نصوص أدبية

رمسكي كورسكوفْ

نور الدين صمودكورسكوف !

بَدِّدِ الليل المخوفْ

وأزِلْ عنه السُّجُوفْ

بقصيد كشذا زهـر الربيعْ

رائعٍ عذب بديعْ

لم يُسَجِّلْ بالحروفْ

لا يبالي بالخريف

ذلك الجهم المُخيفْ

ليس يَفـْـنـَى

بسوى لحْنٍ ربيعِيٍّ وريفْ

فازرع ِالألحانَ في قلب السهارَى

واهْـدِ بالنور الحَيارَى

واجعل الأوتار في القلب كطير يتغنـَّى

فتهادَى

وتمادى

وأعادَ

واستعادَ

ومضى يذبح بالعزف شرايينَ الوترِ

وعلى أوْرِدَةٍ شـُدَّتْ إلى عُنـْقِ (الكمانْ)

بهدوءٍ ناعم ٍ كالريش قد فاض حنانْ

مثل سكين رهيف الحدِّ بالـقـَوْسِ عَزَفْ

وبدا لي اللحَْنُ مثل الدَّمِ مِنْ جُرْح ٍ نــَزَفْ

أو كأنـْفٍ شامخ في شِدَّةِ الحَــرِّ رَعَــفْ

أو كمََن، في وَقـْدَةِ الرَّمْضاءِ، للعنقودِ قد كان ذبَـحْ

ليرَى النشوة َتــغــزو كل قلبٍ بأهازيج ِ الفرحْ

مثل ماءٍ،

من سماءٍ،

مُنـٍـهَـمِـرْ

وهو، إذ يسمعُهُ (بَابَا عُمَرْ)

وهو فلاح كبير مُشـْتهِرْ،

عِندَه قد كان أشجى من ترانيم الوتــرْ

وغدَا يُخصِبُ إحساس البشرْ

فيضوع العطرُ من قلب الحجرْ

وعلى الأغصان في رقصتها

تـَتـَـغـَنـَّي الطيرُ من نشوتها

ولـَها، لمّا لهَا، بالقوس في أوتارها، كان حفيفْ

لغصون راقصاتْ

وطيور في فضاءْ سابحات رفرفت أحلى رفيف

*2**

كورسكوفْ

يا سمير الساهرينْ

كن رؤوفْ

وتـَرَفـَّقْ

بدماء تتدفقْ

في قلوب العاشقينْ

وتـَسَمَّعْ في شرايين القلوبْ

صوتَ آهاتٍ تـَذوبْ

ومن النشوة قـد سالت دموعْ

مثلما ذابتْ، لِتـُجْـلي الليلَ، آلافُ الشموعْ

والطيوبْ

تغمــر الجـــوَّ الرحيبْ

والعبيرْ

كدتُ أنْ أبْـصِــرَهُ يغزو الأثيرْ.

والنغمْ

سَيْلُ حُبٍّ ووئــام وشجونٍ وألمْ

في اصطخابٍ وخشوعْ

فهو كالبحر تراه تارة يبدو نؤومٌ

وتراه تارة يبدو غضوبْ

مثلَ رَعْـدٍ يَسْبـِق البرق ويأتي من بعيد وقريبْ

وهو  للبعض أنيس وهو للبعض مُخيفْ

**3**

كورسكوفْ

أيها العازفُ لا تعزف عن العزف ودع عنك الُعُـزوفْْ

وعلى أوتار قلبي وقلوب الساهرينْ

وجميع العاشقينْ

كن عَـطـُـوفْ

كورسكوف

أيها السابح والذابح والنائحُ والعائثُ والعابثُ والنافث في صدر الكمانْ

أيها المنشد في الشعر على أسماعنا أحلى قصيدْ

مثلما (البَرْبَط ُ) عند الفرس (صَدْرُ البط )ِّ شكلا وهو عودْ

مثلما شـَدّتْ حَكايا شهرزاد الساحرهْ

شهريارًا ذا العيون الساهرهْ

وَسَبَتْهُ بخيال في سماءِ الفـَـنِّ طارْ

بالحكايات الطريفات التي قد أسرته ألـْفَ ليلهْ

قد جرَتْ في الهند أو في السندِ أو في الكـَنـْج أو في نهر دِجْلـَهْ

كم ألانت من قلوبِ

بترانيم الصنوج

أرقصتْ في الغاب آلاف الزنوجْ

فأسالتْ أدمُع الفرحة والحزن وفاضت بالنشيج

وشـَدَتْ أحلى قصيدْ

فيه يُبْــدي ويُعيدْ

بابتهالات النغمْ

ولذاذات الألمْ

ظل يسري في حكايا شهرزادْ

لم يُسَجَّلْ بالمِــدادْ

رائع دون حروفْ

مثل عزفٍ مُسكر ٍ من كورسكوفْ.

****

نورالدين صمود

.........................

توضيح: عثرت على مسودة هذه القصيدو بين أوراقي المتراكمة فبيضتُ مسودتها وحسنتها وزوقتها وزففتها لتكون عروسا تليق بقراء منبر المثقف العربي. هذه القصيدة كتبت مسودتها من وحي حفل شعري موسيقي بمدينة بوسكوف قرأنا فيه الشعر بمختلف اللغات وسمعنا فيه الموسيقى العالمية ومن ابرز ما سمعنا موسيقى الموسيقار زامشكي كورسكوف، وذلك بمناسبة الاحتفال العالمي بمئوية الشاعر الروسي اللغة الإفريقي الحبشي الأصل، فامتزجت في هذه القصيدة الموسيقى بالشعر والواقع بالخيال، فهل كنت مصيبا في بعثها من رقدتها الطويلة منذ 1979أي منذ ما يناهز أربعين سنة.

 

في نصوص اليوم