نصوص أدبية

في كُلِ يومٍ / نوال الغانم

لَعَلَ العابِريّن إلى وَطَني

يَأخُذُوّنَهُ مَعَهمْ

لَعَلَ يَداً تَلتَقِطُهُ

لَعَلَ ريحاً تَحمِلُهُ ، لِتُلقيهِ بِأرضِ السَوادِ

أفتَحُ خَزائِنَهُ

أستَلُ ضَفيرَةَ الطَلعِ ، دُعاءَ الأضرِحَةِ ، أجراسَ الكنائس، نَضائِدَ الوردِ،

وَعودَ زرياب

لِكي أُرَمِمَ خَرابَ الحروبِ

أقُولُ لِلرصافَةِ :

خُذي بِقوةٍ عُيوّنَ المها

خَبئيّها عَن العُيونِ

أقُولُ لِلكرخِ :

أما آنَ لِلقبَنجِي ، أن يَسْـتَفيّقَ

لِيَمّلأ بِصَوتِهِ الرَخيّمِ

أورِدَة الفَراغِ 

في كُلِ يَومٍ

أقُولُ :  غَداً سَألتَقيكَ ياوَطَني

وَسَأركِضُ نَحوَكَ

وَتَركِضُ نَحوي

تَركِضُ بَيّنَنا البَساتيّنَ

تَركِضُ الشَوارِعَ

المَزارِعَ

الفَراشاتْ .

آخُذُكَ مِنْ يَدَيّكَ ،

نَدورُ دَورَتانِ في الهَواءِ

مِثلما تَدَورُ أُماً بِوَليّدِها

فيما كَركَراتهُ تَنْثِرُ ، أصابِعَ الحَلوى فَوقَ الرؤوسِ.

في كُلِ مَرَةٍ

أطلِقُ عَصافيرَ الضياء مِنْ أقفاصِها

أقُولُ لَها:

إلقي بِريشِ أجْنِحَتُكِ البيضِ عَلى وَطَني

أقُولُ لِلمَطَرِ:

خُذْ قُمْصانَكَ الخُضر ، وَأُعصرها عَلى شُرُفاتِهِ

لِتُعَمدهُ المياه

أقُولُ لِلبَساتينِ :

إملأي السَواقِيَ بِالعُطورِ ،

وإدْخُلي بِمَوكبِ الزُهورِ

أقُولُ لِلصَباحاتِ :

خُذي بَناتُكِ الفاتِناتِ ، المُطَرَزات بالشِموسِ

وَعُقودَ الياسَميّنِ

وَإمسَحي عَلى رَأسِهِ بِثِيابِهنَّ البَهيةِ .

وَطَني ،

في كُلِ مَرَةٍ

أضَعُ صُورَتُكَ في إطارِ الذكرياتِ

يُخالُ إلَيَ أنَكَ تَمدُ يَدكَ

وَتَمسَحُ بِها عَلى رَأسي .....

تَطيّرُ مِن بَينِ أصابِعَكَ الفَراشات

لِتَملأَ المَكانَ بالحضورِ.......

أقُولُ لِلزَوارِقِ :

إمضي مُسرِعَةً فَلَيسَ هُناكَ مُتَسَعٌ .

في الدارِ ، شَمعَةٌ ، وَمَنضَدَةٌ ، وَمَبخَرَةٌ

وَأُصَصٌ في الزَوايا.

هُناكَ لَنا لِقاءٌ

لَنا في المعَرَةِ وَقفَةٌ

يُبَلِلها المَطَرْ

لَنا راحَةٌ مَبسوطَةٌ يَنامُ مطمئِناً

عَلى بِساطِها الوَطنُ .

 

نوال الغانم

فنانة تشكيلية

سيدني/استراليا

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1453 السبت 10/07/2010)

 

 

في نصوص اليوم