نصوص أدبية

أهلوك أهلي ياديار

 

لَـعِـبَ الهُـيـامُ بـمعـزفي فـتـنـاغَـمَـتْ

قُـبَـلُ الـلــقـاء ِ ولـوعَـة ُ الـتِّـغـــراب ِ

 

فَـبِـمَـنْ سـأبـتـدئ الـعِــنــاق َ مُـقَـبِّـلا ً

أحــداقَــه ُ... وجــمـيـعُـهـمْ أحـبـابـي ؟

 

وبـأيِّ دار ٍ أســتـريـحُ ... وكــلُّـهـــا

فـاءتْ عـلـيَّ بـأعْــذب ِ الأطــيــاب ِ ؟

 

نـامَـتْ بـأحـداقـي زهـورُ ريـاضِـهـا

وتَـكـحَّــلــتْ بــتُـرابِـهـــا أهـــدابــي

 

أهـلـوك ِ أهـلي يـا ديـارُ وإنْ مضـتْ

بـسـفـينـتي عـنـهـم ضِـفـافُ سَــراب ِ

 

أهـلـوك ِ أهـلي يا ديـارُ .. فــمـاؤهـمْ

خـمـري .. وصِـدقُ ودادِهـم أكـوابي

 

لا ضاحَكَـتْـني ـ ما حَيَـيْـتُ ـ مَـسَـرَّة ٌ

لــو كـنـتُ أنــسـى لـيـلـة ً أصـحـابـي

 

ويَـمَـسُّــني ـ لــو مَـسَّ هَــودَجَ حُـرَّة ٍ

فـي آخـر ِ الـدنـيـا ـ رذاذ ُ مَــصــاب ِ 

 

فـعـسى يَــسـاري لا تـقـومُ شـهــيـدة ً

وعـسـى يـمـيـني تــزدهـي بـكـتـابي

 

               ***

 

جالـتْ بـ" حيِّ الحـيـدرية ِ" مُـقـلـتي

وتـنـصَّـتَـتْ لـحـفـيـفِـهــا أعـصـابـي

 

إنْ كـان لـلـمـجـنـون ِ فــي أشــواقِـه ِ

سَــبَـبٌ ـ ولا لــوم ٌ ـ فـلـيْ أسْــبـابـي :

 

مـن هـاهـنا  مَــرَّتْ عـلـيَّ سَــحـابـة ٌ

يــومــا ً فـطـرَّزَت ِ الـورودُ  يَـبـابـي

 

وهـنا اصْـطبَحـتُ بضحكة ٍ قُـزَحِـيَّـة ٍ

وهـنـا اغْـتَبَقْـتُ بسـلسـبـيـل ِ رضـاب ِ

 

لا زالَ ـ مـن دهــر ٍـ شــذا أنـفـاسِـهـا

بــفـمـي يُـبَـلِّــلُ بالــنـدى أعْـشــابــي

 

لا زلـتُ أذكـرُ ـ رغـم َدهــر ٍـ لـيـلـة ً

شــــتـويَّـة ً مـزحـومـة ً بِــسَــحـــاب ِ

 

زخَّـتْ.. وأطـلـقـت ِ الهـديـل َ حَمامة ٌ

ورقــاءُ بـيـن خــمـيــلـة ِ الــلــبــلاب ِ

 

فَـهَـمَـسْـتُ في مـكر ٍ: خـذيـني أيـكـة ً

لِـهَـديـلـك ِ الـمِـغـنـاج ِ فـهـو طِـلابـي

 

فـاحْـمَـرَّ تُـفّـاحُ الـخـدود ِ.. وداعَـبَـتْ

بـمـياسِـم ِ الشـفـتـيـن ِ طرْفَ حِـجـاب ِ

 

غـافـلـتُهـا .. ولـثـمْـتُ زنـبـقَ خَـدِّهــا

وهـمَـمْتُ بالأخـرى لأطـفـئَ مـا  بيْ

 

فـتَعَـثَّـرَتْ بيْ .. فارتبَكتُ .. وراعَـني

خـطـوٌ .. ونـظــرة ُ عـابـِـر ٍ مُـرتـاب ِ

 

فاسْـتودَعَــتْـني من حـريـر ِ ضفـيـرة ٍ

خُـصَـلا ً.. ومـنـديلا ً.. وزهـرَ روابي

 

         ***

 

يـا جَـمْـرُ :  لا تـشـمـتْ لأنَّ حـدائـقـي

يَـبُـسَــتْ وقـد أبـلـى الـزمــانُ ثِـيـابــي !

 

لا زالَ خَلـفَ دُجى الخريف ِوصَخـرهِ

بُـسْــتـانُ أقــمـار ٍ..  ونـهــرُ شَــــبـاب ِ

 

صِـنْـتُ الكـثـيـرَ .. فهل أخونُ قـلـيـلـهُ

عــمـري .. فـأبْـدِلُ لـعــنــة ً بــثــواب ِ ؟

 

زعَــمَــتْ مَــوائــدُ لــذَّة ٍ وحْــشِـــيَّــة ٍ

أني أضَـعـتُ غـدي بـعِـشْــق ِ تُــراب ِ

 

ولسـوفَ أقطفُ من قريب ِ غـصونها

وردا ً .. وأصــنـافـا ً مـن الأعــنــاب ِ

 

لكـنـنـي ـ والـصّابُ خـبــزُ أحِـبَّـتـي ـ (1)

لـسْـتُ الـذي يـجـفـو مُـضاغ َالصّـاب ِ

 

شَـبَّـتْ عـلى مـاء الـجَـبـيـن ِ أزاهـري

وعـلـى الــنـدى لا رغــوة ِ الأنـخـاب ِ

 

أحْـسـو الـلـهـيـبَ الـمُـرَّ مُـبْـتَرِدا بـمـا

في القـلـب ِ من سـعي ٍ لحـسْـن ِ مَثاب ِ

 

جـيـلانِ في الأشـواقِ .. دون أحِـبَّـتـي

لـيـلـي .. ولا طـرَقَ الـضُّحى أبـوابـي

 

يا لـلحنين ِ الصَّعـبِ.. شخـتُ ولم يزلْ

طـفـلا ً عَــنـيـدَ الـطبع ِ لـيـس يُحـابي !

 

أصبو لـ" ليلى في الـعـراق مريضة ٌ" (2)

تـشـكو  لصـوصَ الخـبـز ِ والأرطاب ِ

 

والشـاهـرينَ عـلى المَحَـبَّـة ِ حِـقـدَهــمْ

والـمـؤمــنـيـن بـ "جَـنَّــة ِ الإرهــاب ِ"

 

مـسـلولـة ٌ " لـيـلى " لِـسُـلِّ وئـامِـهــا

لا سُـــلِّ أضـــلاع ٍ وقــيــح ِ إهـــابِ (3)

 

يا للحـنيـن ِ الصَّـعـب ِ.. لـولا جَـمْـرُهُ

مـــا نـالـت ِ  الأيــامُ مــن أحـطـابــي

 

فـأحِـنُّ لـلـخـبـز ِ الـفـطـيـر ِ ورشـفـة ٍ

مـن جـدول ٍ يـغـفـو بحُضن ِ هـضاب ِ

 

وإلى الوجاقِ الـطين ِ يُـرقِصُ جمـرَهُ

غَـنَجُ " الدِلال ِ " بقـهـوة ِ الـتِـرحاب ِ

 

وغِـنـاء ِ فـلاح ٍ .. وشـكـوى عـاشِـق ٍ

وحِداء ِ رعـيـان ٍ .. وعـزف ِ رَبـاب ِ

 

وإلى مُشـاكسَـة ِ الـخـلـيل ِ لـرغـبـتي

مـن نـهـرهِ الـصّـافي بـكأس ِ عِـتـاب ِ

 

لـولا اشـتـيـاقـي لـلـديـار وأهــلــهــا

ما كـان مـذبـوحَ الـسـطـور ِ كـتـابـي

 

                ****

(1) الصاب : نبت زهري شديد المرارة

(2) إشارة إلى بيت قيس بن الملوح :

يقولون ليلى في العراق مريضة

فيا ليتني كنت الطبيب المداويا

(3) الإهاب : الجلد لم يُدبغ بعد

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1131  الخميس 06/08/2009)

 

 

في نصوص اليوم