نصوص أدبية

هجر الروح الجسد

سردار محمد سعيدكأن صمت "رشيدة "

وجع المسافات البعيدة 

من هنا مرّت الخفافيش 

تحملها سود الرياح  

بأكفّ مجذومة تحمل السلاح 

وتبذرالخرافة

تنبثق أغصاناً من مسامير

تطال النحور

رشيدة ساهمة فيما يدور

***

يوم أجهضت رشيدة

قبرت طفلنا في عتبة الدار

سرعان ما نمت نخلة

طرحت رطباً وطولها لم يزد عن أشبار

ليلتها حلمت بنبي ينسج لها إكليلا من الغار

قلتَ: لا تقصصي رؤياك على أحد

اليوم ثانية أحلم بك

رأيتك رميتني أسيافا 

بلغن الشغافا

وضحكتنا على أكاذيبنا المنتقاة

من زعم المتيمين بالصبابة

 وقبلتنا الأولى

تغشي العيون

رجفتنا الأولى

وقولك مالذة الدنيا إذا لم ترجف الراجفة ونحس بطعم المنون

قصّي عليّ :

أرأيتني أرتجف لوحدي

أوأعصرخمراً

أم أقتات رغيفاً

أكنت عفيفاً

أم عنيفاً

قالت : أحتاجك اليوم

بكل ما فيك قويّاً ضعيفا ، صلداً رقيقا

***

نسيت حلاوة ما كنت ترنم

كنت إذا افتقدت السكّر

أمزج عباراتك بالقهوة 

ماذا أقول أكثر

هل قدّمت النساء على مذبح النحر أندر

يسألنني

ما سرّ توّرد الوجنات

قلت :هل أكلتن يوماً الكلمات

ورشفتن من ثغرالحبيب شعرا 

واتخذتن الأصابع العابثات بالخصلات لمّا ونثرا

سلّماً وجسرا

ذبتن في إحساسه المميت

جعلتن سواد عيونه يغيب

ويداه حول الخصرمغلولة

وجعلتن من فحل الفحول طفلا

يأمن من خوف

يُطعم من جوع

هل تمتعتن بعذوبة الغموض

بكاساته المترعة

إذن ما أبعد الأضلاع عن الأضلاع

والقطارات عن السكك

اليمامات عن منائر المآذن

لا وشم لسنابك خيول العشق

في مرابع الصدور

***

عندما تتهادى رشيدة بـ  "ديدوش مراد"

يفقد الناس الإتجاهات

والرصيف الثبات

شيخ يصيح سبحان الخالق

ترد امرأته العجوزحسبنا الله أزفت الآزفة

كأنها أجزاء ثلاثة تسير معاً

جنوباً محيط مائج

شمالاً بحر هائج

والخصر بينهما كالمضيق الوديع

تخشاه الكواسج

رشيدة في مهب العاصفة

مثل عصا موسى

مرة تهتز كجان

وأخرى كثعبان

أسجدوا فراعنة الورود

يا شقائق النعمان

رشيدة لن تعود

***

رشيدة كانت عطر "عنبر"

يخترق الإحساس

يهب على الناس

بأجنحة  هلامية

يطيرمن الفرات  يحط في حي" لافيجري "

ينبجس من أنفاسها

ما زلت أشمه على الوسادة

وعلى القلادة التي تركتها

على أعقاب السجائر

وبقايا أحمر الشفاه على الأكواب

لم أغادرالشواطىء  

أنتظريني في المرفأ القادم...

أحمل قبضة رمل فضي

***

سردار محمد سعيد

نقيب العشاق بين بيخال والبنج آب

.............................

رشيدة = رفيقة جزائرية رحلت قبل قرابة نصف قرن

ديدوش مراد = شارع كبير في العاصمة الجزائرية

لافيجري = حي من أحياء العاصمة مكان سكناي .

 

في نصوص اليوم