نصوص أدبية

هلوسة عن الأرض والإنسان / نزار سرطاوي

تصغي وتذوب

حينما أهدتك لي أمي –

قلادة

طَوَّقت عُنْقي

وآفاقي البعيدة.

         *****

وشوشاتك

حلّقت لحناً سماوياً –

وغارت في ضلوعي.

ضَحِكاتُك

عبرت ثوباً ربيعياً –

ونامت في عيوني.

         *****

ها أنا أُمْعِنُ في الشُرْب –

وأسقيكِ –

وأضحك.

وندامايَ الجواري والقيان

يتضاحكن –

يقهقهن –

يغنّين –

ويعزِفن –

ويرقصن –

جنونُ الشرق أيامَ شبابِ الشرق –

تُحـيـيـهِ دمائي.

     *****

وجهُ أمي

باردٌ كالثلجِ –

ماتت.

لم أعد أحتقرُ الموتَ –

أنا اهتف للموت:

"يعيش الموت" –

طاردتكِ أعواماً طويلة

غيرَ أنّي لم أفزْ منكِ بشيء.

    *****

ها أنا أفتح عينيَّ –

وألقاكِ أمامي

شبحاً يلهثُ من خلفِ الضباب.

وأنا –

رأسي ثقيلٌ

نمتُ دهراً كاملاً

أو هكذا أحْسِبُ –

ما عدتُ أرى الاشياءَ –

إلّا في الضباب.

    *****

لا تسوقيني الى الباب الرهيب.

فعيوني

أَلِفَت جدرانَ هذي الغرفةِ الصفراء –

هذا الضوءَ –

هذي الجلسات.

وفراشي ها هنا جدُّ قريب.

لا تسوقيني إلى الباب الرهيب

فأنا أكره تغيـيـرَ حياتي.

   *****

وجهُ أمي

قدرٌ يجتاح صدري.

وجهُ طفـلي

دميةٌ صارت تعي الأشياء حَدْساً.

وعيونك

تخرقُ الجدرانَ –

تمتد إلى أعماق ذاتي.

   *****

وجهُ أمي

دميةٌ صارت تعي الاشياءَ حَدْساً

تخرقُ الجدرانَ

تمتد إلى أعماق ذاتي.

      *****

وجهُ طفلي

قدرٌ يجتاحً صدري

يخرقُ الجدرانَ –

يمتد إلى أعماق ذاتي.

*****

وعيونك

قدرٌ يجتاحً صدري

دميةٌ صارت تعي الاشياء حَدْساً.

*****

صدرُ أمّي

قدرٌ يجتاح طفلي

يخرقُ الأعماقَ –

يمتد إلى  جدرانِ دمية

وجهُ حَدْسي

صار أشياءَ تعي صدري و جدرانَ عيونك

حَدْسُ أمي ...

قَدَرُ الدمية ...

ذاتي ...

حَدْسُ وجهي ...

طفلُ جدرانِ عيونك ...

...  ... يا إلهي

   *****

حبةُّ الرملُ تغنّي في ضلوعي

أغنياتِ العاشقين التائهين.

والدمُ القاتمُ يحتلُّ كياني

يتلوّى في عروقي –

يتشعّب

ينخرُ العظمَ –

يذيب اللَّحمَ والشّحمَ –

وينسل إلى جذر النخاع.

يوشكُ اللّونُ يضيع

يوشك الصوتُ يضيع

يوشك اللُّبُ يضيع

يوشك القلبُ يضيبُع

   *****

يا حكاياتِ الشتاء

ليَ في السجنِ حبـيـبـة

علميني حين يغفو الغـولُ –

مفتوحَ العيون

أن أخوضَ البابَ –

أن أفعلَ شيئاً.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1509 الثلاثاء 07/09/2010)

 

 

في نصوص اليوم