نصوص أدبية
مصافحات
أصافحُ القوادين وبغاياهم
وأصلي صلاة العِفّةِ والنقاء .
مصافحات / ثامر سعيد
مأخوذاً بالمصافحاتِ
أتوضأ بنقائها
حتى حفظت كفي
خطوطَ كفوفٍ غريبةٍ .
أصافحُ الأوراقَ، القلوبَ، الألوانَ،
رؤوسَ اليتامى، العطورَ، الأقلامَ،
الضجيجَ، أحلامَ العاشقين، البروقَ،
الندى، فناجينَ القهوةِ، النجومَ،
العواصفَ، التحفَ، سوراتِ الحزنِ والجنونِ،
الزهورَ، الوسائدَ تنضحُ بالدموعِ،
المناضدَ مضرجةً باللقاءاتِ، الأغصانَ .
الترابَ يشخبُ بالحنين، التوابيتَ تمرُّ مسرعةً
الشبابيك وعينيكِ .
وحين أتعبُ أصافحُ الفراغَ !
أصافحُ الليلَ بالهذيانِ
وحين أصحو
أرى على السريرِ
رجلاً ينزفُ
وقصيدةً تتضورُ من الألقِ .
أصافحُ المتسكعينَ على أرصفةِ الجوعِ
أقرأُ الخبزَ الحافي
فتشربني الأزقةُ البائسةُ
وخيالاتُ المدمنين .
أصافحُ الهاتفَ ..
في الثالثةِ بعدَ الأرقِ
لقد غادرتِ النقطةُ الخضراءُ شريطَ الماسينجر
فيشيحُ الحائطُ بوجههِ عني،
عليَّ الآنَ إذن أن أناقشَ نيتشة عن طبائعِ النساء .
أصافحُ الأسرارَ وأطمرُ البئر .
أصافحُ القوادين وبغاياهم
وأصلي صلاة العِفّةِ والنقاء .
في تكاياهم أصافحُ الدراويشَ
فأنسقُ على سجادةِ الوجدِ فوضى الفصولِ .
أصافحُ المسجونينَ في زنازينَ الوقتِ
يحصونَ تجاعيدَ الليلِ وينسونَ غضاضةَ النهار .
أصافحُ عمالَ النظافةِ
يكنسونَ حزنَ البلادِ
والباحثاتِ في القمامةِ عن لونِ الحياة
وأكرعُ كأسي
فتحلقُ كفي بيضاءَ فوقَ رؤوسِ الدائخين .
أصافحُ الصمتَ ..
كي لا تضيعُ القصيدةُ من فمي
ويداهمني قملُ الكلام .
أصافحُ العطشَ ..
رغمَ تصريحِ السماءِ
عن تباشيرِ المطرِ
بعد أن وهنتْ ثقتي بملائكة الغمام .
*
أصافحُ نفسي كي أراكِ
فلا يعانقني سوى الهواء .
أصافحُ ..
أصافحُ ..
وأصافح .
لكن ..
من أين أجيءُ بماءِ النّارِ
لأطهِّرَ كفي
لو صادفَ أن صافحني بغتةُ
الخونةُ والمنافقون ؟