نصوص أدبية

البدائيُّ

لا تفرّطي بمنديلنا الأخضرَ

وذبولَ الليلةِ الفارعة

 

البدائيُّ / ثامر سعيد

 

عارياً في الغابةِ

إلا من رحيقِ الأسئلة .

أقصُّ أثرَ اللهفةِ بين نَسغينِ مضطربينِ

وأغنيةٍ بعيدةٍ .

أتهجى العطرَ في اشتعالِ الحفيفِ

كي أتقنَ لغةَ الأغصانِ

وأناصرُ الأوراقَ

كلّما احتجَّتْ على بذاءةِ الخريفِ .

لبنُ التينةِ يقطرُ من شفتي

فلا تدعي الأحلامَ

بعدَ أن تكالبتِ الريحُ على الأجنحة

أن تشحبَ في الوقتِ

والقلبَ الذي تبللَ بكِ

أن يجدبَ على شرفاتِ الغياب .

البدائيونَ مثلي

لا يُحَصِنونَ قلوبَهم بمانعاتِ الصواعقِ

فحين تستعرُ البروقُ

أولُ المعطوبينَ في الغابةِ :

قلوبُنا والأشجارُ العالية .

صادقونَ كالموتِ، بسطاءُ مثل الماءِ

لم تألفْ دماؤنا جراثيمَ التبهرجِ

ولا بخورَ التزلفِ رئاتُنا

نمرضُ أو نموتُ كلّما عَطِنَ الهواءُ .

فيا أيّتها البدائّيةُ مثلي :

لا تفرّطي بمنديلنا الأخضرَ

وذبولَ الليلةِ الفارعة

لا تسامريني إلا بالجنون

فالبدائيون العقلاء

أنبياءُ كاذبون .

 

أيّتها السماءُ، على خجلٍ،

تمدُّ في سريرِ الحَمامِ رأسَها

علميني أن لا أتعثّرَ

حين يباغتُني الرّمادُ

أو أرتجفَ

حين تلبسُني الأنهارُ،

كيفَ أنحرُ الفصولَ قرباناً للقاء

وأوقدُ الروحَ في مجمرةِ القصائدِ ؟

 

كانَ المساءُ جحيماً لذيذاً

اللحظاتُ بدائيةٌ خضراءُ

والسريرُ بجناحينِ

فمن أثلجَ وجهَ الصباحِ

وقَطَّبَ حاجبيهِ ؟

 

ماذا تريدينَ مني أيّتها السماءُ ؟

أنتِ التي أسقطتِ التفاحةَ

في الجمرِ

وأمرتِ القلبَ أن يلتقطها !

.

.

أيّها الغاوونَ ..

من لا يدخلُ وجعي

لا ينتظرني على عتبة !

 

 

في نصوص اليوم