شهادات ومذكرات

جائزة نوار للابداع.. وذكريات

محمد السعدينوار، هو الأبن الوحيد للبريفسور ضياء نافع عميد قسم اللغات في جامعة بغداد / كلية الاداب. وبعد أن فارق الحياة وهو في عز شبابه وثر عطائه في جمهورية الجبل الاسود (مونتينغرو) ودفن في ترابها وبات ضريحه مزاراً سنوياً لوالديه . في السنوات الاخيرة أقام والده الأستاذ ضياء نافع بمنح جائزة تقديرية (نقدية) أعتزازاً بأبنه الراحل نوار للمبدعين والباحثين والمتطلعين الى تاريخ العلاقات الروسية العراقية وتعزيزها في كافة المجالات بما يخدم مصلحة البلدين في التطور والابداع . إعطت في السنة الاولى من قيامها الى السيد (ميخائيل بوغدانوف) مبعوث الرئيس الروسي الى الشرق الاوسط ودول أفريقيا لتعزيز أسس السلام والحوار بين الشعوب، وصادف ذلك اليوم مرور أربعة وسبعون عاماً على تاريخ العلاقات الروسية العراقية وبتغطية إعلامية وحضور فعال من لدن المعنيين والمتابعين. 

يحتفل العراق وروسيا في هذا العام (2019) بالذكرى الخامسة والسبعين لاقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما , وانطلاقاً من هذه الذكرى اليوبيلية وتحية لها .

فقد قررت لجنة تحديد الفائزين بجائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي – الروسي لعام 2019 اليوبيلي هذا منح جائزتين اثنتين بدلاً من جائزة واحدة كما كان الأمر في العام الماضي عند تأسيس هذه الجائزة , واحدة للعراق وأخرى لروسيا , أي أن العراق وروسيا فازا معاً لهذا العام (في الذكرى الخامسة والسبعين لاقامة العلاقات بينهما) بجائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي – الروسي , وذلك لأنهما باتخاذهما القرار باقامة علاقات دبلوماسية بينهما يعني أنهما يسعيان معاً لإقامة حوار دائم بين الجانبين , وهذا القرار (الذي تم اتخاذه العام 1944) بحد ذاته يجسّد خطوة مهمة جداً في انطلاقة مسيرة هذا الحوار وتعزيزه لاحقاً .

يستلم جائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي – الروسي في دورته الثانية للعام 2019 باسم العراق سفير جمهورية العراق في روسيا السيد حيدر منصور هادي العذاري باعتباره رئيس هيئة تمثيل العراق في روسيا , ويستلم الجائزة باسم روسيا سفير روسيا الاتحادية في العراق السيد مكسيم كنستونتينوفتش مكسيموف باعتباره رئيس هيئة تمثيل روسيا في العراق . هذا وستجري مراسم تسليم الجائزتين في الحفل الكبير , الذي تقيمه بموسكو سفارة جمهورية العراق في روسيا الاتحادية (لمناسبة الذكرى 75 للعلاقات بينهما) مساء التاسع من أيلول / سبتمبر 2019 , وهو اليوم الذي وقّع فيه الجانبان إقامة علاقات دبلوماسية بينهما في عام 1944 , أي قبل 75 سنة .

في العام ١٩٨٠، كان لي اللقاء الأول بالاستاذ ضياء نافع على مقاعد كلية الاداب / جامعة بغداد، ومن هنا أمتدت علاقة عمر ليست بين أستاذ وتلميذ، بل تعدت أبعد من ذلك بجوانبها الانسانية والابداعية، حيث بدأت أنظر له فسحة مجال أمامي للابداع والتواضع متأثراً ومتفاعلاً بنتاجاته الادبية في حقول الادب الروسي الثر . بعد ثلاثة أعوام من تلك العلاقة داخل الحرم الجامعي أجبرتني ظروفي والوضع السياسي آنذاك أن أترك مقاعد الدراسة وآلتحق مع الثوار في الجبل، لكن صورته وتواضعه الجم بقيت أمامي ماثلة مما رسمت جزء مهم في أختياراتي في القراءة والبحث في الادب الروسي، وبعد ثلاثة عقود من المهجر واليأس والغربة ومن خلال صفحات التواصل الاجتماعي وقعت عيناي على صورته وجدته مازال مبتسماً وحيوياً، فراسلته بكلمات مختصرة تجنباً مني ربما الظروف تركت أثرها على الذاكرة، فكان رده سريعاً / أهلاً عزيزي محمد، لقد قرأت كتابك (سجين الشعبة الخامسة)، مما زادني حباً وأعتزازاً به، وما زلنا الى اليوم متواصلين بشد العزم على تعزيز الجوانب الثقافية والفكرية على ربوع العراق بعد أن أنهكته الظروف الصعبة المحيطه به . أبتهل الى الرب أن يطيل بعمره ذخراً لعراق معافى ومشرق .

تخليداً لروح أبنه نوار، وبات تقليداً سنوياً، أن تمنح عدة جوائز بأسمه واحدة للحوار والثانية للمترجمين العراقيين عن اللغة الروسية، وهناك نية أن تكون ثالثة للموسيقى والباليه بما يمت لها نوار من صلة بأعتباره أحد خريجيها، والتي كان الفنان الكبير المرحوم (عزيز علي) مديرها .

المرحوم نوار خريج الجامعة المستنصرية / كلية الطب وأنهى أختصاصه في روسيا بطب العيون، وأصبح طبيب عيون قبل رحيله في جمهورية الجبل الأسود، وهو من أم روسية وأب عراقي، حدثني أحد المقربين لتلك العائلة النبيلة حول أعتزاز أم نوار الروسية بالعراق وأهله والحنيين الى بغداد .

منحت جائزة نوار للمترجمين العراقيين عن الروسية الى د. تحسين رزاق عزيز / بما قدمة من نوع هائل في مجال البحث والترجمة حول أدبيات ولسانيات الأدب الروسي رغم ظروفه الصعبة، لكنه تحداه ببحوثه وترجماته المستمرة، فهو حقاً بها وحسن الأختيار من قبل الاستاذ ضياء والمحيطين به .

الدكتور تحسين رزاق عزيز / أبن مدينة النجف جمعتني به عدة سنوات مقاعد الدراسة والأقسام الداخلية، كنا في مرحلة دراسية واحدة في الأداب / جامعة بغداد . اليوم على تواصل معه، رغم القطيعة الكبيرة التي وقعت بسبب ظروف العراق وظروفنا لزمن طويل، لكن يبقى ذلك الزمن الجميل عالقاً بيننا كالنهر الجاري في سقي ذكرياتنا . فهنيئاً لك على تلك الجائزة الكبيرة (جائزة نوار)، وفخراً أن تمنح لك من أستاذنا ومعلمنا البريفسور ضياء نافع حسن . وفي حديث معه حول شعوره بتقليده وسام (جائزة نوار)، كتب لي (الدكتور ضياء هو معلمي الذي صنع مني مترجماً، وعندما يكون التقييم على يديه تكون الفرحة أكبر) .

 

محممد السعدي

مالمو / أيلول ٢٠١٩ .

 

 

 

في المثقف اليوم