نصوص أدبية

ضيوف وملل

MM80 انتقينا الأمسية وتخاصمنا حول لون وطعم الشراب ومكان جلوس الضيوف، ملأنا أباريقنا بالشاي والشراب وانتظرنا. الشمس تهبط بطيئة نحو الغروب

ضيوفنا الذين دعوناهم لم يحضروا بعد، ربما ملوا دعواتنا المتكررة، هذا جائز، ولكن يقال، الغائب عذره معه. فبقيت أطالع وجهها وهي تتفرس فيَّ بوجه عابس.

أباريقنا دافئة بانتظار، وصمت الهاتف لم ينقطع.

في الغرفة الباردة ننتظر الرنين ونتلفت حولنا. الصمت وحده يذر شجون المصابيح في الشوارع، ونحن نتلصص من خلف زجاج النافذة، نطالع رذاذ الثلج يتدافع فوق الإسفلت ليلونها بياضا، نتسقط طرق الباب بلهفة، في الصالة الضيقة نتقابل وجها لوجه، نقبع فوق الكراسي كجسدين متنافرين وكروحين متصارعتين. وهناك في الزاوية ودون قصد وضعنا كرسيا واحدا يضج به المكان. سمعت تأوهات مللها الحارقة، وتغضن وجهها وهي تراقب تثاؤبي.

ـ ألم تدون تأريخ الزيارة في العام الفائت؟

ـ اطلاقا.. كفي عن أساليب الاستفزاز هذه.. دونت الموعد بداية الشهر المنصرم.

ـ أكيد ضيوفك تستهويهم المقاهي، ودعواتك دائما لا تروق لأحد، هذا كل ما في الأمر.

سمعت الشخير يخالط صوتها وهي تتلفظ العبارة الأخيرة بتثاقل.

ـ ربما أسأنا التوقيت، ومثلما قلت الغائب عذره معه، ألا تكفين عن المناكدة ؟!

منذ عام ونحن كتماثيل شمع نتبادل النظرات ونتنقل في المكان ولم يبق شيء لم نتداوله غير الشتائم.

 

فرات المحسن

 

في نصوص اليوم