نصوص أدبية

ثلاث قصائد عن الأحلام / ترجمة نزار سرطاوي

في رؤى الليل المظلم

حلمت برحيل االفرح –

لكن حلمَ يقظةٍ من الحياة والنور

تركني كسير القلب.

 

آه! ما الذي لا يكون حلماً أثناء النهار

لمن عيناه عالقتان

بأشياء من حوله لها شعاع

يعود إلى الماضي؟

 

ذلك الحلم المقدس – ذلك الحلم المقدس،

بينما كان العالم أجمع يوبخني،

أدخل البهجة إلى نفسي مثل شعاع جميل

يهدي روحاً تحس بالوحدة.

 

ولكن ما ذلك النور، وسط العاصفة والليل،

يرتجف من بعيد –

ما الذي يمكن أن يفوقه إشراقاً وصفاءً

في نجمة نهار الحق؟

 

القصيدة الثانية:  حلم داخل حلم

إليك بهذه القبلة على الجبين!

وإذ أفترق عنك الآن،

دعيني اعترف –

لستِ على خطأ، إذ ترين

أن أيامي كانت حلماً؛

ومع هذا، فإن كان الأمل قد طار بعيدا

سواء في ليل، أو في نهار،

سواء في حلم، أو بدون حلم،

فهل يكون قد ابتعد بدرجة أقل؟

إن كل ما نراه أو يتراءى لنا

ما هو إلا حلم داخل حلم.

 

أقف وسط هدير

شاطئ تعذبه الأمواج،

وأحمل في يدي

حبات الرمال الذهبية

لكم هي قليلة! ولكن يا لها إذ تزحف

من خلال أناملي إلى البحر،

وأنا أبكي – وأنا أبكي!

يا الله! ألا أستطيع أن أمسك

بها بقبضة أشد؟

يا الله! ألا أستطيع أن أنقذ

 

حبّةً واحدة من الموجة القاسية؟

أم أن كل ما نراه أو يتراءى لنا

ما هو إلا حلم داخل حلم؟

 

القصيدة الثالثة:  الدورادو

بملابس زاهية،

فارس شجاع،

في ضوء الشمس وفي الظل،

سافر بعيداً،

وهو يغني أغنية،

بحثاً عن إلدورادو.

لكنه كبر وشاخ –

هذا الفارس الجريء،

وعلى قلبه ظِلّ

قد وقع لأنه لم يعثر

على بقعة من بقاع الأرض

فيها شبه بإلدورادو.

 

وحين قواه

خانته في النهاية،

التقى بظلٍّ مسفر في رحلة حجّ

سأله:  "أيها الظل

أين يمكن أن تكون،

بلاد إلدورادو هذه ؟ "

 

"فوق جبال

القمر،

أسفل وادي الظل،

إذهب راكباً، إذهب راكباً بجرأة "

ردّ الظل –

"إن كنت تسعى إلى إلدورادو"!

 

إدغار ألان بو شاعر وكاتب وناقد ومحرر أمريكي. ولد عام 1809 في مدينة بوسطن بولاية ماساشوسيتس لأبوين يعملان في التمثيل. توفي والدته قبل أن يبلغ عامه الثاني بع أن تخلى والده عن العائلة. انتقل إثر ذلك ليعيش في كنف تاجر من أصل اسكتلندي في ريتشموند بولاية فيرجينيا. وقد أتاح له ذلك أن يتلقى تعليمه في أرقى اكاديميات ريتشموند، وأن يدخل الجامعة. لكن على الرغم من تفوقه الأكاديمي وجد نفسه مضطراً لقطع دراسته الجامعية نظراً لتخلي التاجر عنه. في عام 1927 عاد إلى مسقط رأسه بوسطن، حيث التحق بالجيش. وفي تلك الفترة أصدر مجموعته الشعرية الأولى، ثم أصدر الثانية بعد تسريحه من الجيش عام 1829. لكنه لم يحظ باهتمام يذكر.

 

في عام 1936  تزوج من احدى قريباته.  وخلال السنوات العشر التي تلت ذلك عمل محرراً لعدد من المجلات في فيلادلفيا ونيويورك وسواهما. وتمكن خلال تلك المدة من أن يبرز كشاعر وكاتب قصص قصيرة ومحرر.

توفيت زوجته بالسل عام 1947. وبدأت حياته بعد  ذلك تسوء لكثرة ما عاناه من إحباطات، ولإفراطه في الشرب، إلى أن وافاه الأجل في أوائل أكتوبر من عام 1849.

 

كان لعمل بو كمحرر وشاعر وناقد أثره العميق في الأدب الأمريكي وكذلك في الأدب العالمي. وقد برز كأحد رواد القصة القصيرة الحديثة، وكان أول من كتب القصة البوليسية، كما ارتبط اسمه بقصص الغموض والرعب.

كذلك كان بو من أوائل النقاد الذين أولوا اهتماماً كبيراً لأثر الأسلوب والبناء في العمل الأدبي. لذا اعتبر رائداً لفكرة الأدب للأدب. وقد نظر رواد الرمزية الفرنسية من أمثال ملارميه ورامبو  الى أعماله باعتبارها سابقة لمدرستهم. كما أن الشاعر الفرنسي بودلير قضى 14 عاماً في ترجمة أعمال بو إلى الفرنسية.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1528 الاثنين 27/09/2010)

 

في نصوص اليوم