شهادات ومذكرات

شيخ الشهداء في ليبيا عمر المختار

nooradin samoodولد شيخ الشهداء في القطر الليبي الشقيق عمر المختار سنة 1860م وأعدِم فيها سنة 1931م: وقيل عنه في (الموسوعة العربية المسيرة:) ( زعيم ليبي من قبيلة "المنفة"(كذا؟) العربية، ولد في "البطنان ببرقة"، وتلقى علومه الدينية في "جغبوب" مركز "الدعوة السنوسية"، ولما حفِظ القرآن وأتمَّ دروسه عُيِّن شيخا على "زاوية القصور" "بالجبل الأخضر". اختاره السيد "محمد المهدي" شيخا لزاوية "كلك" بالسودان. عاد إلى "بَرقة" 1903 لإدارة شؤون "زاوية القصور" حتى 1921. حينما احتلّ الإيطاليون "بنعازي" تولَّى قيادة الحركة الوطنية ضد الإيطاليين، وباشر الجهاد عدة سنين حتى تغلب عليه الإيطاليون وأسروه وقدموه لمحاكمة صورية. حُكِم عليه بالشنق 1931).(1)

وقد رثى أميرُ الشعراء أحمد شوقي شيخَ الشهداء بقصيدة ذات 40 بيتا، كُتِبَ تحتها هذا التعريف: (شهيد المسلمين والعرب بطل طرابلس الخالد عمر المختار، هو من الأسرة السنوسية أصحاب الطريقة السنوسية ذات النفوذ الروحاني العظيم في كثير من أقطار الإسلام. ظل يقاتل الطليان في سبيل الذود عن وطنه وقومه حتى قبضوا عليه وأعدموه شنقا سنة 1931، وأشيع وقتئذ أنهم سلكوا في إعدامه سُبُلا بشِعة متوحِّشة, ولم يرحموا سنـَّه التي نيفت على التسعين). والصواب: أنه(... نيفت على السبعين) وكنت أظنها غلطة مطبعية، لأن كلمتي: "تسعون وسبعون" على وزن واحد، ولكن البيت رقم 38 منها يدل على أنه كان يعتقد أن إعدامه تم في التسعين من عمره في قوله:

تسعون لو رَكِبَتْ مناكبَ شاهقٍ*لترجَّلتْ هضباتُهُ إعياءَ

ونختار من تلك القصيدة الأبيات العشرة الأولى:

رَكَزوا رفاتًكَ في الرمال لواءَ *يـسْـتـَنـْـهض "الـوادي" صباحَ مساءَ

يا ويحهمْ، نصبوا منارًا من دمٍ*تـُوحــي إلى جــيـلِ الغـَـدِ البَغـــضــاءَ

ما ضرَّ لو جعلوا العلاقةَ في غدٍ*بـيــن الشــعـــوب، مـــودَّةً وإخـــاءَ؟

جرحٌ يصيحُ على المَدَى وضحيَّةٌ*تـتـــلـــمَّــسُ الحــريَّـــةَ الـحــمـــراءَ

يا أيها السـيفُ المجــرَّدُ بالفـلا*يكسـو السيوفَ، على الزمانِ مَـضـاءَ

تلك الصحارى غِمْدُ كلِّ مهنـَّدٍ*أبـلــى فأحــســنَ - في العـدوِّـ بــلاءَ

وقبورُ موْتـَى من شباب أميّةٍ*وكهـولِـهـــمْ لــم يــبــرحــوا أحـيـاءَ

لو لاذ بالجَوْزاء منهم مَعْقِلٌ*دخـلــوا – على أبراجها – الجـوزاءَ

فتحوا الشَّمال: سهولَه وجبالَه*وتـوَغـَّلــوا فاسـتــعـمـروا الخضـراءَ

وبَنوْا حضارتهم فطاولَ ركنـُها*(دار السـلام) و(جِلـّقَ) الشـَّـمَّـاءَ(2).

لقد قررشوقي في البيت الثاني من مرثيته أن شنق هذا الشهيد من قِبَلِ الإيطاليين المحتلين، عملية (توحي إلى جيل الغد البغضاءَ، ومما يثلج الصدر في هذا الموضوع أن تلك الحرب لم تظلَّ توحي إلى جيل الغد البغضاء، فقد دعت ليبيا الممثل الإيطالي الشهير (أنطوني كوين) ذي الأصول الإيطالية إلى القيام بدور الشهيد عمر المختار لشدة شبهه به، فقام بالدور أحسن قيام رغم اطلاعه على ما قام به أبناء وطنه نحو الليبيين وزعيمهم عمر المختار، من خلال التاريخ، أو على الأقل من خلال سيناريو ذلك الشريط، وإذا كان تسلط إيطاليا على ليبيا، عملا همجيا، فإن العمليات الإبادية التي يسلطها حكام ليبيا على أبناء جلدتهم، بما استـُعمِلتْ فيها من وسائل الإبادة والتدمير مثل: الرشاشات والمدافع والدبابات والطائرات والقنابل... كل ذلك أنكى وأشد من تلك الحرب الإيطالية، وأدعى إلى أن (توحي إلى جيل الغد البغضاء)، وهذا ما يجعلنا ننشد قول طرفة:

وظلمُ ذووي القربَى أشدُّ مضاضة*على المرْءِ من وقع الحسامِ المهنـَّدِ

ورحم الله زمان "الحسام المهند" إزاء "الكلاشينكوف والرشاش" و"القنابل المسيلة للدِّماع"، وهو تركيب مزجي من الدموع والدماء.

 

......................

هوامش وتعليقات: (الموسوعة العربية المسيرة) بإشراف محمد شفيق غربال المجلد الثاني ص 1393.. دار إحياء التراث العربي (صورة طبق الأصل من طبعة – الشعب – 1965) القاهرة. مج 2 ج 3 ص 17/ 19. (2) انظر القصيدة كاملة والتعليق تحت أولها في الشوقيات مج2 ج3 ص 17 طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.

 

 

في المثقف اليوم