نصوص أدبية

متى يعلن الشعراء عن انتهاء مهمة الشعر؟

كان الشعر يجلس على سرير المرض

عندما داهمه الالهام الردئ

فطعنه بسكين صدئ

 

هوالآن يرقد في قبر مجهول

كلما تقدمت به السن

شعر بالاغتراب والاكتئاب

لكنه دوما محاصرا

بين الموت والحياة

وفي قبضة المتطفلين والمتشاعرين

والباحثين عن  السراب

تمردت عليه القوافي

ولم يرقه المقام

ومل الدوار

فهو عازم على الرحيل

هل حقا زمنه قد انتهى

وصار يعاني من البوار؟

 

قديما

عندما كان الشعر صبيا

تخلى عنه شيوخ القبيلة

فتبنته آلهة الحب

ثم أعادته الى جذوره العريقة

حيث كان يغرف من بحور الجمال

ويرضع من أثداء الجواري الحسان

 

 

أما اليوم

فعلى الشعراء أن يهدموا

أطلالهم المشروخة

لاعادة بنائها

لعل الشعر ينبت من جديد

في خرابة قوس قزح

وعليهم أن يفكوا ألغازهم المشفرة

بأسنانهم

قبل أن يشهروا افلاسهم

وأن يكفوا عن التغريد

فوق أغصان الأشجار المهجورة

وأن لا يلبسوا السواد في الأعياد الرسمية

وأن لا يتلصصوا على مواء القطط

وأن لا يسرقوا الملابس الداخلية

من دولاب العجوز الشمطاء

واذا أرادوا أن يثبتوا شاعريتهم

فعليهم أن يكنسوا السحاب بلهاثهم المعتم

 

 

وعلى الشاعر أن ينزل

من برجه العاجي

ليكلم الدمى

ويخترق صمت الصدى

 

أيها الشعراء

ان كنتم صادقين

في حب الشعر

فادفعوا عنه البلاء

ليستريح من عناء المدارات الفارغة

واعلنوا موته النهائي

ولا تضعوا زهورا على ضريحه

ثم تمهلوا قليلا

اتركوه لحاله

ولا تعترضوا طريقه

ولا تقرعوا أجراسه الصامتة

ولا تركبوا  بحوره

العصية على الاحتواء

فهو لا يزال شيخا مشاكسا

يبحث عن ظله

في نهاية كل سطر

 

 

أيها الشعرما أشقاك

انك تحمل أعباء ناكري الجميل

وجحد المراهقين

وتطفل المرتزقين

 

أو ليس الشعر هكذا

نبش في تجاويف غير مرئية

ثور هائج

في حلبة مفتوحة

 

جمر في اليد

دمعة على الخد

يضحك

عندما تبتسم التماسيح

ويبكي

كما تبكي العصافير

كلما هزت الريح

أعشاشها

وتناثر ريشها

 

الآن وقد ضاقت به الدنيا

وصارشيخا طاعنا

ولحيته مرسلة

ومخضبة بالحناء

فمتى يعلن الشعراء

عن انتهاء مهمته

وقبول طلبه

للا حالة  على التقاعد ...؟

 

 

بن يونس ماجن

لندن

تموز 2009

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1109  الاربعاء 15/07/2009)

 

 

في نصوص اليوم