نصوص أدبية

وأغمضتُ عينيّ

ولما مررتِ بخيالي

شعرتُ بشيء سحَّ في دماغي 

رهيفٍ كدمعة عصفور

فارتعش له خاطري ،

وتخدّر حِسّي ،

وكان أن ظهرتِ لي كطيفٍ من بعيد

وأخذتِ تقتربين رويداً رويداً

وأنت تطيرين على أجنحة النسيم

حتي صرتِ في متناول يدي

 وما كدتُ ألمسُكِ

حتى أخذتِ تتراجعين إلى الوراء

وكنجمة في الأفق راح يسترها الغمام

اختفيتِ ،

فتحتُ عينيّ

وأفقتُ من حلمي ،

ومن مزهرية على منضدة أمامي

قطفت زهرة أقحوان دامعة

وشرعتُ في نتف بَتَلاتها قائلاٍ

تأتين ،

لا تأتين ،

تأتين ،

لا تأتين ،

تأتين ،

وبقيت البتلة الأخيرة

كابرتُ

وقلتُ : تأتين

تأتين محمّلةً بشهد الكلامِ وعبيره

وابتسمتُ متفائلاً ،

ونهضت من مقعدي إلى جهاز ستيريو

وضعت عليه أربع اسطوانات

تحمل خمس مقطوعات موسيقية لبيتهوفن

رباعيات لآلتي كمان

وفيولا ،

وتشيللو ،

مشفوعة بمقطوعة  Fuge

ولأنه بيتهوفن ،

ولأنها موسيقى تستأهل التنويه بها

فلا مانع عندي من ذكر مدوَّناتها على الترتيب :

Quartet in E- Flat.Op .127

Quartet in B - Flat .Op 130

Quartet in C - Sharp Minor .Op .131

Quartet in A Minor .Op .132

Quartet in F . Op .135

Grosse Fuge . Op . 133

***         

ولما دارت الأسطوانة

عدتُ إلى مقعدي

وأغمضتُ عينيّ

لأتركّز في سماع موسيقى بيتهوفن

في خمس رباعيات

هي من أحسن ما رشح من ريشة بيتهوفن

لا يماثلها موسيقى

لا عنده

ولا عند غيره ،

وهي ترود مناطق من الوعي الإبداعي

في بحار غريبة من الأفكار

تتناثر فيها جزر

بل قارّات عذراء

تُكتشف للمرّة الأولى

     ***

إنني بعد السلام عليك

أهديكِ هذه المقطوعات

وأرجوكِ

ألاّ تُطيلي الغياب !