نصوص أدبية

حلم الغجري

طغى حب أنفسهن فوق تأرجح السفينة ... لكن الحطاب يرقص على أنغام إيقاعاتهن رقصة الغجري المجنون الذي كان يشدو   بالغناء مع أنغام ربابته لتندمج روحه مع إيقاعاتها فيبرع بإخراج نبرات صوته ليشدّ السامعين إليه ...إلا انه خسر ربابته في تلك الأمسية التي قبض ثمنها مسبقا فما كان منه إلا أن يقدم رقصة مجنونة مرتبكة أثارت الضحك  لدى الحاضرين ...ولم يعرف أحد مَن سرق ربابته ....!!!

للمهاجر حكايات مرة ...يتقمص رداء الغجري .... مهجور في وطنه .. يتنقل كفاختة ضيعت نخلتها ....!!

أرتبك  الحطاب خوفا  على ابنتيه بعد ما تسلل اليأس والقنوط داخل روحه ....ما يحتطبه قد قوس ظهره وأحناه ....في أحلامه تراوده ما يشبه الإعلان عن اختطاف إبنتيه ...فيشعر أن دبيب الموت يسري في جسده....حتى نحل جسمه وتورمت عيناه ...فلازم الأرق جفونه ...!!

أربكه مفترق الطريق

أربكه ضجيج العابرين

صروح الكونكريت

تعدد أسماء ملاحي السفينة

هرب الحطاب بابنتيه  حابسا دمعاته وآهات صدره ....دون أن ينبس ببنت شفة .....وان تكلم فلا يعي ما يقول ..ولا أحد يفهم حروفه المتقطعة  ...!!

وصل مدينة الأحلام ....التي لم تكن مرت في مخيلته ذات يوم ....!!

الإسهاب صفة عجائز هذه المدينة ...كل ما يطلبن مجاب .. تقول إحداهن ...!!

يعشقن التفاخر والتباهي ....يصبغن شعورهن بالحناء ...يرتدين غريب الملبس

يتظاهرن بنعومة الرقطاء التي تساور حبيبها لتقبله ....!!

أشد ما أعياه وأنهك قواه انه يدور داخل دائرته التي أغلقت حوله ....!!!

كتبن معه عهد صداقة ....وان يرفعن شأنه بين القبائل ....قدره أن يعشق إحداهن رغم قباحة وجهها ....فقد أعياه المسير... وهن يقرأن تعاويذهن على مسامع ابنتيه ( تحوي  ما تحويه من بلاغة الخطيب المفوه )

تحتفظ ذاكرته بماضيه .. بأوجاعه..بأمانيه...بما يحب وما يكره ....!

تائه في عالمه الرمادي ....بين الصحو والغفوة ...ربما تنيمه تراتيل الفواخت

ونواح الثكالى الذي تعود عليه فغدا يحن إليه .....!!!

ثم ليصحو على قرقعة تهز بدنه ....ليبكي دون سبب ....فتبكي معه ابنتاه

وصل السهم إلى قلب الضحية .....ليلة غريبة الأطوار كانت ....!!!

وزعت وصاياهن على سكان المدينة .....بهمة ونشاط قرأوها ...!!

مصرة كل منهن أن تعتلي صهوة جوادها وترتدي ثوب الأميرة ...وتضع

تاج عرشها الزمردي فوق رأسها ....لتدوس حوافر خيلها صدور الأخريات .

والحطاب .......أضناه  ما أضناه  حوافر خيل ......مضت....!!!

 

الحطاب .....يبقى هو الحطاب

تنز الجراحات ....تنز الحقيقة

كيف ينسى ما مضى .....؟؟

ما هو آت ......هو الحقيقة

                   بالمقلوب

ما زال يطلب النجدة

 قد فاض بحر الأسى

تتأرجح السفينة ....أمام الريح

من الغالب ...؟ من المغلوب ...؟

من الطالب ...؟ من المطلوب ...؟

ضوضاء تعم المكان

ضوضاء تعم الزمان !!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1421 الثلاثاء 08/06/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم