شهادات ومذكرات

عبد النور غباشي .. عاشق العقلانية الأداتية

محمود محمد عليهناك رواد تنحسر عنهم أضواء الشهرة من المتخصصين في الفلسفة؛ وبالأخص في مصر بسرعة لافتة للنظر، مع أنهم أسهموا قدر استطاعتهم في الارتقاء بالبحث والدرس في مجالها، وعملوا قدر طاقتهم علي أن ينقلوا ما عرفوه إلي تلاميذهم، وعلي أن يبدعوا في أكثر من مجال مثل أقرانهم الأكثر شهرة الذين كان عليهم الإسهام في كل مجال من مجالات المنطق وفلسفة العلوم، استجابة إلي تحديات الركود الفكري في مجتمعهم ورغبة في الوقت نفسه في الارتقاء بهذا المجتمع من خلال نشر التنوير.

ويعد الدكتور عبد النور عبد المنعم عبد اللطيف غباشي (1965-2006)- مدرس المنطق وفلسفة العلوم – جامعة سوهاج –بجمهورية مصر العربية - والذي مات في ريعان شبابه بعد معاناة طويلة مع المرض عام 2006 م، من رواد المنطق وفلسفة العلوم الذين انحسرت عنهم أضواء الشهرة ؛ حيث أنه قلما يذكر اسمه في المؤتمرات والمحافل التي تهتم بالمنطق وفلسفة العلوم في مصر وفي العالم العربي، مع العلم بأن هذا الرجل كان واحداً من الأساتذة الجامعيين الذين استطاعوا في بحوثهم ومؤلفاتهم أن ينقلوا البحث في المنطق وفلسفة العلوم من مجرد التعريف العام به، أو الحديث الخطابي عنه – إلي مستوي دراستها دراسة موضوعية، تحليلية – مقارنة . وقد كان في هذا صارماً إلي أبعد حد: فالنص الفلسفي لديه هو مادة التحليل الأولي، ومضمونه هو أساس التقييم، والهدف منه هو الذي يحدد اتجاه صاحبه.

يشهد علي ذلك زملاؤه بكلية الآداب فرع سوهاج جامعة أسيوط (سابقاً) التي شهدت مولده الوظيفي في أواخر تسعينيات القرن الماضي، بل ويشهد علي ذلك طلابه الذين أشرف تعلموا علي يديه وزملاؤه الذي احتكوا به في ؛ نعم لقد كانوا يروا جميعا في الدكتور عبد النور، بأنه نعم الرجل المتوحد الشامخ: سراجاً هادياً، عالياً كالمنار، وارفاً كالظل، زاخراً كالنهر، عميقاً كالبحر، رحباً كالأفق، خصيباً كالوادي، مهيأ كالعلم، لا يرجو ولا يخشي، طاقته لا تنضب، كأن وراءها مدداً يرفدها من سر الخلود .

والدكتور عبد النور من مواليد 1965 - قرية صهرجت الصغرى – اجا – دقهلية- بجمهورية مصر العربية، وهو حاصل علي ليسانس الآداب تخصص فلسفة بتقدير عام جيد جدا عام 1987م من كلية الآداب جامعة الزقازيق، ثم حصل علي السنة التمهيدية للماجستير في الآداب تخصص فلسفة حديثة ومعاصرة من قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، 1992 م، ثم حصل أيضا علي ماجستير الفلسفة تخصص فلسفة العلوم من قسم الفلسفة بكلية الآداب بسوهاج – جامعة اسيوط عام 1995 م في موضوع بعنوان " الاحتمال وأبعاده الفلسفة عند كارناب . بإشراف : أ. د/ نصار محمد عبد الله، وفي مرحلة الدكتورة سافر إلي الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة علمية لجمع المادة العلمية للدكتوراه لمدة عامين 1996-1998 م، ثم حصل علي دكتوراه الدولة في الفلسفة تخصص فلسفة العلوم من قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة – عام 2000م بإشراف : أ. د/ يمنى طريف الخولى والدكتور بدوي عبد الفتاح في موضوع بعنوان "التفسير الآداتي للقانون العلمي" .

وتاريخه يشهد له بخبرات علمية لابأس بها، فمنها أنه عمل معيداً بقسم الفلسفة كلية الآداب بسوهاج – جامعة أسيوط في الفترة من 1991 وحتى، ثم عين مدرساً مساعدا للمنطق وفلسفة العلوم بكلية الآداب بسوهاج في الفترة من 1995 م، ثم عين مدرساً لفلسفة العلوم بكلية الآداب بسوهاج خلال الفترة من 2000 وحتى 2006، سافر للعمل مدرسا لفلسفة العلوم بجامعة عمر المختار بدولة ليبيا (فرع درنة) خلال الفترة 2003-2005 .

وللدكتور عبد النور العديد من المؤلفات فإلي جانب إلي جانب رسالتيه للماجستير والدكتوراه قام بنشر عدد من المؤلفات ابرزها :

1-أخلاقيات العلم (مدخل) تأليف : ديفيد ب. رزنيك، ترجمة د/ عبد النور الغباشي، مراجعة أ.د/ يمنى الخولى، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، العدد 316 لسنة 2005 م.

2- بحث بعنوان "النسباوية في التحليل الإجرائي للعلم" مجلة كلية الآداب - جامعة سوهاج: العدد.28، ج.1 (مارس 2005)، ص. 127-156..

3- بحث عقلانية التقدم العلمي عند أ. لاكاتوش، مجلة كلية الآداب - جامعة سوهاج: العدد.28، ج.1 (مارس 2005)، ص.157-182 .

4- تاريخ العلوم عند العرب، مطبعة الجامعة بسوهاج، 2003 م .

5- محاضرات في فلسفة العلوم، مطبعة الجامعة بسوهاج، 2003م .

كان الدكتور النور رحمه الله من عشاق العقلانية الأداتية؛ وبالذات عقلانية ستيفن تولمن، فقد كان يري العقلانية أساساً هي الاتجاه التنويري الذي يثق في الإنسان وقدراته، فيرفع كل وصاية عليه ويتركه يبحث عن الحقيقة بلا سلطة تفرضها ؛ وهو من المؤمنين بأن العقلانية ضد السلطة بكل أنواعها، فقد حررت العقلانية الإنسان من الأفكار الدجماطيقية واللاهوتية والأفكار التسلطية والآراء التعسفية وأفكار ذوى النفوذ والسلطان والأيديولوجيات السياسية التي تقف حجر عثرة في سبيل الانطلاق بعقله إلى أفاق الحرية التي هي تاج التجربة الإنسانية، ومن ثم دعوة نحو المذهب الإنساني الذي يقوم على دعامته الإنسانية ألا وهى الحرية الإنسانية.

وفي كتابه التفسير الأداتي للقانون العلمي "، وهي رسالة دكتوراه غير منشورة بآداب القاهرة،2000-2001، حيث كتب المؤلف فصلاً عن " المعرفة العلمية والخرائط الجغرافية في ضوء رؤية س. تولمن الأداتية ؛ أكد لنا الدكتور عبد النور أن الفهم الوظيفي للنظرية مثل القانون يرتكز بداية علي التفسير، وليس الوصف شأنه في ذلك شأن معظم المفكرين والفلاسفة الأداتيين، فالعلم الفيزيائي في نظره لم يكن آلة حاسبة عقلية، وإنما بالأحري نمط تشريحي أو تفسيري، ومن ثم يختلف عن التاريخ الطبيعي مثلاً الذي يركز علي الوصف بدلاً من التفسير . وهذا ما يجعل الفيزيائي يبحث في صيغة أو شكل القانون أو النظرية بدلاً من أن يتتبع انتظاماً أو اطراداً لظاهرة ما أو أخري . إن كل العلوم الوصفية فيما يري " تولمن " هي في حقيقة الأمر علوم يصعب قبولها.

ومن جهة أخري فقد أشاد الدكتور عبد النور بقيمة وأهمية ابستمولوجيا " ستيفن تولمن "، حيث أكد بأن هذا الرجل تولمن بقدرته علي تجسيد وعي الأداتية الفريد بتاريخ العلم، والذي ناهضته الوضعية المنطقية . لذلك سوف يحتل موقعه بين فلاسفة الردح الأخير من القرن العشرين الواعدين بأفاق مستقبلية لفلسفة العلم، علاوة علي أنه كان يجمع الخير من الخير من طرفيه، فهو أداتي بارز فيسهل عليه تأكيد أن صدق المعرفة العلمية في حد ذاته ليس موضع الاهتمام . ثم يلتقي مع بوبر بعد ذلك حين يؤكد أن الاهتمام فقط بنمو المعرفة وتطورها، ويلتقي معه أكثر وأكثر حين يري المعرفة تنمو في ضوء النقد الموجه لها، ولكنه أكثر من كارل بوبر وعياً بتاريخ العلم، فهو يصغر بوبر بعشرين عاماً تمثل مزيداً من تقدم فلسفة العلم نحو الوعي بتاريخه ؛ رأي " تولمن " – بحكم أداتيته – أن تاريخ تطور معالجات المشكلة المطروحة للبحث، أهم بالنسبة للعالم الباحث من الانشغال بقضايا المحتوي المعرفي وإشكالية الصدق.

وعن أهمية العقلانية عند تولمن تساءل الدكتور عبد النور قائلاً : هل استجاب" تولمن " إلي نداء العقلانية بهذه المعاني السابقة؛ وخصوصاً التي تعد العقل، هو المصدر الوحيد للمعرفة ؟ هل يعني تولمن بالعقلانية الثورة علي السلطة الدينية في العصور الوسطي ؟ هل يعني بها عقلانية ديكارت التي تمكننا من قراءة الطبيعة من خلال العقل؟

ثم أجاب قائلاً: إن العقلانية عند تولمن هي العقلانية الناقدة للمعرفة لا المؤمنة بالمعرفة إيمان تسليم؛ بمعني أنها عقلانية باحثة عن الأسباب، ساعية إلي التفسير والتنبؤ، تبدع قبل أن تتلقي، تخلق اشكالياتها مع لحظة وجودها.

ومن جهة أخري أكد عبد النور أن عقلانية تولمن تعول علي أن العلم لم يعد ثمرة جهد أفراد أو مجموعات منفصلة، بل أضحي قطاعاً هاماً وحاسماً في النشاط الاجتماعي، منظما كمؤسسة اجتماعية وبالتالي مخططاً إلي درجة عالية. وهكذا أصبح العلم صيغة منظمة اجتماعياً للنشاط الروحي الإنساني الذي ظهر عند مرحلة محدودة من التطور التاريخي، ويرتبط ارتباطاً بالتطور التاريخي للبشرية وتوجد جماعات متخصصة تعمل في إطار المجتمع والتاريخ عاكفة علي الإنتاج المتصل لمعارف موضوعية جديدة عن الطبيعة والمجتمع وفكر الإنسان . يضاف إلي هذا أن العلم أصبح الآن قوة إنتاجية وعاملاً فعالاً في تغيير العالم والطبيعة والإنسان والمجتمع . وهو ما يعني أن العلم بات يعتمد بالإضافة إلي قدراته الذهنية والابداعية وتنميتها بغير حدود وزيادة فعالية فكرة وخلق الظروف المادية والروحية لتطوره المتكامل والشامل .

هذا ويري عبد النور أن عقلانية تولمن تقف موقفاً وسطاً بين التجريبيين والعقليين، فهي تعتبر المسلمات بصفة عامة مواضعات أو اتفاقات عرفنا بالتجربة أنها ملائمة، تفيد فى وضع الفروض التى تؤدى إلى التعميم والتنبؤ؛ فاعتقادنا بوحدة الطبيعة وبساطتها وانتظامها واطرادها يجعلنا نصحح نتائج التجارب التى تمثلها نقط مشتتة، فنحن نصل بينها بخط متصل لنعبر عن القانون العلمى الذى يسمح لنا بالتنبؤ، فإذا لم تكن الطبيعة واحدة وبسيطة ومنتظمة ومطردة، علينا أن نتصرف كما لو كانت كذلك، والذى لا يقوم بهذا التصحيح يصل حتما إلى قوانين شديدة الغرابة .

إن أهم ما ميز ابستمولوجيا تولمن في نظر عبد النور هو أنه قاد ما كان يسمى بـ "فلسفة العلم"، أو "فلسفة المعرفة"، لا فرق، نحو النقطة الحاسمة التي أصبح فيها الانفصال والاتصال مع نظام إشكاليتها يطرح كضرورة نظرية ومعرفية قصوى. وبعمله على تحقيق هذا التجاوز، فلقد أحدث تولمن تحولاً ثورياً في بنية التعامل الفلسفي مع الممارسات العلمية. وهو تحول عين للابستمولوجيا وضعا نظرياً جديداً وحدد لها مكانا للتدخل: وضعا جعل منها ممارسة نظرية تعنى بفهم السيرورات الفعلية لإنتاج المفاهيم العلمية وتبرز الإطار الفلسفي الحقيقي لذلك الإنتاج من جهة، ومن جهة أخرى تهتم بنقض كل محاولات الإحتواء التي تمارسها فلسفة الفلاسفة. ومكانا للتدخل هو فصل العلمي عن الفلسفي ضمن عملية ابستمولوجية تتسم بالإحالة على تاريخ العلم وتاريخ ما يعترض تكونه وصيرورته، ولقد شكل هذا الربط بين الابستمولوجيا وتاريخ العلوم، عند تولمن، وحدة عضوية في موقع جدتها الثورية وأصالتها العميقة.

كما يؤكد عبد النور أيضا تولمن قد نجح في عقلانيته أن يزيل ما علق في ذهن الإنسان الغربي المنتمي للمشروع الكلاسيكي للعقلانية، وبالذات ذلك المشروع الذي انبثقت من كل العقلانيات النسقية وبالذات تلك التي ظهرت في القرن السابع عشر والتي تزعم أن العقل له صفة الكلية والثبات .

ومن القيم الهامة التي أفرزتها عقلانية تولمن في نظر عبد النور: هي قيمة النقد وقابلية كلي شئ للمراجعة، وبالتالي فهي لا تعترف ببناء أو نسق نهائي للفكر العلمي، بل تري فيه بناء يتجدد باستمرار علي ضوء التطورات العلمية المستمرة ؛ ويقول أيضا إذا أردنا أن نلخص العقلانية عند تولمن فيمكن القول بأنها عقلانية تسعي إلي الانتقال من عقلانية الحداثة إلي عقلانية ما بعد الحداثة، وهذه العبارة تعني أن مشروع العقلانية الحديث بشقيه العقلي والتجريبي قد بلغ ذروته وأنتهي إلي مرحلة جديدة في تاريخ العقلانية هي مرحلة ما الحداثة . فعقل ما بعد الحداثة يختلف عن العقل الحديثة (عقل التنوير) فعقلانية ما بعد الحداثة تهدف إلي تغيير الوضع القائم للعقلانية تغييرا فعليا وجذريا .

ويستطرد عبد النور قائلاً: إن العقلانية عند تولمن لا تختلف في جوهرها عن رؤية عقلانية كارل بوبر التي تعول علي أن نمو الأفكار تكمن في ضوء انتقادات موجهة إليها، انتقادات يستخدمها العلماء بغية التقدم . الأمر الذي جعل تولمن يهتم بتاريخ العلم ويجعله أساس التقدم في هذه الأفكار أو تلك ز زمن ثم وجدناه قد رفض كافة الرؤي التي لا تهتم إلا بالعلم من الداخل أو منطق العلم .

ولقد أكد تولمن كما يري عبد النور أن العقلانية التي يدعوا إليها ترفض أية وصاية منهجية علي العقل نتيجة التغيرات الجذرية التي تجسدت بفعل ثورة العلم المعاصرة، تلك الثورة التي جعلت العقل يعيد النظر في أطره وأسسه ومبادئه، ولم يعد الأمر متعلق بتشييد أداة أنساق ومناهج ثابتة ومطلقة وكلية، بل أصبح أداة نقد وتقويض لهذه الأسس نفسها التي يسعي فلاسفة القرن السابع عشر وبالذات ديكارت وجون لوك دائما لتبريرها دائما لتبريرها، فأصبح العقل أكثر مرونة حين تخلي عن أكبر قدر ممكن من مبادئه الثابتة، وبدأ يتنازل عن الأفكار الجامدة والمناهج العلمية الثابتة .

إن العقلانية التي يبغيها تولمن كما يري عبد النور هي نفس عقلانية بوبر التي تؤكد بأننا علي الدوام في حاجة إلي أفكار جديدة . وهذا معناه أن العالم كما يراه تولمن من حيث المبدأ مادة للتغيير علي طول الزمن قادر علي أن يخلق فروضا ومشكلات ومعايير جديدة أو علي الأقل التعديل فيها.

وفي نهاية مقالي لا أملك إلا أن أقول: إن الكلمات لا تستطيع أن توفي هذا الزميل العزيز حقه بعد أن قهره المرض فمات في ريعان شبابه، صحيح أن هذه الكلمات جاءت متأخرة، فكثير ممن يطلقون علي أنفسهم لقب أساتذة لا يعرفون قدر هذا الأستاذ الاكاديمي، فتحية طيبة للدكتور عبد النور غباشي الذي كان يمثل لنا نموذجاً فذاً للمفكر المبدع الذي يعرف كيف يتعامل مع العالم المحيط به ويسايره في تطوره، وهذا النموذج هو ما نفتقده بشدة في هذه الأيام التي يحاول الكثيرون فيها أن يثبتوا إخلاصهم لوطنهم بالانغلاق والتزمت وكراهية الحياة، وإغماض العين عن كل ما في العالم من تنوع وتعدد وثراء.

رحم الله الدكتور عبد النور غباشي، الذي صدق فيه قول الشاعر: رحلتَ بجسمِكَ لكنْ ستبقى.. شديدَ الحضورِ بكلِّ البهاءِ.. وتبقى ابتسامةَ وجهٍ صَبوحٍ.. وصوتًا لحُرٍّ عديمَ الفناءِ.. وتبقى حروفُكَ نورًا ونارًا.. بوهْجِ الشّموسِ بغيرِ انطفاءِ.. فنمْ يا صديقي قريرًا فخورًا .. بما قد لقيتَ مِنَ الاحتفاء.. وداعًا مفيدُ وليتً المنايا.. تخَطتْكَ حتى يُحَمَّ قضائي.. فلو مِتُّ قبلكَ كنتُ سأزهو.. لأنّ المفيدَ يقولُ رثائي.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

 

في المثقف اليوم