نصوص أدبية

فانوسٌ على سِرِّ القصيدة

مصطفى عليما الذي أرجوهُ أو أسعى لَهُ

حينما أكتُبُ نصّاً قد يُسمّى

في الدواوينِ قصيدةْ ؟

إنّهُ محْضُ سُؤالٍ راودَ النفسَ العنيدةْ

أ تُراني ساعِياً كي أهزِمَ الفوضى بروحي

مُستغيثاً بالغناءْ؟

وَهَلِ الإيقاعُ سِحْرٌ

إن سرى في لُغتي الصمّاءِ صارتْ

لإنكسارِ الروحِ والفوضى دواءْ؟

فَأَجِبْني يافُؤادي عن سُؤالي

رُبَّ تبْيانٍ أماطَ اللثْمَ عن سِرِّ الشفاءْ

أ هْيَ حقّاً رغبةٌ للسيْرِ، صمْتاً، والرحيلْ

نحْوَ. أعماقٍ سحيقة

في أقاصي الروحِ فجراً حيْثُ تنسابُ الحقيقةْ

يا نديمي أعطني من وقتكَ الغالي دقيقة

ريْثما أعصِرُ وجداني المُحنّى بالطريقة

عَلّنا نرْتشِفُ السِرَّ المُصفّى أو رحيقهْ

وَ لماذا أستطيبُ البوْحَ موزوناً مُقفّى

والتداعي الحُرُّ أصفى

إن صَفَتْ فينا السليقة .

***

هلْ بقلبي لوعةٌ فيها بقايا

من حَكايا السُنْدُبادْ؟

عن أساطيرِ الصواري والسفائنْ

حينما تعْيى. الجِيادْ

لوعةُ الإبحارِ شوقاً صوْبَ أصقاعِ السريرةْ

باحِثاً عن غامِضٍ

من صدى الإكسيرِ أو يلقى مصيرهْ

كُلَّما ضاعَ مَذاقُ الخُبزِ في تنّورِ قلبي

لُذْتُ بالشعرِ وحيداً

عَلّني ألقى الخميرةْ

وإذا أسدلْتُ جفْناً

عن هُراءِ الراهنِ المألوفِ أو زيْفِ البشرْ

و إذا غابَ بعينيَّ البصرْ

طِرْتُ بالحرْفِ خيالاً

والمجازاتِ جناحاً

موقِداً عَتْمَ الخوافي من قناديلِ البصيرةْ

***

يا حُروفاً سِرُّها قد شدّني

من نياطِ القلْبِ مشْدوهاً الى وادٍ بعبقرْ

مُحْرِماً في قُدُسِ المعنى على الأرضِ الحرامْ

مِثْلَ مُهْرٍ جامِحٍ مُذْ ألفِ عامْ

بينَ توْقٍ للمعاني

وَ تَجَلٍّ في صداها وهُيامْ

كَنَجيٍّ حوْلَ سرِّ الحرْفِ أغواهُ الطوافْ

يعزفُ الالحانَ ثأراً من لياليهِ العِجافْ

مُذْ رأى اللوْحَ بياضاً

بين أحداقِ الشِغافْ

صاحَ يا رُحماكَ قد جفَّ القلمْ

و جبينُ الفجرِ ضوْءٌ يتحدّى

زيْفَ أصداءِ العدمْ

لا تَهِنْ وإغْمسْ يَراعاً

في غضا. حِبْرِ. الوتينْ

أو لظى جمرِ النواصي

فَوْقَ أهدابِ اليقينْ

وإسألِ البحرَ مَداداً وإرتشفْ

زمزمَ المعنى دُموعاً كي تَلينْ

في ندى لحْنٍ شجيٍّ هامسٍ

كوّةِ القلْبِ المُوشّى بالألمْ

***

ها هُنا أو من هناكْ

بينَ أطلالِ المدى والمستحيلْ

للنهاياتِ البعيدة

هامَ في وادي الغواةِ الطيّبينْ

حامِلاً في القلْبِ (إلّا) رُقْيةً. للسادرينْ

فرأى (الضلّيلَ) يحدو موكِباً للغابرينْ

رافعاً فَوْقَ النواصي والمنافي

بيْرقَ الشعْرِ المُسجّى فَوْقَ هاماتِ السنينْ

قَبْلَ أن يرتدَّ طرْفٌ

للفتى الساري على جمْرِ السديمْ

أشْعلَ النارَ بأطلالِ الأُلى قد شرَّفونا

حينما صارتْ رُكاماً

فَوْقَ روحي كالهشيمْ

بغْتَةً مسّتْ قوافيهِ نُسيْماتُ السحرْ

فإمتطى الرؤيا بُراقاً للأقاصي وإعتمرْ

كعبةُ المعنى تراءتْ

من وراءِ الليلِ ما خلْفَ السرابْ

صارَ للقلبِ حضورٌ في دهاليزِ الغيابْ

بَصَرٌ صار حديداً وإنجلى عنه الضبابْ

نفضَ القلبَ المُعنّى من تباريحِ الحنين

و تلابيبِ الجوى والإغترابْ

وأعاصيرِ الندمْ

هُدِّمتْ أجرافُ قلبٍ إن طغى فِيهِ الندمْ

يا جُدارَ القلْبِ فإحذرْ

إنّ إزميلَ الندم

مِثْلَ فأرٍ هدّمَ السَدَّ المنيعْ

هل عرفْتَ السدَّ،أعني، (مأْرباً)

فهوتْ من شُرْفةِ الدنيا عروشٌ في سَبأْ

و بها بلقيسُ تاهتُ

هكذا قَالَ النبأْ

إنّما الخيْباتُ تترى عند تكرارِ الخطأْ

***

من سديمِ الرحلةِ العطشى الى غيْثِ السرائرْ

يبرقُ الفجرُ ضياءً عن مرايا. للضمائر

غُرَرٌ الارواحِ تهمي فَوْقَ أوجاعِ الدفاترْ

إنّهُ السرِّ فدعني أيُّها النائي. المُكابِرْ

وإشربِ الكأسَ دهاقاً نَخْبَ سِرٍّ أو فغادر

سَيّظلُّ السرُّ دمعاً يَتَلظّى في المحاجر

شوكةً تاهت خطاها وإستراحت في الحناجر

فَدَعِ السِرَّ. وفَتّشْ عن دموعي في المحابرْ

***

مصطفى علي

 

 

في نصوص اليوم