نصوص أدبية

ابنتي زهراء من صلب الصديق الشيخ أحمد الكوفي

يموتُ ويحييهِ المواجدُ والندمْ

ويعترضُ الإنسانُ واللهُ عالمٌ

بأحوالهِ طرّاً منَ الرأسِ للقدَمْ

يقلِّبُهُ بين الشؤون جميعِها

ولو لم يكن غرّاً لما التاعَ واحتدمْ

ولو لم يكن في أصلِهِ الكفرُ كامناً

لصافحَ عزارائيلَ وهو منَ النِّعَمْ

وما كانَ إلا الله يملأُ قلبه

وعزَّ امتلاءُ القلبِ بالعالَمِ الأصَمّ

بداهةَ أنَّ اللهَ محضُ سعادةٍ

وإلاهُ أسبابٌ تحيلُ إلى النِّقَمْ

وقلْ أيُّها الإنسانُ من عهدِ آدمٍ

أصادفتَ شيئاً لم يحلْكَ إلى السَّأَمْ

وقل أيُّها الإنسانُ إن كنتَ شاعراً

بممشاكَ فوق المائتينَ من القِدَمْ

مصيرُكَ هذا كيفََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََ صرتَ غافلاً

وسرتَ كما لو أنَّك الماردُ الأشمّ

 القبرُ قنطرةُ الحياةِ إلى الحياةِ على الحياة

فانظر إذن للموتِ نظرةَ عارفٍ فقدَ الشعورَ بنفسهِ، وأحسَّ أنَّ العالمَ المنظورَ أجمعه تلاشى في فضاءاتِ الصلاة.

 

يا صاحبي أنا ميِّتٌ جداً، وعندي رغبةٌ أن ألتقيكَ هناكَ، عندي رغبةٌ أن ألتقيكَ، فكيفَ يزعجُكَ الرحيلُ إذن؟ وكيفَ تريدُ أن لا يختفي جسدي، أتعرفُ يا صديقي؟ إنَّني أنساكَ أحياناً، وأذكرُ فجأةً ما بيننا من رغبةٍ بالموت، تلكَ وشيجةٌ أقوى من الرحمِ القريبةِ، ربما أحببتَ أن نحيا الخلودَ معاً هنا في الأرض، ليس مؤكَّداً أن تستمرَّ الرغبةُ القصوى بهذا، فالحياةُ تملُّها دوماً حتى ولو كانت بطعمِ البرتقال، تملُّها دوماً وتشكو لي تعاستكَ الكبيرةَ، ثمَّ إذ أشكو كذلكَ من تعاستي الكبيرةِ تفتحُ الأسفارَ، تقرأُ قصَّةً في المثنويِّ وتلعنُ الأشعارَ بعد دقائقٍ لا غيرَ، ثمَّ تعودُ ثانيةً لتقرأَ قصَّةً شعريَّةً أخرى، وتبكي فجأةً في غفلةٍ مني على زهراء، لم أشعر بأنَّكَ والدٌ إلا بدمعِكَ حينَ تبكي، أنتَ أطعنُ والدٍ في السنِّ إذ تبكي، وأنتَ أرقُّ إنسانٍ على وجهِ البسيطةِ حينَ تنظرُ صوبَ جدارِها المهدومِ، تندبُ مثلَ يعقوبٍ ولا أملٌ بعودةِ يوسفٍ، إلا القميص، فأنتَ تحضنهُ بجوفِ الليلِ إذ تبكي، وتنظرُ صوبَ موضعِ موتِها تحتَ الجدار.

 

أشكُّ بأنِّي لا أرى داخلَ القبرِ

بأكفانِها تلكَ الَّتي كسرَت ظهري

فليس لها القبرُ الترابُ بمنزلٍ

وكيفَ يحلُّ الضوءُ في الجدثِ القفرِ

هي الآنَ في كفِّ الإلهِ حمامةٌ

يداعبُها حيناً ويتركها تجري

وتلتقطُ الحبَّ الذي من كيانهِ

تناثرَ نوراً في عوالمهِ الخضرِ

وتصفق فرط الشوق اجنحة الهوى

الى قُبَلِ الرحمنِ بالعشقِ ذي الجمرِ

تطيرُ قريباً منهُ ثمَّ تنتفي

فضاءاتها حتى لتوشكُ أن تدري

بأنَّ يدَ اللهِ الرحيمِ فضاؤها

فتسقطُ في كفَّيهِ قطراً على بحرِ

 

باسم الماضي الحسناويّ

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1107  الاثنين  13/07/2009)

 

 

في نصوص اليوم