نصوص أدبية

ثمن الحب / عبد الجبار الحمدي

عصر الحزن نفسه فأجهش في البكاء بصوت لفت الانتباه إليه، حاول كمكمة فمه إلا أن حرقة ولوعة فراق سادت، هرول مبتعدا يحمل نحيبه المتأخر بعيدا عن الجميع، جلس ينتظر حتى ذهب آخر من حضر، بعدها سار والحزن رفيقه ليقف على قبر من رحلت دون وداع، جثى على ركبتيه غرز أصابعه في التراب وهو يصرخ لم كل هذا التعنت؟ لم آليتي الموت على العيش معي، أحقا أنا بغيض الى هذه الدرجة!! كيف يمكنني ان أفسر تصرفك؟! مدد جسده فوق قبرها وهو يقول: هيا افتحي ذراعيك ضميني الى الأبد معك هنا في عالم اللا عودة، اتوسل اليك خذيني الى قربك فما عادت لي حياة، سأهيم جنونا إن لم تأخذي بيدي، كيف تصورتِ ان احيا بلا ضياء عمرك، أتراك سلكت طريق الموت هربا مني حقا!؟ ما الذي جنيته لك؟؟ لم اقم إلا بما أردت اتذكرين حينما التقيتك أول مرة في مركز التسوق حيث كنت منحنيا لالتقاط العلبة التي سقطت من يدي وسارت نحو قدميك، هناك التقطتها وقد شدني فزعك وقولك ماذا تفعل يا مجنون؟ كنت قد وقفت متسمرا وانا اتطلع الى حسنك وبهاء وجهك يا الله لا يمكنني ان انسى ذلك اليوم، حتى العلبة وضعتها في مكان خاص بارز انظر اليها كلما أردت ان اتذكر ذلك الموقف، قد اكون مجنونا بتصرفي ذاك لكني مجنونا بحبك، هذا ما قلته لك حين سألتني عنها وعن اعتزازي بها، لقد استنفرت كل احاسيسي ومشاعري لتكون افواج من همسات حب وفيض خلجات ما كانت لتكون لولا اني التقيتك، انك نقطة مركز الحياة في سنون عمري، هكذا استمرت علاقتنا كنا قد لبسنا ثياب الزفاف ألف مرة، خططنا ليكون علامة فارقة لكل العاشقين، حتى ذلك اليوم الذي جئتِ تحملين على كاهلك جبل من هم، وسألتك فقلتِ انك سترحلين بعيدا الى غير رجعة، لم افهم ماذا قصدتِ بذلك، وانتظرت... وانتظرت ان تخبريني عن السبب، فصرتي تتحدثين عن علاقتك القديمة بأبن أحد من اقاربكم الذي هاجر منذ اعوام قليلة وتركك بحثا عن رغبات وامنيات، لم يلتفت الى مشاعرك، ولم يترك لك سوى وريقة كتب فيها، سمر... رغم حبي لك إلا اني سأغادر بعيدا حيث اللا أدري، لذا فانت في حل من وعدك لي ... محبك الى الابد رمزي، كنت قد علمت ذلك منكِ بعد ان تطورت علاقتنا، وباتت نفسا واحدا ونبضا واحدا، ثم بعدها جئتِ لتخبريني ان حبك القديم قد عاد، وبات جرحك القديم ينزف شوقا اليه بكل وقاحة عاشق، تقولين: سأعود إليه فأنا لا اتحمل الفراق عنه خاصة بعد عودته ومصارحتهِ لي بأنه لا زال يحبني، يا إلهي ماذا اسمع منك!! أجننتِ... ماذا تسمين الذي بيننا اذن؟! اني في ذهول لم أجد المفردة التي تشرح لك مدى انهيار كياني بسماع ما قلتِ اتريني لعبة في يدك تلعبين بها متى ما رغبت لك نفسك، ومتى ما وجدت المفضلة عندك رميت بالأخرى، أهذا هو كل ما تحسيه اتجاهي!! مجرد وقت قضيته ضائعا في فسحة فراغ من حياتك، اذن كيف صدقت مشاعرك وحلم العيش معا الى الأبد، هل أنا بهذه السذاجة؟ أم ماذا أقول عنه غباء مني؟ لا أدري، لا يا سيدتي لن أسمح لك ان تتركيني لتعيشي قصة حبك القديم على حساب عمري ومشاعري، سأقلب حياتك رأسا على عقب، لن اسمح لك ان تبني قصر حبك الذهبي، بل سأجعله لك قصرا في الهواء، سأسخر ريح الحقد لتقتلع كل بذور حبك القديم، سأكون قاسيا معك، نزاز ... عزيزي ارجوك استمع إلي أني اتخبط فعلا بينك وبينه، لكن قلبي الذي شغف بك بعد رحيله وعاش السعادة متعة الجالس على كرسي هزاز، أو كمن يبحث عن وسيلة تخدير للنسيان، صدقني لم احسب او اخطط لذلك، إني فعلا ولعت بك وبشخصيتك، لكن قلبي وما أن علم بعودته حتى أزاح السد الذي خلفه بين الماضي والحاضر، فتدفق الدم ليجرفك بعيدا عن نبضاته، ترك طوفان الذكريات وعشق الأمس يعود من جديد الى واحة صدري، وبرغم وجعي إلا اني لا استطيع خداعك، لذا جئت أخبرك بحقيقة ما أشعر به، وتسمع مني لا من غيري، اصدقك القول لقد جدد عهده لي بالزواج، فوافقت على الفور، دون تردد، سيكون موعده الاسبوع القادم،  أرجوك عزيزي نزار اصفح عني ودعني اعيش حياتي، فأنا أعلم انك تحبني حد الجنون وتريد ان تراني سعيدة بأي شكل، وها أنا اطلب منك بحق كل ما عنيت لك ان تتمنى لي السعادة، رغم انها ستكون على أطلال مشاعرك، لا أدري ماذا اقول؟؟؟ اتراني جننت، سأترك لك الخيار، اما تدعني اعيش او أموت، غادرتني وقد جمدت كل اوصالي، لا اعلم ماذا افعل!!؟ فأنا احبك حد الجنون الى قتلك ونفسي، كيف يمكن لكرامتي ان تسمح ان اكون لعبة تلهيتِ بها لزمن ثم رميتها ما ان وجدت لعبتك المدللة؟ لا... لا ارضى ان يكون صدرك يتنفس غير انفاس حبي، او أدع صدرك يأخذ وسادة غير روحي لا ... لن أتخيل ذلك، لقد صبرت ليلتي وانا أُُقَلِب ما قلته لي فلم أخرج بنتيجة، هاتفتك فجر اليوم التالي وكنت ايضا لم تغمضي جفنيك، طلبت ملاقاتك للحديث معك، ساعتها اخبرتك باني سأدعك الى ما ترغبين إذا كان ذاك خيارك فأنا احترمه رغم عذابي، ليس كوني ضعيفا او متخاذلا او بلا كرامة، لكني لا أرغب بامرأة متقلبة المشاعر لعوب... اسمعت ما قلت امرأة لعوب هذا هو سبب موافقتي ... لقد فقدت احترامك عندي... هذا كل شيء لا يوجد عندي كلام آخر، كانت تقف امامه وهي مصدومة وفرحة بنفس الوقت، مدت يدها لتمسك يده، ابتعد عنها قائلا: أظن ان عليك المغادرة فليس لك في هذا المكان من شيء، هيا ارحلي دون ان تَدّعي البراءة، لم أسمع لك، غادرت قبل ان تنبسي بحرف واحد، دارت الايام ورُمت امضغ ساعات ايامي مُرّة كالعلقم، ابتلع دقائقها هواجس موجعة، حتى ذات يوم حين طرق بابي أحد اصدقائي، ليخبرني ان حبك القديم قد هرب مرة أخرى، بعد ان ترك لك عاهة لا يمكن لكبرياء اي امرأة ان تتحمله، خاصة بعد ان باعت نفسها في لحظة مجنون الى من ظنته حبيب العمر وزوج المستقبل، طار عقلي بل جننت، هاتفتك أكثر من مرة، لكن لا جواب منك او رد على مهاتفتي، أسرعت... وبوسيلة ما وصلت إليك، لكن بعد فوات الأوان، لقد علمت انك قضيت على حياتك بيدك، بعد عدة محاولات، انتحرت... فقدتك الى الأبد، ارجوك حبيبتي... اغفري لي فأنا سبب انتحارك، فقط لو تمسكت بك ولم افرط او استسلم لدموعك، لكنت الان معي، سامحيني اغفري لي... فانا سأبقى أحياك يتيما بروحي الى الابد.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2212   الاثنين  27/ 08 / 2012)

في نصوص اليوم