نصوص أدبية

شمس شباط

قال: فإن?ا تذ?ب، فتسجد تحت العرش، ثم تستأذن رب?ا، ف?وشك أن ?قال ل?ا ارجعي من ح?ث شئت ".

---------------

 

است?قظ " مس?و ضبع " بعد الواحدة ل?لا.  كان القمر باردا مثل شمس شباط . لم ?كن بوسع? آنذاك إلا أن ?غادر السر?ر النقال

الوض?ع المنصوب في زاو?ة الغرفة، و?نظر من النافذة إلى الخارج المعزول.  لم ?ر أحدا على الشرفة المقابلة، ولا حتى

ضوءا واحدا. كان النوم والظلام ?ما س?دا الموقف.

في ح?اة ضبع عدد من المنغصات التي تسرق النوم من الع?ن.

صوت الر?اح ح?نما تصفر بعد منتصف الل?ل . كانت أخشاب أباجورة النافذة قد?مة نقرت?ا العصاف?ر، وكلما ?بت نسمة ?واء، م?ما كانت خف?فة، ت?تز كما لو أن أحد?م ?دق عل??ا بكلتا ?د?? . أضف لذلك اسم?.  لم تكن لد?? الثقة أن ?ذا اسم ?ل?ق ببشر، ومع ذلك سجل? أبوه في ش?ادة الم?لاد باسم"  ضبع " .

و كان  اختار له هذا اللقب المخيف ليبعد عنه خطرالأوبئة والعين الشريرة .

قال ل? قائده في كت?بة الدبابات و?و ?نظر في أوراق? وفي الصورة  الفوتوغراف?ة المثبتة من الزاو?ة بدبوس خرازة  سوداء

غل?ظة:  غفرنا لك ?ا مس?و ضبع شكل أذن?ك اللت?ن تشب?ان محارت?ن، ومنظر ع?ن?ك الصغ?رت?ن مثل خرم إبرة، وبروز

عظام وج?ك، ولون فروة رأسك الخضراء كأن?ا حش?شة الد?نار . غ?ر أن اسمك نكتة، نكتة حق?ق?ة...

و ضحك من أعماق? قبل أن ?لقي الأوراق من ?د?? و?دعوه للانصراف.

أحس ضبع بالخجل، وفي نفس الوقت بالظلم.  لم تكن صلعت? خضراء، وأ?م الله ل?ست خضراء كما ?دعي الكابتن . ابتسم من زاو?ة فم?، ولم ?عرف بِمَ ?ج?ب. غ?ر أن? أدّى التح?ة وانصرف، و?و ?حمل على كتف?? وزر اللقب الجد?د الـ "مس?و"، والذي س?لاحق? في ح?ات? مثل لعنة غ?ر مكتوبة ولا مقدرة.

لقد أصبح اسم? "مس?و ضبع".

قلب ع?ن?? من وراء النافذة في متا?ة شوارع بعد منتصف الل?ل.  كانت كاسحات الضباب تعمل في ?ذا الوقت كأن?ا تعاند

الطب?عة.  فالفصل ?و الص?ف، ومن ورائ? كانت تأتي سحابات من الحر والق?ظ .

أخذ جرعة ماء من كأس موجودة على الطاولة، اعتاد أن ?ضع ف??ا ز?رة من باب تلط?ف الجو . ف?و لم ?كن مع? أصدقاء في

?ذا السكن المنعزل غ?ر ال?باس والخ?بة، أو لنقل بلغة العسكر ال?ز?مة والنكسة.  غ?ر أن? في ?ذه الل?لة بالذات لم تكن لد?? ز?رة.

ح?نما عاد من الثكنة كان في حالة من الفوضى والا?ت?اج لم تسمحا ل? بالتفك?ر في أي شيء إضافي غ?ر الت?ام وجبة كب?رة

من الطعام والانتظار.  فقد كانت لد?? أوامر..  ح?نما ?رن جرس ال?اتف ثلاث مرات متتال?ة، ?توجب عل?? أن ?قفز على الفور إلى مرآب الثكنة لإخراج قط?ع الدبابات النائم، وتلق?م?ا بالذخ?رة، قبل أن تتحرك إلى مواقع?ا.

رمشت ع?نا ضبع بنوع من الفطنة البل?اء، واستفسر من قائده : و?ل لدينا انقلاب ?ا س?دي..

كان الرجل الكب?ر ?غرف ب?د?? حفنة من بزر جبس، تفوح من? رائحة سخونة لذ?ذة، كأن? كوز ذرة مشوي بالفحم، ولكن ?ده

لم تصل إلى فم?.  رش البزر في وج? ضبع و?و ?ولول : ?ا معتوه . ?ا أحمق. ?ذه استعدادات للاحتفال بال?وب?ل الفضي.....

و نسي أن ?رفق الشتائم بلقب " مس?و "  كأن كلمة انقلاب غسلت أفكاره، أو سلبت?ا من?.

انسحب ضبع من المكتب المؤثث بأدوات بس?طة..

نصف دز?نة من النباتات الشوك?ة التي قال عن?ا المساعد أبو أشرف : إن?ا تذكره دائما بالعذاب، ف?ي من حطب ج?نم . و

مروحة سقف?ة ل?ا صوت ??لوكوبتر.  وساعة سوداء ضخمة تش?ر إلى الوقت ولا تحدده بالضبط، فالعقارب تع?سة وخشنة ولا تس?ر كما ?جب، ربما بسبب ما تحمل? من غبار ?زحف على الثكنة من وراء الأسوار.

لم تذ?ب الوساوس من رأس ضبع حتى وقت الانصراف.  فالمسألة، كما تبدو، ل?ست احتفالا ب?وب?ل فضي ولا حتى بمئو?ة

رجل م?م، وإلا حدد القائد موعد الخروج مسبقا.  لماذا ?ستخدم مثل ?ذه الألغاز والألعاب السخ?فة إذا... رنات التلفون

المفاجئة.  ولِمَ  ?قع الاخت?ار عل??، وأبو أشرف موجود، و?و عسكري ورتبت? أعلى، ومع? مفات?ح المرآب والمستودع؟..

استبدت الأفكار برأس ضبع، وفقد القدرة على التك?ن والمنطق.  ووجد نفس? ?قضي حاجت? في الخلاء، الربع الخالي كما

?سمون?، مأوى الأش?اء الم?ملة ومرحاض الأفراد العاد??ن، مع أن? حصل على إذن بالدخول إلى الغرف النظام?ة ح?ث تجد

ماء وأوراق جرائد للتنش?ف.

مد ?ده مرة ثان?ة إلى كأس ز?رة الطاولة.  كان فارغا تماما، ولم تنزل من? في حلق? أكثر من قطرة واحدة، فتحرك إلى المطبخ، و?و ?تساءل : لماذا لم ?رن ال?اتف حتى الآن، كان بظن? أن الأمر أكثر استعجالا.

الماء مقطوع . نفثت الحنف?ة بوج?? صوتا مثل فح?ح الأفعى.  مد ?ده إلى الثلاجة وفتح?ا، لكن نسمة دافئة لا ?خرج مثل?ا إلا

من تنور خ?بت أمل? . لم ?جد ضبع أمام? غ?ر صحون فارغة أو ف??ا بقا?ا، وأربع أو خمس زجاجات فارغة تماما.  حظ أجوف ?تآمر ضده.  ص?ف ملعون ?ناكده وبضغ?نة....

أغلق الثلاجة، وعاد بخطوات منتظمة إلى السر?ر كأن? ?س?ر أمام منصة العلم.  ألقى بجسده على الفراش، وغطّ في بق?ة

النوم إلى أن تأتي الأوامر...

 

    من مجموعة (حضور بصيغة الغائب)

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1156 الاربعاء 02/09/2009)

 

 

في نصوص اليوم