نصوص أدبية

نخلة تلك ....

عندما

وضعتُ خطواتي

على كتف الشطّ

هرعتْ بجدائلها نحوي

حسناءُ الماء

نزعتْ قميصا بنيا

مسحتْ فيه عينيّ

المتربتين

وضعتْ نهديها الناريين

في كفيَّ

حكـّتْ كتفيها العاريين

بصدري

وضعتْ شفتيها

بين شفتيّ

ونامتْ

بين ذراعيّ

 

نخلة 

تلك الحسناء

وليست بغيا

واقفة ًعلى شط الحلة

كانتْ

أقراطُها لا ترنُّ

 

ترائبها معطلة

وخاتمُها الفضيّ

أضاعَ شذرتـَه

 من عشر سنين

 

إعتقني

يا نهريَ الخالد

فالجسرُ يربتُ

بكفيه على شعري

يسقيني

ظلا

وينشدُ أغنية ًمعدمة

كأغاني الحمّالين

ها هو

مثل كائن أسطوري

يُحـْني

رقبته العملاقة

يهمسُ في أذني

إبقَ يا ولدي

لا ترحلْ

لكنّ صدى الحسرات

في صدري

يقتلعُ الريح

ويرسمُ

على الجدران الإسمنتية

صورةَ

طفل يسبحُ في النهر

الطافح باالماء

قرب

بلم "أبو سهيل" المسحور

يتعلمُ

حروفَ العربية

في مدرسته

"الشرقية"

يقرأ أناشيد العشق

الأول

يمسحُ

طباشيرَ طفولته

من السبورة

يتذكر محلته "جبران"

ينوح ويهذي

تحت رموش الجسر

أين الأترابُ

وأول صبيـّةٍ

سمراء قاتلة العينين

ارتعشتْ

 لها  حنايا القلب

أين أولُ حصاة

كان رماها

على

 شرطي مرّ في محلتهم

وأولُ شمعة

أوقدها في عاشوراء

 لعرس القاسم

أين صدى

أول صفعة

أحمّر لها خدّهُ

من معلم

الصف الأول

وأولُ دبابة

عبرتْ شارعَهم

في صقيع

 شباط الموتِ

أين أول ُسوطٍ

من حوذي

لسعَ ذراعـَهُ

وهومتعلق خلف العربة

يا للسماء

كل الأشياء الأولى

 هنا

الآن

حين بدأ يلملم

شظايا

الذكرى

ويحزمُها

في حقائب مواجعه

تركَ حبيبته نائمة

مثل لصّ مرتبكٍ

تعلق بجناح الريح

هاربا

من

نباح كلاب القرية

 

حبيبته تلك

ما كانت بغيا

بل نخلة باكية

على شفة النهر

يرعاها الله

تشرب ماءً

من شط الحلة

تتذكر

من خانوها

في مدن التيه

الشاعرُ فيه

يكدسُ أسىً

لسنين المنفى

يهيمُ غريبا

لا تظلله الغيمةٌ

ولا يحرسُهُ ملاكٌ

وشجى النخلة

كأسى أمه

أو  أعلى

يلاحقُ أذنيه

الذاهلتين

يا نصل الغربة

مشحوذا بالنار

خذ قلب غريب

بات بعيدا

اطعنه عميقا

إحفر ليلا

في روحه

أو أعتى

كجب في الصحراء

 

لعله يندمُ يوماً

 فيؤوب

الاثنين/الحلة

‏9‏ تشرين الثاني‏ 2009

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1268 السبت 26/12/2009)

 

 

في نصوص اليوم