نصوص أدبية

منطق اللامنطق

توفيق بوشريفي كل يوم تحاول أن تعيش شيئا مختلفا، أن تستيقظ على وقع مفاجأة ولكن شرطك الأبدي أن تكون سارة.. ولو كنت في الحقيقة تراهن على مجرد شيء جديد، ما كنت بهذا القبح الجبان. ما دمت تسمح لدواخلك الباردة الحائرة بأن تتمنى أحداثا أو لحظات خارجة من روتين ما فيجب أن تكون رجلا حقيقيا وتؤمن بالفرصة الموازية للأضداد حتى لا يظلمك العدل بيديك.. افتح عينيك وأنت تشرع صدرك في وجه كل الممكنات في محاولة أولى تتعلم فيها كيف تتقبل علاقتك بوجودك كإمكانية خاضعة لحرب حيوية بين أفقك وبين كونك جزءا من العالم والطبيعة والكون.. فإذا ألفت ذلك نظرا فانتظره فعلا وحاول أن تخوض معارك افتراضية خارج ألعاب الهواتف الذكية حتى لا يمزق الواقع توقعاتك المرتجفة إثر أول تجربة لم تعشها قبل حدوثها بالشكل الذي يليق بك ككائن موكول بأسوأ مهمة ممكنة. بعد ذلك تجهز كمحارب غير تقليدي لتسلم مشعل بدون نار يجدر بك حمله مشتعلا بدمك نحو المجهول، وهذه مرتبة إيمان الإيمان حيث لا ينتهي التعلم ولكن تبدأ مرحلة اكتشاف الحكمة وتمييزها عن المعرفة وكن على يقين بأنك ستزل وتقع ولحسن حظك فإن ذاكرتك ستضمن لك النهوض وفق طاقتك على تحمل المحطة التي تود البدء منها مجددا للحاق بوجودك المفتوح والخطر.. استعد ولا تحاول أن تعيش في كل يوم جديد شيئا جديدا ولكن عش كل لحظة كأنها حدث كوني مقتطع من ذاته في مواجهة ذاته ودورك أن تستشعر ذلك لتتمكن من تجاوز بلادتك وتحول عفويتك اليومية الهامدة بفعل العادة إلى عفوية طفلة ومجنونة منفلتة لا تستقر على حال ولا يوقفها منطق عند حد.. عش خارج زمنك لتصنع زمنك إذ يصنعك..

 

توفيق بوشري - المغرب

 

 

في نصوص اليوم