شهادات ومذكرات

رشيد العالم: (دُولفِين أرفيلـُور) أوَّل حَاخـَامَة يَهُوديَّة بفرَنسَا

rasheed alalimتعد (دلفين أرفيلور) أول حاخامة بفرنسا خَرقت الإجماع اليهُودي والعُرفي والتقليدي القائل بأنَّ المرأة لا يحقُّ لها أن تدير معبدًا يهوديًا، كما تعد عُضوة بالحَركة اليهُودية الليبرالية التي تنادي بضرورة إعَادة قرَاءة الترَاثِ الدٍّيني اليَهُودي وإعَادة تفسير التورَاة والتلمُود، بَل وَصَلت بهَا الجُرَأة أن قالت في (رَادُيو أورُوبَا) بأنه من اللازم عَلينا أن نمَارس نوعًا من العُنف تجَاه النصُوص المقدسَة وإلا ظلمنا النـَّاس.

سَافرَت (دلفين أرفيلـُور) لدراسة الطب بإسرَائيل وتعلم اللغة العبرية،  واشتغلت حينمَا عَادَت إلى فرنسَا فِي الصِّحَافة ثم سافرَت بعد ذلك إلى الولايَات المُتحدة الأمريكيَّة لدِرَاسَة اللاهُوت اليَهُودي  والتلمُود وتكوين الحاخامات الأمرُ الذي لم يكن مَسموحًا به في فرنسا لطغيَان التيَار اليَهُودي المُحَافظ عَلى المُؤسسَات الدٍّينيّــة، فتكوين الحَاخَامَات كان حِكرًا فقط على الذكور دُون الإناث ولذلك قرَّرت السَّفر إلى أمريكا، وبعْدَ تخرجها عَادت (دولفين أرفيلور) إلى فرنسا واشتغلت بمَعبد يَهُودي بالمقاطعة الخَامسة ببَاريس، كما تعدُّ (دُولفين أورفيلور) أوَّل حَاخامة جَمَعت بينَ العَمل الأكاديمِي وتربيَة  الأسرَة والمَشَاركة في الملتقيَات الدولية، يتضمَّنُ خطابهَا ندَاءً تحرريًّا يدعُو إلى إعَادَة بنـَاء الوَعي الدِّيني الذي لا يَقبل المُسَاواة  بين الرجل والمرأة خاصَة في الشؤُون الدينية كما تدعُو إلى التسَّامح بين الأديان ونبذ شتى أشكال الكرَاهية  وإعطاء فرصَة للمرأة من أجل إظهَار إمكانـيَاتهَا  في تدبير الشأن الدِّيني والقطع مَع كافة أشكال الإكراه الديني الذي حَسَب (دولفين أرفيلور) كان عاملا جَوهريًا في بُرُوز التطرف والتشدد عِند تيَّارَاتٍ دينية حتى داخل اليهُوديَّة، كما تدعُو عبر مؤلفاتهَا خاصَّة كتابها "كيفَ يلدُ الحَاخامَات أبنائهُم''  إلى مُحَاربَة ثقافة النظر إلى الناس من خلال دِيَانتهم ورُموزهم الدينية والنظر إليهم كمُوَاطنين لأن النظر إلى الآخر من خلال الدِّين غالبًا مَا يكونُ عَامِلا في نبذهِ وكرَاهيَّته.

تعتبرُ (دولفين أرفيلور) أن حُريَّة التعبير والحُريَّة الدينية جُزءٌ مقدسٌ غيرُ قابل للتجزئة، فالحُريَّة الدينية تبدأ من حُرية التعبير عَن الأفكار والأيديولوجيات والمُعتقدات.. كمَا ترَى أنّ النصُوص الدٍّينيَّة  تمُوت وتفقد جَوهرَهَا إذا لم تجب أن الأسئلة الرَّاهِنة التِي تبرزُ وفق المتغيرَات والتطوُّرَات التي يشهدها العَالم بأسره، فحين ينطقُ النصُّ مَرَّة واحِدَة ولا يُطيق النطق مَرَّاتٍ أخرى فهَذا يَعني أن النصَّ مَات وعَلينـَا أن نعوضه باجتهادنـَا وأفكارنـَا وعقولنـَا.

وفي مسألة الراديكالية الدينية تعتبر (دولفين أرفيلور) أنها ليست مُقتصرَة على بعْض التيَّارَات الاسلامية وإنمَا هُناك أيضًا تيَّارات يمتشددة َيهُودية ومَسِيحية وبوذية وهندوسية كما ترى بأن الراديكالية تشمل حتى الأيديولوجيَّات السياسيَّة والفلسفـَات الفكريَّة.

وفي قضيَّة العَلمَانية ترى (دُولفين أرفيلـُور) أنهَا استطاعَت أن تحَقق انجَازَاتٍ هَامة فِيمَا يخص الشُغل والحرية والتعَددية والقانون والكرامة.. إلا أن المُسَاوَاة الدينية هِيَ مَا لم يتحقق لا فِي اليَهُوديَّة ولا فِي المَسيحية ولا فِي الإسلام وهُوَ ما ندافع عَنه ونصبُو إلى تحقيقه في المُسْتقبل القريب.

 

في المثقف اليوم