نصوص أدبية

زائر شقّة البارك رود / أديب كمال الدين

سوى الله

وصديقٌ طيّبٌ ينكرُ على الله

أنْ يقولَ للشيء: كُنْ فيكونْ.

بل هو ينكر أنّ اللهَ كائنٌ

أو سيكون في نبضةِ الروحِ

حرفاً من الشمس.

*

 

سيزوركَ هذا الصديقُ كاللصّ

في آخر الليلِ والبرد

وهو يحملُ موتاً خَفيّاً بين أضلاعه.

ستقولُ له كلَّ نون

وستسحرُه بالحروفِ وأسرارها

وستدهشُه بكهيعص ويس وطسم وألم.

ستنتابُه الحيرةُ وقتاً طويلاً.

وسيذكرُ في لحظةِ صدقٍ أثيرة

أنّه قد رأى ذاتَ يومٍ سفينةَ نوح،

وأنّه كانَ هناك

حين أرادوا أنْ يحرقوا إبراهيم،

وأنّه شاهدَ معجزات موسى وعيسى،

وأنّه شاهدَ بدراً

ورأى فعْلَ سيفِ عليّ العجيب.

وسيذكرُ في لحظةٍ غامضة

أنّه قد بكى دمعاً غزيراً في كربلاء

حينما رُفِعَ رأسُ الحسين فوق الرماح.

ثُمَّ بعد هذا جميعاً

سينهضُ في آخر الليل

وهو ينكرُ أنَّ الله

هو الذي خلقَ الكافَ والنون

وأقامَ السماءَ  حتّى آخر الكون

وطوّقنا بالدهرِ والموت،

وبعثَ الريحَ والبحرَ والزلزلة.

وبعثَ نوحاً بطوفانه،

ومن بعده كانَ إبراهيم

ليسأل،

وموسى ليلقي عصاه.

سينكرُ صديقي كلَّ هذه الكاف،

بل كلّ هذه النون.

وهو يلبسُ معطفَه المطريّ

في آخر الليلِ والبرد

ليخرجَ مبتسماً

من شقّتي في البارك رود

في هدوءٍ عجيب.

 

أستراليا 2012

 

......................

* البارك رود شارع رئيس في ضاحية أوبرن بمدينة سدني.

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2263 الجمعة 02 / 11 / 2012)

في نصوص اليوم