شهادات ومذكرات

جراح الماضي

fatimaalzahraa bolaarasتتحدث عمتي والدموع في عينيها كيف أن المعمر حرمهم من التعليم .. تتنهد وهي تقول كنا نسكن قريبا من المدرسة .. المدرسة التي أسستها جمعية العلماء لتدريس البنات كانت على بعد أمتار من بيتنا .. وقد رفض والدي أن يسجلنا في المدارس الفرنسية انتصارا لجزائريته وكموقف مدعم لثورة التحرير .. رغم أن بنات الجيران يذهبن إلى المدرسة الفرنسية وكنت أذهب معهن أنا وأختي الصغيرة (نرافقهم في الطريق فقط لأنه طريق واحد ينتهي عند الحاجز) ولسوء حظنا كنا نمر على حاجز من الدرك أو الشرطة لا أدري فلم أكن أفرق كنت أرتعد خوفا من ملامحهم القاسية كانوا لا يبتسمون أبدا .. عيونهم الزرقاء باردة وبلا تعبير .. كان الواحد منهم ينتزع من أيدينا (أنا وأختي) حقيبة القماش .. ينظر داخلها ويسحب ألواحنا الأردوازية وعندما يلاحظ بقايا الأحرف العربية المكتوبة بالطباشير الأبيض ولم تمسح تماما .. كان يرميها بعنف على الأرض ثم يأمرنا بخشونة أن نعود إلى بيتنا وهو يشتمنا .بينما كانت بنات جيراننا يحملن محافظ جلدية (فقد كان والدهم موظفا في الإدارة الفرنسية) وعندما كان يقرأ في كراريسهم اسم المدرسة وكانت تحمل اسم كاتبة فرنسية معروفة كان وجهه ينفرج عن ابتسامة لامبالية وهو يقول هيا اسرعن .. إنه الوقت لطالما نصح جارنا الموظف والدي (تقول عمتي وردة) بأن ينقلنا إلى المدارس الفرنسية .. لكنه رفض فرغم أن الإدارة الفرنسية تحرمه من المنحة العائلية فقد كان أجيرا وله الحق فيها و حرم منها بسبب موقفه ذاك أي عدم دخولنا تلك المدارس.

تقول عمتي والدموع تترقرق في عينيها لست نادمة على موقف والدي الذي هو موقف مشرف ولكن .. أن نتعلم لغة فرنسا أحسن من الأمية والجهل أليس كذلك

لم أكن أعرف كيف أجيب عمتي لكنني كنت أحس معاناتها وإحساسها بالظلم تختم عمتي حديثها بقولها ومع ذلك فهناك من يترحم على أيام (فرنسا)

الاستعمار كله شر يا ابنتي ولو ذاق هؤلاء ولو قليلا من شره لما بطروا كما ترين

كنت افكر في كلام عمتي بجد هل صحيح أننا جيل جاحد؟؟ أبطرته النعمة

ربما ولكن فقط بالنسبة لمن حرمت من التعليم مثل عمتي المسكينة؟؟

 

فاطمة الزهراء بولعراس

في المثقف اليوم