نصوص أدبية
النار الأزلية
أبــكــلّ مــوتٍ مــوسـمٌ لمـمـاتِ
أم أن مــوتــَك مـوسـمٌ لـحيــاةِ
ولقد عرفتَ فكان دربُ نـجـاتـنا
وضّاءَ أخضرَ سالكَ الخَطـَواتِ
وتظلُّ تحفرُ في الطريقِ مسالكا
بــعـشـيـّةٍ نــرتــادُهــا وغـــداةِ
وتسيرُ تقطعُ في الزمانِ منازلا ً
قـطعَ السـقـامِ مواضـعَ الـلَـبّـاتِ
لـلّهِ درّك يا ابن بـنت مـحــــمـدٍ
ياويحَ من صرعوك في الفلواتِ
فبقيتَ تـأسى للجنودِ وبـطشـهـم
أسفاً عـليــهم كـاظـمَ الحَـسَـراتٍ
فإذا خـُفين عـلى الشـقيِّ فـحـاذرٌ
ألاّ يــراهُ أبــيــضُ الـحــَـدَقــــــاتِ
قطعوا الرؤوسَ الصادياتِ عروقَها
فـتدحرجتْ بـحثـاً عـن الـهـامـاتِ
شخبَ النجيعُ من الرقابِ مصفّراً
كالريحِ تصْـفـِرُ من فـمِ القـَصَبـاتِ
خاضوا وخاضتْ بالدماءِ خيولُهم
حتى تراءى النهرُ محضَ رفاتِ
والأرضُ تنحبُ والسماءُ تجيبها
تتصادمُ الصرَخاتُ بالصرَخاتِ
مطرُ العيونِ يلفّهُ مطرُ السماءِ
بـثـوبـهِ مـن شـــدّة الـروعــــاتِ
تلقى الجباهُ بها الجباهَ وعندها
لـلمـوتِ زاد ٌ طـافـحُ الــوجـبـاتِ
شــربتْ شفــاهُ الموتِ شهد نجيعهِ
بــهـتـتْ لجــيدٍ طــيّب ِالــبَـرَكـــاتِ
الــموتُ عــاد معفـــّراً من مــوتهِ
مـسـتـنـكَـرَ الأفـعـــــــالِ والـنـَظـَـــراتِ
سُـــحـقاً لــهُ فـبـمـوتهِ مـوتٌ لــــهُ
فـكـأنـّمـا قــد لـــجَّ فــي الـــعَـــــثــَراتِ
"هــيهات مــنّا ذلــة " أطـْلــقـْـتها
فــغـــدتْ ضــميراً شــاهـــقَ الــرايــاتِ
قـــام الحسيــنُ مـنارة ًمـن موتـِه ِ
قـَـطَـفَ الـخلودَ من فـمِ الرَقــــــــَداتِ
لا رحـمَ والـــدةٍ أجـــــادَ بـــمثــــــلهِ
فــــكـأنّـها مـعـقـومـةُ الـنـُطــُــــفــــات
إن المعيدَ لـنا الخيالُ جمالَـهُ
كــانـتْ إعـــادتـُه لـــــنــا زفـــَـــــراتِ
سـرْنا يـسـقّـيـنا الحـياةَ بغمرهِ
هـل كـان يـدري سـَكـرةَ الـغـَمَــراتِ
نطوي الطريقَ بلاهبٍ من وجدهِ
ونـريـقُ خـطـواً مـن شـذى الـعَـزَمـاتِ
أقـدامُـنا إلــى الـوصـولِ قـصـيـّةٌ
هـل تـتـعـبُ الأقـدامُ بــالخـَـطــَـواتِ؟
أنى لها، هدفُ الوصول حبيبةٌ
يــمــتـارُها الـعـشّــاقُ بــالمُهَجــــاتِ
نجني نجوماً من شموسِ جبينـَهِ
ونــحـوزُ نـــوراً بـــاهــرَ الآيــــاتِ
إنـّـا لندنــوَ من تخومِ حياضهِ
ونـرومُ حــظـأً من ندى الطُرُقاتِ
فهو الصبابةُ من تباريحِ الجوى
لــو تــنــطقُ الأصــداءُ بــالأصــواتِ
ولقد عصرتُ من الحياة سلافَها
فـي لـيــلِ وجــدٍ ضـيّق الحـَرَكاتِ
وأذقــتُ مـن نـادمـتهم جـريـالَها
فـي دربِ حــبِّ حــالَ دون عـــداتي
فــإذا تــعثـّرت العــيونُ ببرجهِ
فـتـماسـكتْ روحــي بــما هــو آت
لا نــورَ إلا هــاشــماً فــي بــرّهــا
قـد شـقّ صــدرَ الأرضِ بـالــعــبــقاتِ
إنّ الغيومَ إذا بـــرقـْـنَ لــعاشــقٍ
فـلـيـلـهُ صــبــحٌ بـــلا جـَـمَــراتٍ
يا ابــن الرجــالِ الصيدِ فــي وجــدانِهم
كتبوا الفــصــولِ وطــوّبوا الــشَــجَــراتِ
فــي بــارقِ الأرضــينٍ يرفلُ جـَدُّهُ
ودمـــاؤهُ بــرقٌ عــلى المـَحـِلاتِ
يــا ســيدي خـذنــا إلــيـك فــلــيلــنــا
يــصـارعُ الأحــــزانَ والــفــلــتــاتِ
هذا الــعــراقُ أمـــانـــةٌ فــي كــفّــكم
لا تـــتـــركــوهُ فــتــنــةَ الــنــَكــَـــباتِ
لا تـتـركـوا وجَـعـاَ عليهِ من الردى
مــتــطـاولَ الأيـّــــام والــساعــــــــاتِ
لــكَ يا حســينٌ في القــلوبِ منــازلُ
ولـــقد عــلوْن بــواســعِ الــعـَرَصــاتِ
مـــا أروعُ الأقـــــدار في أقـــداركم
لو تـلتـقي الغـــايــاتُ بــالـــغـا يــاتِ
مـــــن يـتـّخـذكَ مـنــــــــارةً لـصـعـودهِ
ســيذوقُ شــهداً مــن لــــظى النجماتِ
أبو ظبي/ السبت
30- كانون الثاني-10
............................ الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1304 الاثنين 01/02/2010)
