نصوص أدبية

قلتُ لها

قلتُ لها:

تأمّلي هذه الأرض، كيفَ تشربُ الدّمَ، وكيف تشربُ المطر، وكيف تبلعُ أجسادنا وأشلاءَنا، ثُمَّ تُعيدُ إنتاجنا ربيعاً، وأشجاراً تُسافرُ في الفضاء .

 

هذا الرّبيعُ يحملُ جراحَنا وأحزانَنا وأوجاعَنا وفقرنا وفسادَنا وأحلامَنا التي تشتّت على الدّروب:

 

الجوعُ في وطني يقتلهُ الجّوع ..

الشّمسُ تُشرقُ في الظّلام ..

والصّباح تأخّرَ كثيراً ..

والفراغُ يلدُ الفراغ ..

والرّيحُ ثورٌ هائجٌ تقتاتُ من جوعِ جوعِنا ..

كيفَ نعيشُ؟

ونحنُ ننتظرُ غداً يُقيمُ في الماضي العتيق ..

 

ينكسرُ النّهار كما ينكسرُ ظهرُ الفرس، أو كما تنكسرُ خُطى الحروفِ لحظةَ حوارٍ مجنون:

أُبحرُ إلى آخر الأسئلة ..

إلى أقسى الأسئلة:

 

من سرقَ النّومَ من عُيون الحُلم؟

ومن أوقدَ شجرةَ النّار؟

وأيقظَ في قلوبنا الجنون؟

 

كلُّ الينابيعِ في أرضي عطشى ..

صوتٌ من القرنِ الهجريِّ الثامنِ ..

يسألني في أوّلِ الحُلم:

 

ما لي أراكَ تُقدِّمُ عقلاً وتؤخِرُ عقلاً ..

هل بقيَ شيءٌ صالحٌ للنّهبِ في وطنكَ؟

أو هل بقي شيءٌ صالحٌ للفساد بعدَ الآن؟

ما أقذر الكلمات حينَ تتوسّلُ خليفةَ الخُلفاء ..

حينَ تنحني لأحذية الأمراء ..

 

أخرُ صرخةٍ ..

وآخر نداء:

ماتَ الوطن ..

وعاشَ خليفةُ الخُلفاء ..

 

د.عاطف الدرابسة

 

 

 

في نصوص اليوم