقاليد السائدة، كان " شو" يسخر من نفسه كما كان الجاحظ الذي كان يسخر من نفسه ومن الآخرين، مثلاً عندما سُئل عن حالة الأقتصاد العالمي: قال لحيتي كثيفة ورأسي أصلع كالأقتصاد العالمي " غزارة في الأنتاج وسوء في التوزيع ". ** فلسفتهُ الأنسانية تكمن في قوله : حينما أكتب مسرحياتي أقصد أنْ أحمل الشعب على أن يصلح شؤونه، وليس في نفسي باعث آخر للكتابة أذ أنني أستطيع أن أحصل على لقمتي بدونها . ** رفض أن يزور أمريكا حتى لا يرى سخرية القدر بوجود تمثال الحرية في بلدٍ يهين ويحتقر الأنسان أينما كان ---- ذلك البلد الذي أنتقل من البدائية إلى الأنحلال دون يعرف الحضارة (والقول لبرنارد شو).** أنتقد النظام الرأسمالي لخصها بهذه الجملة المعبرة الرائعة " أنّ طريق الحياة فيها يمر عبر مصنع الموت " **ويظهر أنُّهُ يؤمن بالمثل " القناعة كنزٌ لا تفنى " حين رفض جائزة نوبل عام 1925 عندما تحسن وضعه المادي إلى درجة كبيرة قائلاً : وصلت بر الأمان فلماذا ترسلون أليّ عوامة النجاة ؟ ---

أشهر مسرحياته /** بيوت الأرامل / 1892، التي تصوّر النظام الرأسمالي فتنتقدهُ وتسخر منهُ . ** مسرحية " بيجاماليون " من أهم أعماله الكوميدية، تعالج موضوع الطبقات الأجتماعية والسلطة والعلاقات السياسية / 1913 . ** بيت القلب الكسير، يؤكد فيها أنّ " الأيمان " والسعي من أجل تحقيقه يحمي الأنسان من السقوط والدمار، ويدين فيها الأفلاس الروحي لأبناء جيلهِ .

أخيراً/ وأنا أكتب في هذا الحقل من الأدب الساخر أستذكرت أديبنا الراحل الشهيد الشيوعي " عبد الجبار وهبي " أبو سعيد، الذي أغتيل في شباط الأسود، وأسمهُ يتلآلأ وبخط عريض واجهات الصحف المحلية والعربية في ستينيات القرن الماضي {عبد الجبار وهبي / القائد الشيوعي الساخر} وكان له عمود خاص في جريدة الحزب " أتحاد الشعب " تحت عنوان (كلمة اليوم) في الصفحة الأخيرة والتي تتسم بعمق المعنى، وعمق الفكرة الساخرة وبساطة الجملة، وكان ذو وقع عظيم في نفوس ومشاعر الشعب، وتأثير عظيم في عقول وطموحات الناس وتطلعاتها الجديدة حتى قال عنه الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم {رصاص رأس القرية ولا كتابات عبد الجبار وهبي} وكان ذو مقدرة عالية في تشخيص السلبيات وأختيار مواضيعها وربطها بحكايات شعبية لشد القاريء إلى الهدف، ومن أهم كتاباته اللاذعة الصحفية والمشهورة ( سارق الأكفان / عند قراءتها تتصور أنّ الكاتب يعيش معنا لتطابق المعاناة، وأسألوا الشرطة ماذا تريد وطنٌ حُرٌ ونوري السعيد، وأبو شوارب، أقطاب وأذناب، شائعات وأشياء أخرى ----

 

هوامش البحث / *** أعمال وأنتاج " شو " في قاعدة بيانات الأنترنيت ، ومكتبات ورلدكات//

 

عبد الجبار نوري / السويد- ستوكهولم

 

 

في المثقف اليوم