نصوص أدبية

نص مُصاب بفيروس جنون البشر!

عاطف الدرابسةقلتُ لها:

أدخلُ في رحابِ الصّمتِ ..

لأقيمَ طقوسَ الأسئلةِ ..

فأبدأُ بسورةِ البُكاء ..

وأغيبُ كصرخةِ طفلٍ في غاباتِ الرّمال ..

أتأمّلُ قُرى الأحلامِ كيفَ دمرّها الطوفان ..

*

أدخلُ في رحابِ الصّمتِ ..

أرقبُ العالمَ المكسوَّ بالغُبار ..

أرى النهايات تلوحُ بالأُفق ..

أرى الدّمار ..

تساورُني الأسئلة :

ما جدوى الحضاراتِ حينَ يُحاصرها القلق ؟

ما الفرقُ يا حبيبةُ بينَ صائدِ الحمام وقاتلِ البشر ؟

*

أدخلُ في رحابِ الصّمت ..

كراهبٍ ..

كقدّيس ..

كحُزن الشّجر ..

لأرى :

كم هو واسعٌ هذا القبرُ !

كم هي ضيّقةٌ أرضُ العرب !

*

أدخلُ في رحابِ الصّمتِ  ..

كأمٍ مزّقها الثُكلُ ؛

لأسألَ السُّفوحَ عن الرعيانِ ..

وعنِ الغنم ..

وأسألُ السّهولَ عن السنابلِ ..

وأسألُ الشّرقَ عن الشّمسِ التي رحلت عن الشّرقِ ..

كما يرحلُ عن النهارِ القمر ..

وأسألُ الطّريقَ الخاويةَ إلّا من أوراقِ الشّجر ..

عن الرّفيقِ ..عن الصّديقِ .. عن الجارِ .. عن القريبِ ..

عن الغريبِ الذّي مرَّ من هنا فأشعلَ الطّريقَ بالحريقِ ..

ورحل ..

*

أدخلُ في رحابِ الصّمتِ ..

كعجوزٍ وشمَ الزّمن على جبينها ..

خريطةَ العرب ..

لأسألَ عن خريفِ التّاريخِ ..

عن اتّصالِ الألم ..

عن انكسارِ النّاي ..

عن تشتُّتِ النّغم ..

عن فرقٍ وحيدٍ بينَ وجودِ العربِ والعدم ..

***

د.عاطف الدرابسة

 

في نصوص اليوم