نصوص أدبية

مُطأطئًا يمشي قلبي في جنازتِك..

لا أفهم كيف أفشل في نسيانك، أنا التي أنجح في كل أمرٍ أبدأه فأنهيه كما يليق. يبدو الأمر صعبا جدا. مؤلما جدا. كمن يضطر إلى المشي فوق الجمر، حافيا. يقفز بسرعة، يتصوّر أنّه  سينجو ويصل إلى العشب النديّ ولكنه لا يصل، أبدا.

لم نكن على نفس موجة العشق. قلبي ممتلئ بالحب، مثل قلب طفلة في الثامنة، وقلبك مثقوب كشبكة صياد. اخبرني كيف تستطيع أن تكون جافا وباردا  إلى هذا الحد؟ أعرف غلطتي. كانت الأضواء الكاشفة لفتنتك ، شديدة التوهّج وقلبي أرنبٌ صغير. أصيب بالعمى. آه لو أنّني سقيتك الحب قطرة قطرة ..لكني أفرغت القنينة السحرية، مرة واحدة  في كأس أحلامك وقتلتك بجرعة مفرطة. كان يجب أن أحتسيك على مهل مثل قهوة فاخرة لولا أنني امرأة عجولة، تريد كل شيء بسرعة. امرأة لا تثق بالغد ولا تحبه .

بيننا الآن عشرون نكسة وبيتٌ وحيد من قصيدة وأنت بعيد كأنك السماء الثامنة. ما زلت أذكر يوم اخترعتك. صنعتك من طين الأبجدية وحين استويت أمامي بكامل عنفوانك، جرّبت أن أنفخ فيك الحب. الحب ؟ ذلك الذي يؤلم دائما، كان أكبر منك.. حطّمك..الحب؟  ذلك الذي يُحدث دائما الكثير من الفوضى والخراب في انتقاله من القلب إلى الذاكرة إلى النسيان. وتناثرتَ بين يديّ.  تحوّلت إلى غبار. علقت بجسدي. برأسي. بفستاني . بأحلامي..فهل من سبيل إلى التخلّص اليوم منك سوى أن أستحمّ في نهر اللغة؟     

في كل صباح، أبدأ من الصفر مشروع إبادتك. أبدعُ كي أقدّمك قربانا لملكٍ يدعى النسيان ولأنني مسكونة بالفن من أخمص عقلي إلى أعلى جنوني، أتفنّن في قتلك.. أجهّز أحدث الأسلحة.. القهوة. الشوكولاطة. القراءة. الرقص. الماكياج. العطر. التسوقّ. الأفلام. النوم. أحلام اليقظة. الثرثرة. الضحك.. والكتابة. أكتب  كل يوم ..أكتب أشياء تافهة، غبية، وأحيانا عظيمة. وأكتب لك رسائل حب لن تقرأها أبدا. بالأمس كتبت لك بأني لا أستطيع لقاءك لأني مصابة بالزكام وأخشى عليك من العدوى وكتبت عن رقصتنا الأخيرة ..كانت رائعة رغم أنّك دست على قدمي مرة أخرى.و ضحكتَ واعتذرتَ ولم أردك أن تعتذر فقد أحببت الألم اللذيذ في قدمي.

 في كل صباح، أرتّب حفل تأبينك كما ترتبّ ملكة معزولة حفل تتويجها الذي لن يحضره أحد. أقرا على روحك فاتحة الحب. أهيّئ لدفنك جيوش الكلمات. تلطم أضلعي، تنزف رئتي، يرتّل دمعي نشيد الوداع، تعزف رموشي لحنا حزينا، ومطأطئا يمشي قلبي في جنازتك..

 

آسيا رحاحليه.

 

في نصوص اليوم